الاصطفاف الوطنى الكبير وراء القيادة السياسية يعطى الموقف المصرى ثقلا عربيا ودوليا
الدولة المصرية تمد يدها إلى إثيوبيا بالتعاون والشراكة من خلال اتفاق قانونى ملزم لملء وتشغيل سد النهضة
الدبلوماسية المصرية نجحت فى وضع المجتمع الدولى أمام مسؤولياته من خلال عرض القضية بمجلس الأمن
المجتمع الدولى يرفض التعنت الإثيوبى ويتبنى موقفا مساندا للحقوق المصرية والسودانية
كانت العيون والقلوب معلقة تنتظر ماذا سيقول الرئيس عبدالفتاح السيسى، حول الموضوع الأكثر أهمية فى حياة المصريين، حقوق مصر فى نهر النيل وما إذا كانت ستتأثر بسبب سد النهضة الذى تبنيه إثيوبيا على النيل الأزرق، وترفض مشاركة دولتى المصب مصر والسودان فى البيانات الخاصة بتشغيله وملئه، وتراوغ لكسب الوقت وعدم توقيع اتفاق قانونى ملزم يحافظ على حقوقها وحقوق دولتى المصب معا.
نعم كانت العيون والقلوب تنتظر ماذا سيقول الرئيس، خاصة أن الكلام كثير ومحاولات التشكيك فى القدرات المصرية والحقوق المصرية على السوشيال ميديا كبيرة ومستمرة منذ سنوات، فى إطار حرب الشائعات والمعلومات المغلوطة التى نواجهها، لكن الكلمات الواثقة خرجت من فم الرئيس بردا وسلاما على القلوب والعقول: «المساس بأمن مصر القومى خط أحمر ولا يمكن اجتيازه شاء من شاء.. وأبى من أبى»، «ممارسة الحكمة والجنوح للسلام لا يعنى بأى شكل من الأشكال السماح بالمساس بمقدرات هذا الوطن»، «ولدينا فى سبيل الحفاظ عليه خيارات متعددة نقررها طبقًا للموقف وطبقًا للظروف».
كان الرئيس السيسى يجدد العهد والوعد للمصريين الذين حملوه مسؤولية الوطن وأمانته، ووضعوا على كتفيه أحلامهم كلها وما أثقلها، وكان الرئيس صادقًا كالعادة واضحًا، وواثقًا أيضًا رغم كل الظروف الصعبة والجبهات المفتوحة، ووجه حديثه للمصريين، قائلًا: «مصر دولة كبيرة ولا يليق بنا أن نقلق أبدًا.. عيشوا حياتكم».
الرئيس السيسى يتفهم دائمًا قلق المصريين حول مقدرات حياتهم وفى مقدمتها نهر النيل، ويعلم أن الاستفزازت كبيرة ومحاولات التشكيك فى قدراتنا مستمرة والأطماع فى حقوقنا قائمة، لكنه وهو الواثق فى قدرات الدولة المصرية التى شهدت طفرات جبارة على يديه، يريد أن ينقل رسالة طمأنة إلى عموم المصريين المنتظرين كلماته، ويريد أن يقول لهم إن ملف سد النهضة تديره أفضل العقول والخبرات فى الدولة المصرية، ولا تترك هذه العقول احتمالًا إلا ودرسته كثيرًا، وخططت لمواجهته طويلًا، ووضعت الحلول المتعددة التى تجعل منه جزءًا من رصيد هذا الوطن لا خصمًا من رصيد قوته وأمنه وقدرته.
الرئيس السيسى، وهو ينقل رسالة الطمأنة الواثقة إلى عموم المصريين، كان يبعث برسالة أخرى إلى الجانب الإثيوبى، يدعو فيها إلى تغليب روح التعاون والمشاركة والتفاهم على أوهام الاستئثار بالقرار وبيع الوهم للإثيوبيين بأن بمقدور دولة واحدة أيا كانت يمكنها الاستئثار بالنيل وتحويله من نهر دولى إلى بحيرة داخلية، فكانت دعوة الرئيس إلى الجانب الإثيوبى بتوقيع اتفاق قانونى ملزم حول ملء سد النهضة وتشغيله مجددا من استاد القاهرة، شاهدا على رغبة مصر فى التعاون مع دول حوض النيل، وحرصها على أن تكون كل الدول الأفريقية مرتبطة بشراكات للتنمية بدلا من الصراعات المدفوعة من الخارج، والموظفة لمصالح سياسية خارجية لا يهمها حاضر ومستقبل الشعوب الأفريقية.
الحفاظ على مقدرات الوطن
شهدت العلاقات المصرية الأفريقية تدهورا كبيرا بعد محاولة اغتيال الرئيس المصرى الأسبق حسنى مبارك، فى أديس أبابا عام 1995، وتراجع الاهتمام بتنمية العلاقات مع دول حوض النيل، ومع المجال الحيوى الأفريقى لمصر، الأمر الذى سمح للأعداء التقليديين بالتسلل وبناء الشراكات مع الكثير من دول القارة الأفريقية المهمة لمصر، ومنها علاقات تتسبب فى أضرار اقتصادية وسياسية للمصالح المصرية، خاصة أن أفريقيا التى باتت مطمعا اقتصاديا للدول الكبرى لم تعد أفريقيا الزعامات التاريخية التى كانت تدور فى الفلك المصرى خلال عهد الرئيس جمال عبدالناصر.
كما شهدت العلاقات المصرية الأفريقية انهيارا بعد 2011 ومجىء الإخوان إلى الحكم فى مصر، ولعلكم تذكرون الاجتماع الفضيحة الذى عقده مرسى العياط المعزول ومجموعة من الأذناب ووصفه بالاجتماع السرى، وكان منقولا على الهواء مباشرا وأصبح وثيقة وحجة ضد الدولة المصرية واستخدمته إثيوبيا للإسراع فى وتيرة بناء سد النهضة وتعليته أكثر مما هو مقرر له، بل وشكوى مصر فى المحافل الأفريقية والدولية.
وعندما تولى الرئيس السيسى فى 2014، كان يضع نصب عينيه الحفاظ على جميع مقدرات وحقوق الدولة المصرية، وإعادة السيطرة على مجالات أمنها القومى وحقوقها الثابتة، ومن ثم شرع يسابق الزمن لترميم علاقات الدولة المصرية مع محيطها الأفريقى، والعودة سريعا إلى اكتساب ثقة الدول الأفريقية وبناء العلاقات الجديدة معهم على أساس الشراكة والتعاون ونقل الخبرات المصرية للأشقاء الأفارقة، ومن ثم تحولت مصر فى غضون سنوات قليلة من دولة عضويتها معلقة فى الاتحاد الأفريقى، إلى دولة تترأس الاتحاد الأفريقى، وتقوم على تفعيل أجندة فعالياته وخططه المستقبلية، وبالفعل كانت مصر خلال رئاستها للاتحاد الأفريقى نموذجا للقيادة التى تقدم الحلول والخبرات والمبادرات إلى أشقائها الأفارقة، واستطاعت بالفعل إعادة الزخم المصرى إلى القارة الأفريقية، وبناء الكثير من علاقات التعاون، ومن ضمنها علاقات التعاون مع الدولة الأثيوبية وتوقيع اتفاقية المبادئ الخاصة بسد النهضة وهى الاتفاقية التى ذهبت الدولة المصرية بمقتضاها إلى مجلس الأمن لتجعل من قضية سد النهضة قضية دولية، وتضع المجتمع الدولى أمام مسؤولياته.
نعم الدولة المصرية تعتمد سياسة رشيدة فى عالم يموج بالفوضى لكنها تراهن دائمًا على انتصار الخير وروح التعاون والشراكة على دعوات التصادم الموظفة سياسيًا، وهى تعد العدة دائمًا لكل حادث وموقف، لكنها تحمل رؤية تنموية شاملة للقارة الأفريقية وتطرح دائمًا أمام دول حوض النيل مشروعات للتعاون تجعل الدول المشاطئة له تنعم بفرص تنموية أفضل، وفى الوقت نفسه، لا يقبل الرئيس السيسى والدولة المصرية أن تطغى دولة ما وتتصور أن بمقدورها إنجاز مشروعاتها التنموية من خلال المنطق الاستعمارى الموروث الذى لا يعبأ بحقوق الآخرين، ويوقع بهم الأضرار الجسيمة.
معركة دبلوماسية كبيرة
الدولة المصرية تسعى بقوة للتعاون مع جميع الدول الأفريقية، خاصة دول حوض النيل وفى مقدمة دول الحوض إثيوبيا، لكنها ترفض أن تتخذ دولة من دول حوض النيل قرارات تضر بالحقوق التاريخية الثابتة لمصر فى مياه النيل، أو تنكر هذه الحقوق وتريد أن تضعها موضع المراجعة، وعندما اعتمدت إثيوبيا تحت قيادة آبى أحمد نهج المراوغة ومحاولة استخدام قضية السد لبيع الأوهام للشعب الإثيوبى وتصدير العداء لمصر لتحقيق مكاسب سياسية مؤقتة، من خلال الزعم بأن إثيوبيا تمتلك نهر النيل ومن حقها إقامة أى مشروعات عليه دون الرجوع لدولتى المصب أو دون الاعتبار بالحقوق التاريخية الثابتة للدولة المصرية، هنا وقفت الدولة المصرية وقفة حاسمة وتحركت أفريقيا دوليا لشرح قضيتها العادلة، وهى قضية وجودية تتعلق بمصير نحو مائة وخمسين مليون إنسان فى مصر والسودان ترتبط حياتهم وبقاؤهم بتدفق نهر النيل تدفقا طبيعيا دون تعطيل أو إعاقة.
الدولة المصرية، وفى إطار تغليب روح التعاون والشراكة مع إثيوبيا ودول حوض النيل، ارتضت الذهاب إلى المفاوضات الثلاثية تحت رعاية الاتحاد الأفريقى، بعد أن ظلت ولمدة عشر سنوات تطرح الحلول الفنية والإجراءات القانونية ومشروعات القرارات على إثيوبيا، ومنها الموافقة على وجود مراقب يرعى الاتفاقيات الموقعة وذهبنا معهم إلى مفاوضات واشنطن تحت رعاية الرئيس السابق ترامب، ووقعت مصر الاتفاقية الثلاثية بالأحرف الأولى فى سعى لتأكيد حسن نيتها ورغبتها فى التعاون والشراكة مع إثيوبيا، لكن المسؤولين الإثيوبيين غادروا فى اللحظات الأخيرة ورفضوا التوقيع بغرابة أدهشت العالم كله لدرجة أن الرئيس الأسبق ترامب أطلق تصريحه الشديد اللهجة لإثيوبيا آنذاك، فى اتصال هاتفى مشترك مع المسؤولين الإسرائيليين والسودانيين على الهواء مباشرة، أعلن ترامب أن الاستفزازات الإثيوبية الكبيرة تمس أمن ووجود المصريين «إنه وضع خطِر جدًا، لأن مصر لن تكون قادرة على العيش بهذه الطريقة»، مضيفًا «سينتهى بهم الأمر إلى تفجير السد، قُلتها وأقولها بصوت عال وواضح: سيفجرون هذا السد، وعليهم أن يفعلوا شيئا»، مبديا أسفه لأن مصر كانت تشهد اضطرابا داخليا عندما بدأ مشروع سد النهضة الإثيوبى عام 2011.
إذن، حتى فى وجود ما أسماه البعض تفهما عالميا لحقنا فى الدفاع عن مقدراتنا، لجأت الدولة المصرية إلى مجلس الأمن وشرحت موقفها بوضوح لتضع العالم أمام مسؤولياته، وفى الوقت نفسه تقول لإثيوبيا إن الوقت لم يفت بعد، وبمقدورنا جعل سد النهضة أحد المشروعات التنموية المشتركة على نهر النيل، وضمن الاستراتيجية المصرية التى تغلب الشراكة والتعاون مع الدول الأفريقية.
اصطفاف وطنى خلف الرئيس
الاصطفاف الوطنى خلف القيادة السياسية المصرية فى قضية سد النهضة، من أهم عناصر القوة المصرية عند التعامل مع الملف، سواء فى المفاوضات المباشرة مع إثيوبيا أو فى مجلس الأمن أو عند عرض القضية على المجتمع الدولى والقوى الكبرى، والاصطفاف الوطنى خلف القيادة السياسية المصرية واضح ومؤكد، ربما عبر عنه فى أبرز صوره ذلك التفويض النيابى الذى أصدره مجلس النواب منذ أيام للرئيس السيسى فى اتخاذ ما يراه مناسبا لحماية الأمن القومى المائى المصرى، وفى مواجهة أزمة «سد النهضة» الإثيوبى، حيث أكد نواب الشعب على الثقة الكاملة فى القيادة السياسية فى اتخاذ القرار المناسب فى الوقت المناسب.
وعبر نواب الشعب عن إدراكهم المخاطر والتحديات المحيطة، وكيف أنها ليست قاصرة على مسألة المياه إنما هناك أهداف سياسية لضرب المشروع المصرى، لكنهم فى الوقت نفسه أعربوا عن ثقتهم الكبيرة فى حكمة وموضوعية وحرص القيادة السياسية على أمننا القومى وحقوقنا التاريخية، وقدرة صانع القرار على اتخاذ القرار السليم فى الوقت المناسب.
لم يكن هذا الاصطفاف الوطنى خلف القيادة السياسية فى ملف سد النهضة، موقفا منفردا من نواب البرلمان المصرى بمجلسيه، بل كان موقفا عاما لعموم المصريين سواء كانوا من اليمين أو اليسار أو غير منتمين لأحزاب سياسية، فالمصريون الآن على قلب رجل واحد يدركون كل أبعاد قضية سد النهضة، ويصطفون خلف القيادة السياسية وهم واثقون فى قدرتها على اتخاذ ما يلزم من قرارات فى التوقيت المناسب لحماية وجود مائة وخمسين مصرى فى مصر والسودان.
كما لم يكن هذا الاصطفاف الوطنى خلف القيادة السياسية المصرية غريبا على المصريين، فهم الذين أيدوا وناصروا الرئيس عبدالفتاح السيسى بعد ثورة 30 يونيو، وطالبوه بالترشح وتحمل المسؤولية فى أصعب الظروف، وهم الذين وقفوا خلفه وأيدوه وناصروه فى حربه على الإرهاب فى الداخل وعلى حدودنا الأربعة، وهم الذين أيدوه وناصروه فى معركة الإصلاح الاقتصادى الشامل وتحملوا الآثار الجانبية للإصلاح بشجاعة، حتى عبرنا المراحل الصعبة وبدأنا فى جنى ثمار الإصلاح وأولها الصمود أمام جائحة كورونا.
الاصطفاف الوطنى خلف القيادة السياسية، هو الداعم الأول وعنصر القوة الأبرز، ولم يكن ليجتمع الدعم العربى والدولى حول الدولة المصرية فى مطالبها العادلة بشأن قضية سد النهضة لو لم يكن المصريون على قلب رجل واحد خلف قيادتهم يثقون فى قدرة الرئيس على المضى بسفينة البلاد نحو شاطئ الأمان، مثلما حدث فى المعارك الوجودية والسياسية والاقتصادية السابقة.
الموقف الدولى الداعم للحق المصرى
الدولة المصرية لا تترك شيئا للظروف وهى تبنى سياستها السلمية التى تقوم على التعاون والشراكة مع الجميع، خاصة فى محيطها الأفريقى، على قوة وقدرة دبلوماسية وعسكرية، تحمى الأهداف وتصون المصالح وتردع كل من تسول له نفسه العبث بمقدراتنا أو الجور على حقوقنا أو تهديد أمننا القومى.
وخلال السنوات التى كانت الدولة المصرية تتفاوض فيها مع إثيوبيا وتتحمل مراوغاتها ومحاولاتها الانفلات من أى اتفاقية قانونية ملزمة حول ملء وتشغيل سد النهضة، كانت الدولة المصرية تضع العالم أجمع فى الصورة، وتشهد الدول أعضاء الأمم المتحدة على تفاصيل المفاوضات والمراوغات الإثيوبية، وعندما وصلنا إلى جلسة مجلس الأمن، كانت المواقف المصرية تحظى بتأييد ودعم كاملين من الأغلبية الكاسحة من الدول، لعدالة قضيتها أولا ولقدرتها على الحشد والاستعراض وشرح أبعاد القضية أمام ممثلى المجتمع الدولى، خاصة أنها لم تستخدم أبدا لغة التهديد والعدوان كما يفعل بعض المسؤولين الإثيوبيين، بل تعلى دائمًا من خطاب التعاون والشراكة بين دول المنبع ودولتى المصب.
لذا لم يكن غريبًا أن يعلن الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبى، جوزيب بوريل، عن أسف الاتحاد عن الخطوة الأحادية التى اتخذتها إثيوبيا بالملء الثانى للسد بدون اتفاق مسبق بين الأطراف المعنية، وأن يصرح ألكسندر شالينبرج وزير خارجية النمسا، بأن أمر سد النهضة معقد، ولا يجب على إثيوبيا أن تلعب بالنار فى شأن أزمة سد النهضة، خاصة أن نهر النيل مسألة حياة ووجود لمصر، موضحا أن نهر النيل ليس ملكا لدولة معينة، ولا يمكن لدولة أن تتحكم فى نهر النيل، وأن الخلافات بسبب السد قد تقود لما لا يحمد عقباه، وأن الاتحاد الأوروبى منزعج بشدة لما تقوم به إثيوبيا من تصرفات أحادية.
كما اتخذت الخارجية الأمريكية موقفًا داعمًا للمطالب المصرية بضرورة وجود اتفاق قانونى ملزم بشأن تشغيل وملء سد النهضة، خاصة فى سنوات الجفاف والجفاف الممتد، وهو ما أعلنه ساميويل وربيرج، المتحدث الإقليمى باسم الخارجية الأمريكية، بقوله إن الولايات المتحدة ترى أن أزمة سد إثيوبيا مهمة، ويجب أن يتم حلها، وأنه لا بد أن يكون هناك توافق حول الإطار الزمنى من أجل الوصول لاتفاق بشأن السد، مضيفا أن مياه النيل مهمة لمصر والسودان، وأن الولايات المتحدة ترى ضرورة الحل بين الدول الثلاث فى أزمة سد النهضة الإثيوبى، ومستعدون لتقديم المساعدات من أجل استعادة مسار المفاوضات، وأنه يجب حدوث اتفاق بين الدول الثلاث لحل أزمة السد، وتابع ساميويل وربيرج، أن الولايات المتحدة ستستمر فى الحوار مع الدول الثلاث من أجل استمرار المفاوضات بشأن أزمة السد، وأنه على جميع أطراف أزمة السد الإثيوبى عدم اتخاذ إجراءات أحادية الجانب، وهو الموقف نفسه الذى عبر عنه مبعوث الاتحاد الأوروبى لإثيوبيا بيكا هافيستو، بقوله إن أزمة نهر النيل خطيرة بكل تأكيد والحلول التفاوضية هى الضمان للاستقرار، وأننا طرحنا عدة حلول للتوصل لاتفاق ملزم بشأن ملء وتشغيل السد، وطرحنا سقفا زمنيا للوصول لاتفاق بين الدول الثلاث فى أزمة السد.
إذن، يمكننا القول إن أبعاد الصورة حول قضية سد النهضة محكومة بالقوة والقدرة المصرية، وهى قوة رشيدة وقدرة واثقة تغلب الحوار والتفاوض والشراكة، لكنها لا تفرط فى حقوقها وتعلن أمام العالم بوضوح وشفافية كل تفاصيل القضية وتحظى لذلك بالدعم والتأييد الدوليين، وفى الوقت نفسه تفتح الباب من جديد أمام إثيوبيا للعودة إلى المفاوضات المحكومة بسقف زمنى وأهداف محددة فى مقدمتها التوصل لاتفاق قانونى ملزم بشأن تشغيل وملء سد النهضة حتى لا يتضرر طرف من الأطراف الثلاثة، فإذا كانت التنمية حق من حقوق إثيوبيا، فإن الحق فى الحياة والاستمرار المرهونين بتدفق النيل لمصر أسبق وأجدر بالالتفات عند الجلوس لمائدة المفاوضات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة