جرب المصريون - على مدار سنوات - كيف تسعى بعض الأصوات والقوى للتلاعب والتشكيك وفشلت كل هذه المحاولات، واكتشف كل من شككوا أنهم راهنوا على سراب، فمع وحدة الشعب المصرى وثقته فى نفسه وفى مؤسسات الدولة، عبر المصريون كل العراقيل، وخرجوا منتصرين فى معارك صعبة، أهمها معركة التنمية ومواجهة المشكلات المزمنة، التى بدت نوعا من الواقع لا يمكن تغييره، ولا تختلف قضية سد النهضة، وحقوق مصر المائية، عن بقية القضايا والتحديات السابقة.
تصر الدولة المصرية على حسم الموقف من سد النهضة، والذى يتعلق بقضية وجودية لا يمكن التفريط فيها، ولا يعنى الصبر وضبط النفس، غياب سيناريوهات التعامل وامتلاك القدرة على الفعل، صبر الدولة يأتى من واقع الحرص على العلاقات مع دول حوض النيل، وتفضيل التعاون والعمل الجماعى على الصدام والتصرفات الفردية التى لن تقود فى النهاية إلا لتحقيق مصالح ضيقة، يمكن أن تهدد الأمن والسلم الأفريقى والإقليمى والدولى، مصر تتصرف فى قضية السد كدولة كبيرة ذات وزن وثقل، وقدرة تترتب عليها مسؤولية وطريقة فى التصرف والعمل السياسى.
كل هذه الحقائق يدركها من يتابع بشكل واضح التعامل مع ملف وجودى مثل ملف المياه، مصر تستند إلى القانون الدولى، والقوانين المنظمة للأنهار العابرة للحدود، وحقها التاريخى الممتد عبر آلاف السنين، مع التأكيد أن قضية المياه مصيرية، ولا يمكن التهاون فيها، أو تجاهل خطرها وتأثيراتها على حياة المصريين، والشعب المصرى يقف خلف الدولة ومؤسساتها والرئيس عبدالفتاح السيسى، فى هذه القضية الوجودية، بل إن المصريين يدركون كيف تحاول القوى والتنظيمات المعادية ممارسة الدسائس والوقيعة وتشكيك الشعب المصرى فى قدراته وإمكانيات الدولة لحسم كل الملفات المتعلقة بالأمن القومى.
الشعب المصرى يبنى ثقته فى الدولة وقراراتها، على تجارب وتصرفات 8 سنوات، قطعت فيها الدولة مسافات وانتصرت على تنظيمات إرهابية ودول وأجهزة أنفقت عشرات المليارات وفشلت فى هز ثقة المصريين بأنفسهم ومؤسساتهم، المصريون هزموا إرهابا نجح فى تفكيك دول، وانتصروا على أزمات اقتصادية، وتحملوا إصلاحا اقتصاديا صعبا، وانتصروا على الفيروسات والعشوائيات، واللجان الإلكترونية والتشكيك، لأنهم وثقوا فى قدراتهم.
المصريون يراهنون على قدراتهم، ولا تفاجئهم مواقف دول، أو تحركات هنا وهناك، لأن كل المعلومات واضحة، والمواقف ظاهرة، والتصورات والسيناريوهات جاهزة، وتحرص مصر - من خلال التحرك دوليا أو أوروبيا - على شرح وجهة نظرها، وتقديم كل الدلائل على صحة مواقفها، ومدى حرصها على العلاقات المشتركة أفريقيًّا وعربيًّا، وأيضا الحرص على السلم والأمن الأفريقى والإقليمى.
مواقف مصر حاسمة لم تتغير، التمسك بحقوق الشعب المصرى المائية باعتبارها أمنا قوميا لا يمكن التفريط فيها أو قسمتها، توازيا مع تحرك «مصرى - سودانى»، قائم على القانون الدولى، متمسكين بالعلاقات لأقصى مدى، وضد أى تحركات فردية يمكن أن تنزع أى جزء من حق البلدين فى المياه، مع اقتناع واصطفاف شعبى خلف الدولة فى هذه القضية الوجودية.
ولا ينطلق الموقف المصرى المتمسك بالصبر من ضعف، أو تراجع، بقدر ما يقوم على التمسك بخيوط العلاقات التى تربط شعوب حوض النيل، وتمتلك الدولة القدرة والآليات التى تمكنها من الدفاع عن حقوقها كاملة بلا انتقاص، وهو ما أكده الرئيس عبدالفتاح السيسى، مرات، أن مصر لن تقبل انتقاص نقطة مياه واحدة من حق المصريين.
ومثلما فشلت قوى التلاعب والتطرف وحلفاء الإرهاب فى تشكيك المصريين أو تقليل ثقتهم بأنفسهم، فإن تلك القوى تخوض اليوم إحدى معاركها الفاشلة، هى ذاتها الأدوات واللجان والشائعات، بينما الدولة المصرية لا تلتفت وتتحرك للأمام، وتمتلك قدراتها ومعلوماتها ومؤسساتها، التى لم تخذل المصريين أبدا، وسوف تنتهى قضية سد النهضة لتلحق بسابقاتها، بفضل ثقة المصريين واتحادهم، وإدراكهم لمعنى خوض معارك الوجود والقدرة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة