ينفرد "اليوم السابع" بنشر فصل من مذكرات الكاتب الكبير محمد سلماوى "العصف والريحان" والتى تصدر عن دار الكرمة، فى معرض القاهرة الدولى للكتاب، فى دورته الثانية والخمسين، التى تستمر فعالياتها حتى 15 يوليو الجارى، بمركز مصر للمعارض الدولية بالتجمع الخامس، تحت شعار "فى القراءة حياة"، وحصل اليوم السابع على فصل بعنوان "المتحدث الرسمى" سيتنفرد بنشره تباعًا على حلقات يومية.
"المتحدث الرسمي"
ما إن صدر دستور الإخوان المشبوه واللاتوافقى حتى انطلقت المظاهرات المنددة به، والتي اتجهت في معظمها إلى قصر الاتحادية، ذلك القصر الرئاسى الذي صممه المعمارى البلجيكى الكبير "إرنستجاسبار" عام 1910 على الطراز الإسلامى الحديث، ليصبح فندقًا فاخرًا يستقبل السياح المترفين الذين يجيئون إلى مصر في الشتاء للاستمتاع بجوها الدافئ ولمشاهدة آثارها الخلابة، لكن لم يقدر لفندق آخر في مصر أن تُراق على أسواره أنهار الدماء التى أريقت على أسوار هذا القصر.
في بداية اندلاع الثورة في 25 يناير 2011 لم يكن ذلك القصر مستهدفًا، لكن مع تصاعد مطالب الجماهير الصائحة بإسقاط النظام بدأت المظاهرات تتجه صوب القصر، الذي كان اسمه - منذ تم ضمه إلى قصور الرئاسة "قصر العروبة"، ثم تحول في بداية حكم السادات إلى مقر للحكومة الاتحادية الخاصة بتلك الوحدة العبثية التي أقامها السادات لفترة وجيزة مع كل من ليبيا وسوريا، قبل أن يناصب كلًّا منهما العداء، فزالت الوحدة واندثر اسمها إلا من تلك التسمية غير المناسبة للفندق الذي تحول إلى قصر رئاسي.
كان عليَّ كمتحدث رسمي للجنة الخمسين أن أعقد مؤتمرًا صحفيًّا يوميًّا لأحيط الصحفيين علمًا بما يجري داخل اللجنة يومًا بيوم
على أبواب هذا القصر احتشد آلاف المتظاهرين المطالبين بتنحي الرئيس حسني مبارك، وهددوا باقتحامه إن لم يستجب لمطالبهم، وعلى أبوابه سقط الشهداء فيما عرف بأحداث الاتحادية التي وقعت يوم 5 ديسمبر 2012. في ذلك الوقت كان ساكن القصر قد تغير بعد وصول محمد مرسي إلى الحكم. أما المظاهرات هذه المرة فكانت احتجاجًا على الإعلان الدستوري المشؤوم الذي أصدره الرئيس محمد مرسي يوم 22 نوفمبر من ذلك العام، وقد تناقلت وسائل الإعلام مشاهد مروعة لعمليات الاعتداء الوحشي التي قام بها الإخوان على المتظاهرين حول أسوار القصر، وعمليات التعذيب التي تعرض لها أحد المواطنين الأقباط، وهو مينا فيليب، الذي نقل إلى أحد أقسام البوليس بين الحياة والموت، وكذلك السفير يحيى نجم، سفير مصر السابق في فنزويلا، الذي قال إن الطبيب الموجود في المكان رفض معالجته من آثار الاعتداء عليه قائلًا إن المرشد أمره بذلك، وقام أنصار مرسي أيضًا بتعليق أحد المتظاهرين على عمود إنارة بعد أن تعدوا عليه بالضرب المبرح.
وقد سقط في اليوم الأول للأحداث 5 شهداء زادوا إلى 6 بعد استشهاد الحسيني أبو ضيف مصور جريدة «الفجر»، وتزايد عدد المصابين في الأيام التالية حتى وصل إلى 644 مصابًا. وعند الإعلان عن تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور التي سيطر الإخوان على أغلبية مقاعدها، عمت مظاهرات الغضب مختلف أرجاء العاصمة إلى أن تمركزت في ميدان التحرير، بعد أن فشل مرسي في تحقيق ما وعد بأن يحققه خلال الـ100 يوم الأولى من حكمه.
على أن سقوط حكم الإخوان بأركانه يوم 30 يونيو كان يعني سقوط دستورهم المشؤوم الذي أريقت دماء الشهداء رفضًا له، وبالتالي لم يكن للإرادة الشعبية أن تقبل إلا بوضع دستور جديد لمصر يحقق التوافق الوطني الحقيقي، ويحمي حقوق المواطن المصري وحرياته، ويؤسس لمدنية الدولة، ويحول دون استبداد أي سلطة أو فسادها، ويحترم هوية مصر ودورها التاريخي داخل دوائر تحركها الحيوية.
وفي لقاء بقصر الاتحادية مع ذلك الرجل الفاضل، الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور، ضم عددًا من المثقفين، طرح موضوع الدستور الذي رأيتُ أن يكون دستورًا جديدًا تمامًا، يؤسس للمرحلة الجديدة التي يتطلع إليها الناس. لكن رأيه القانوني كان أن اللجنة المعنية بذلك يجب أن تكون مهمتها تعديل الدستور بما يتوافق مع الأهداف التي شرحتُها، وليس وضع دستور جديد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة