إشادة صينية كبيرة، أعرب عنها وزير الخارجية الصينى وانغ يى، بالدور الذى تلعبه جامعة الدول العربية، برئاسة أمينها العام أحمد أبو الغيط، فى صيانة السلام والاستقرار، فى منطقة الشرق الأوسط، فى انعكاس صريح لإدراك المجتمع الدولى، للجهود الكبيرة التى يبذلها "بيت العرب"، فى مواجهة الأزمات التى تواجه المنطقة، والتى تحمل تداعيات كبيرة، عليها، ليس فقط على المستوى السياسى، وإنما لها تبعات أخرى، اقتصادية واجتماعية، والتى تجلت فى أبهى صورها، مع اندلاع أزمة فيروس كورونا، بالإضافة إلى الصراعات التى ضربت العديد من الدول العربية، خلال العقد الأخير، منذ ما يسمى بـ"الربيع العربى".
ولعل اللقاء الذى جمع بين الأمين العام لجامعة الدول العربية، ووزير الخارجية الصينى وانغ يى، فى مدينة العلمين، فى إطار الزيارة الحالية التى يقوم بها المسئول الصينى إلى مصر، تمثل انعكاسا صريحا لاهتمام بكين البالغ بتوطيد علاقتها مع الجانب العربى، عبر مسارين متوازيين، أولهما، فرديا، من خلال التقارب مع الدول بشكل فردى، بينما يقوم المسار الثانى على الصورة الجماعية، والتى تتجسد فى جامعة الدول العربية، وهو الأمر الذى يتجلى عبر العديد من الصور، منها الحرص على تنظيم منتدى عربى صينى، بالإضافة إلى تقديم الدعم للمواقف التى يتبناها "بيت العرب"، تجاه القضايا العربية المشتركة، فى انعكاس صريح لمباركة بكين للدور الإيجابى، الذى تلعبه الجامعة فى المرحلة الراهنة، من أجل مجابهتها.
لقاء أبو الغيط مع وزير الخارجية الصينى
وعلى الجانب الآخر، يبقى حرص جامعة الدول العربية، على التقارب مع الصين، تجسيدا لإدراك إدارتها الحالية لأهمية بكين، ليس فقط كقوى اقتصادية كبيرة، وإنما أيضا لقدرتها الكبيرة على تشكيل خريطة النظام الدولى الجديد، فى ظل نجاحها المنقطع النظير على تقديم نفسها للعالم باعتبارها قوى قادرة على المزاحمة فى قيادة العالم، فى المرحلة المقبلة، خاصة بعد الدور الكبير الذى قدمته ليس فقط على المستوى السياسى، أو الاقتصادى، ولكن أيضا مع نجاحها فى مجابهة أزمة كورونا التى اندلعت من أراضيها، حتى تمكنت من القضاء عليها فى الداخل، لتقدم نفسها بعد ذلك كقوى إغاثية تقدم الدعم للدول المنكوبة، وهو الأمر الذى لا يقتصر على الدول النامية، وإنما أيضا للعديد من الدول المتقدمة، التى لم تسعفها إمكاناتها على مجاراة الأعداد الكبيرة وغير المتوقعة للمصابين.
من جانبه، علق الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكى على جلسة المحادثات التى عقدت اليوم، على حسابه بموقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، بقوله إن الجلسة كانت مثمرة ومفيدة، موضحا أن الصين تلعب دورا متعاظما فى مساعى تسوية المشكلات والمنازعات حول العالم، مشيرا إلى أن العلاقة بين الجامعة العربية والصين فى أوجها.
ويعد الحديث عن أزمة كورونا كان محورا للمحادثات التى أجراها أبو الغيط مع وزير الخارجية الصينى، فى العلمين، حيث شهد اللقاء إشادة كبيرة بالتعاون القائم على مواجهة الجائحة، بينما اهتما فى المقابل بتطوير مستوى التعاون، ليتجاوز مرحلة الحصول على اللقاح إلى مستوى جديد يقوم على تقديم الدعم للدول العربية، لإنتاج اللقاحات محليا، مع رفض مشترك لتسييس الوباء، والدعوة لتضافر الجهود الإقليمية والدولية فى مجال تقديم المساعدات الإنسانية.
وفى السياق نفسه، تبقى قضية "التنمية المستدامة"، أحد أبرز الأولويات فى أجندة الجامعة العربية، وهو ما يثير الانتباه إلى مبادرة "الحزام والطريق"، فى ظل ما تقدمه من فرص واعدة للتعاون والمنفعة المشتركة، وهو ما لقى ترحيبا كبيرا من بكين، والتى أكدت ترحيبها بمواصلة التعاون مع "بيت العرب"، من أجل التجاوب مع متطلبات العصر، وبناء المجتمع العربى الصينى للمستقبل المشترك بما يسهم فى بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.
وشهد اللقاء دعوة إلى تطوير المنتدى العربى الصينى، والذى يعقد كل 3 سنوات على المستوى الوزارى، عبر الإعداد والتحضير إلى اجتماع مشترك على مستوى القمة، تستضيفها المملكة العربية السعودية فى العام المقبل، على اعتبار أن هذه القمة المرتقبة تمثل نقلة نوعية للارتقاء بالعلاقات العربية الصينية والشراكة الاستراتيجية العربية الصينية إلى آفاق أرحب، وبما يخدم المصلحة المشتركة للجانبين.
وفى محاولة لتفادى عيوب المرحلة الدولية الحالية، والتى قامت على التسييس، واستغلال القضايا الإنسانية للتدخل فى شئون الدول الأخرى، سعى الجانبان العربى والصينى إلى التأكيد على ضرورة الالتزام بالمبدأ الدولى القائم على احترام سيادة الدول وعدم التدخل فى شئونها الداخلية، ورفض تسييس قضايا حقوق الانسان واستخدامها كأداة لممارسة الضغوط على الدول والتدخل فى شؤونها الداخلية، والعمل على تعزيز التضامن والتعاون، وعدم اعتماد النهج الأحادى، والدفاع عن العدالة الدولية، وصيانة المصلحة العامة للدول النامية والدفاع عن حقوقها التنموية المشتركة، وصيانة المنظومة الدولية تحت إدارة الأمم المتحدة، والعمل سويا على تعزيز الاحترام المتبادل والعدالة والانصاف والتعاون والكسب المشترك فى العلاقات الدولية.
ولم تغب القضية الفلسطينية عن أجندة اللقاء، حيث أكد الجانبان على ضرورة الالتزام بحل عادل للقضية، وتأسيس الدولة الفلسطينية على حدود 4 يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، والدعوة لعقد مؤتمر دولى للسلام، بالإضافة إلى ضرورة احترام سيادة الدول العربية الأخرى، ووحدة أراضيها، وعلى رأسها سوريا واليمن وليبيا والعمل على تعزيز أمنها وسيادتها على أراضيها ومواردها الطبيعية، ودعم الجهود التى تبذلها الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية فى هذا الشأن.
ودعا الجانبان إلى دعم جميع الجهود الرامية إلى منع انتشار الأسلحة النووية، وأسلحة الدمار الشامل الأخرى، والتأكيد على أهمية تعزيز مصداقية معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وضرورة تعزيز التعاون فى إطار الأمم المتحدة والمعاهدة المذكورة أعلاه، بالإضافة إلى العمل المشترك على مكافحة الإرهاب وإدانة كافة أشكاله وصوره وعدم ربطه بأى عرق أو دين أو جنسية أو حضارة، واقتلاع جذوره وتجفيف منابعه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة