لا تزال الساحة التونسية تموج بالعديد من الاحداث المتلاحقة منذ إعلان الرئيس التونسى قيس سعيد قراراته التاريخية للقضاء على هيمنة الإخوان ممثلين فى حركة النهضة، ففى الوقت الذى يواصل فيه الرئيس التونسى قيس سعيد مسيرته لإعادة الاستقرار لدواليب العمل فى البلاد، حيث أصدر الخميس أمرا رئاسيا يقضى بتكليف رضا غرسلاوى، بتسيير أعمال وزارة الداخلية، وأدى رضا غرسلاوى المكلف بتسيير وزارة الداخلية التونسية، مساء الخميس، اليمين الدستورية أمام قيس سعيد، طبقا للفصل 89 من الدستور.
وعقب تأدية غرسلاوى اليمين الدستورية، قال الرئيس التونسى أنه اتخذ التدابير الاستثنائية، "لضمان استمرارية الدولة"، كما أصدر الرئيس قرارا بإعفاء المدير العام للمصالح المختصة التابع لوزارة الداخلية (مدير المخابرات) الأزهر لونقو من مهام مناصبه، وتكليف محمد الشريف المدير المركزى للاستعلامات العامة بمنصب مدير عام للمصالح المختصة بوزارة الداخلية بالنيابة خلفا لـ"لونقو".
فى تلك الاثناء تصر حركة "النهضة" الإخوانية فى تونس وزعيمها راشد الغنوشى، على استخدام العنف، حيث هدد الغنوشى، الجمعة، بزعزعة استقرار تونس وعودة العنف والإرهاب إلى الشوارع إذا لم يتراجع الرئيس قيس سعيد عن قراراته. وفق"العربية".
وفى مقابلة مع صحيفة "كورييرى ديلا سيرا" الإيطالية، قال الغنوشي: "لا يمكننا ضمان ما سيحدث فى تونس" ملمحا بإعادة نيران العنف للاشتعال، فيما هدد إيطاليا وأوروبا من تداعيات ما سيحدث فى تونس إذا لم يتراجع الرئيس عن قراراته، وهدد الغنوشى إيطاليا وأوروبا قائلا: 500 ألف تونسى سيتدفقون نحوكم بوقت قصير، كما شدد بالقول: "سنرفض تعيين أى رئيس وزراء لتونس من دون موافقتنا".
وأشار إلى أنه فى حال عدم عودة البرلمان وتكوين حكومة يتم التوافق عليها فإنه سيدعو الشارع للدفاع عن ديمقراطيته، مشددًا على أنه "لا شرعية لحكومة لا تمرّ بالبرلمان".
عزلة النهضة
بينما أقر القيادي في النهضة سمير ديلو، بأن حركته تعيش الآن فى عزلةٍ وذلك على خلفية تفعيل الرئيس قيس سعيد الفصل 80 من الدستور وإعلانه تجميد البرلمان ورفع الحصانة عن جميع نوابه وإعفاء رئيس الحكومة وتوليه مهام السلطة التنفيذية.
وحمل ديلو قيادات حركته في إشارة إلى زعيمها راشد الغنوشى، مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع بالبلاد، داعيا "إلى إبداء ما يكفى من الحكمة للمساهمة فى تفادى الأسوأ بعد الفشل فى إبداء ما يكفى لمنع ما حصل"، على حد قوله.
وكان أنصار حركة النهضة الإخوانية قد حاولوا، عقب إصدار قرارات الرئيس قيس سعيد، اقتحام مقر البرلمان التونسى، فى مشهد يؤكد عنف الجماعة بتونس ودعت الحركة أنصارها للاحتشاد، وأكد أنصار الحركة الإخوانية تسلقوا أسوار البرلمان من أجل محاولة اقتحامه، وسط انتشار أمنى مكثف، كما ألقى أحد أنصار حركة النهضة أحد المحتجين كان يحمل علم تونس من على سطح مقر الحركة فى القيروان.
وفى وقت سابق اعترف زعيم حركة "النهضة" بارتكاب أخطاء خلال الأعوام الماضية فى المجاليْن الاقتصادى والاجتماعى، مؤكّدًا أن حزبه يتحمل جزءًا من المسؤولية.
أحزاب مساندة لقيس سعيد
فيما أطلقت 5 أحزاب مساندة للقرارات التى اتخذها الرئيس التونسى قيس سعيد، مشاورات لتشكيل جبهة سياسية واسعة لاستكمال مسار 25 يوليو بعد تفعيل الفصل 80 من الدستور وتجميد البرلمان.
وأفاد الأمين العام لحزب التيار الشعبى زهير حمدى، أن حركة الشعب، وحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد، وحزب البعث، وحركة تونس إلى الأمام إلى جانب حزبه، "قد عقدت الخميس، اجتماعًا أوليا للتشاور وتوحيد النظر فى التمشى الذى يجب اتباعه لتصحيح مسار الثورة الذى حادت به حركة النهضة طيلة 10 سنوات، وفق تصريح ليومية "المغرب" الصادرة الجمعة.
أكد حمدى أن ممثلي هذه الأحزاب اعتبروا أن تصحيح المسار يقتضى صياغة خارطة طريق لتجاوز الأزمة التى تعرفها البلاد وذلك عبر مكافحة الفساد والكشف عن ملفات الإرهاب والاغتيالات والجهاز السري.
ملف اغتيالات الإخوان
تأتى تهديدات الغنوشى بالتزامن مع رفع الغطاء عن اغتيالات قام بها الجهاز السرى لحركة النهضة الإخوانية وأشهر تلك الجرائم، اغتيال بلعيد والبراهمى حيث دعت هيئة الدفاع عن المعارضين شكرى بلعيد ومحمد البراهمى اللذين اغتيلا على يد إخوان تونس، الرئيس التونسى قيس سعيد، إلى فتح تحقيقات ضد كل من الجهاز السرى لحركة النهضة المتورط في الاغتيالات السياسية، ورئيسها راشد الغنوشى وأمواله المشبوهة، بعدما أصبح مسؤولا عن النيابة العمومية.
شكرى بلعيد
وقالت النائبة عن التيار الديمقراطى سامية عبو، فى تصريحات سابقة، أن حركة النهضة سبق وحاولت التشويش على قضية اغتيال شكرى بلعيد منها الاعتداء الذى وقع بداية يوليو الجارى بحق عبير موسى داخل البرلمان وكان بهدف التشويش على التقرير الذى قدمته هيئة الدفاع ويدين حركة النهضة فى قضية اغتيال شكرى بلعيد.
عبير موسى تفضح فساد النهضة
وعلى صعيد متصل، فتح سياسيون تونسيون النار على حركة النهضة الإخوانية، مطالبين السلطات التونسية بمحاكمة قيادات الحركة المتسببين فى انتشار الفساد، حيث شنت عبير موسى، رئيسة الحزب الدستورى الحر فى تونس، هجوما عنيفا على حركة النهضة الإخوانية التونسية وزعيمها راشد الغنوشى، مطالبة بضرورة محاسبة ومحاكمة راشد الغنوشى وقيادات حركة انهضة لتسببهم فى الفساد فى المجتمع.
وقالت رئيسة الحزب الدستورى الحر فى تونس، أن حزبها يقف فى صف الشعب التونسى لإنقاذ البلاد من منظومة الدمار، مشددة على عملية تحريض ضد حزبها، مطالبة بتحريك القضايا والملفات التى تحدثت عنها هيئة الدفاع عن الشهيدين بلعيد والبراهمى، بخصوص الجهاز السرى لحركة النهضة وتورطها فى عديد من الأعمال الإرهابية.
وأضافت عبير موسى، أن جماعة الإخوان – ممثلة فى حركة النهضة – ارتكبت الفساد وأشكال الاحتكار، مطالبة بمحاسبتهم، مشيرة إلى أن الملفات التى فتحها القضاء ضد الفاسدين قديمة، مطالبة بتوضيح مصير اللقاحات التى وصلت خلال الآونة الأخيرة إلى تونس من عدة دول، فيمال لا وجود لتحسن أو تقدم فيما يتعلق بالحملة الوطنية للتلقيح ضد فيروس كورونا، كما طالبت رئيس الحزب الدستورى الحر بتحديد مهام قاعة العمليات الخاصة بمتابعة جائحة كورونا، التى تم الإعلان عن تشكيلها مؤخرا طبقا لأمر رئاسي.
جريمة اغتيال شكرى بلعيد
شكرى بلعيد هو السياسى والمحامى التونسى عضو سابق فى الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسى والانتقال الديمقراطى والأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد، وكان المناضل شكرى بلعيد قد تم اغتياله بالرصاص يوم 6 فبراير 2013 أمام منزله عن عمر 49 سنة، وقد شكلت جريمة اغتيال شكرى بلعيد، وبعده النائب بالمجلس الوطنى التأسيسى محمد البراهمى، التى وقعت فى يوليو 2013 محطة فارقة فى تاريخ تونس بعد سقوط نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن على ولا تزال هيئة الدفاع عن عائلة بلعيد تتهم حركة النهضة بالضلوع فى الحادثة وهو ما ينفيه الحزب الإسلامى.
وكانت هيئة الدفاع عن الشهيدين شكرى بلعيد ومحمد البراهمى وجهت اتهامات خطيرة لوكيل الجمهورية السابق بالمحكمة الابتدائية بتونس البشير العكرمى، وقالت أنه تعمد منع قضاة التحقيق ودوائر الاتهام والدوائر الجنائية من كشف حقيقة الإرهاب كما كشفت الهيئة أن بشير العكرمى تستر على 6268 ملف إرهابى و1361 قضية إرهابية وهدّد المجلس القطاعى العدلي.
وقالت هيئة المحامين التى تبحث عن قتله بلعيد فى فبراير 2020 انها توصلت إلى نتائج إيجابية بعد تمكنها من إقناع النيابة العمومية بفتح ثلاثة تحقيقات فى ملف القضية تتعلق بجرائم تمس أمن الدولة الداخلى والخارجى وتتصل باستخدام النفوذ والتجسس على معطيات شخصية، ويوضح الرداوى أن عقوبة هذه الجرائم تتراوح بين 5 سنوات إلى السجن المؤبد وفق المشرع التونسى.
وأكدت هيئة الدفاع، وفق وكالة سبوتنيك، أن المتهمين فى هذه القضية هم 16 طرفا بينهم أشخاص لهم علاقة مباشرة وغير مباشرة بحركة النهضة الإخوانية، على غرار "رضا الباروني" الذى شغل سابقا خطة مكلف بالشؤون الإدارية والمالية فى المكتب التنفيذى للحركة خلال مؤتمرها التاسع سنة 2012، ثم عضوا للمكتب التنفيذى مكلفا بالتعبئة فى مؤتمر 2016.
وأكدت أن من بين المتهمين الآخرين "الطاهر بوبحري" الذى عينه وزير الداخلية السابق على العريض مستشاره الخاص مكلفا بانتداب الأمنيين فى عهد حكومة الترويكا، و"كمال العيفي" الذى ترأس سابقا المركز الإسلامى بباريس.
وأشارت هيئة المحامين لوجود أمنيين من بين المتهمين فى قضية اغتيال السياسى شكرى بلعيد، ذكر منهم الضابط "قيس بكار" المتهم بمساعدة رجل الأعمال "فتحى دمق" فى تكوين خلية مسلحة تخطط لخطف واغتيال شخصيات إعلامية وسياسية.
كما شهدت أوراق القضية حوادث سرقة حيث تمت سرقة محاضر بحث ووثائق تتعلق بقضية اغتيال بلعيد، من بينها اختفاء حاسوب المتهم الرئيسى فى القضية "أحمد الرويسي" من المحكمة والذى ما يزال مكانه مجهولا إلى اليوم وأيضا اختفاء محاضر بحث وصور فوتوغرافية وقرص ليزرى تتعلق بعملية معاينة مكان وجود المسدسين المستخدمين فى قتل شكرى بلعيد ومحمد البراهمى بعد أن اعترف أحد المتهمين والمدعو بـ"عامر البلعزي" أنه تخلص منهما بإلقائهما فى البحر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة