تحمل نتيجة الثانوية العامة ذكريات كثيرة لكل من مر بهذه المرحلة المهمة، خاصة أن الأسر المصرية تعول عليها كثيراً، وتعتبرها المحدد الأول لمصير أبنائهم وبناتهم، وبداية لحياتهم العملية الحقيقية، بل ويرسمون عليها الآمال والأحلام، التي تصيب أحياناً، وتخطئ أحايين كثيرة، إلا أن الثانوية العامة تظل مرحلة مهمة في حياة كل طالب مصري، حتى وإن تغيرت المعادلة، وظهرت مهن ومجالات جديدة يمكن اقتحامها والدخول إليها دون أن ترتبط بكليات القمة.
وعندما أتذكر المرحلة الثانوية العامة يدور في خلدي الكثير من الطرائف، التي كان أغربها، عندما دق هاتفي المحمول، عقب انتهاء امتحان أحد المواد في السنة الثانية بكلية الإعلام جامعة القاهرة، لأجد أختي "مروة" تبلغني بأن مدرسة الشهيد عبد المنعم رياض الثانوية بنين، ستكرمني لتفوقي في المرحلة الثانوية العامة، وحصاد المركز الثاني على الشعبة الأدبية بإدارة ببا عن العام 2000 – 2001، بمجموع 93.7%، فقلت لها متعجبا:" هما افتكروا دلوقت.. أنا قربت أخلص الجامعة، لسه فاكرين الثانوية العامة!!".
مع أقرب إجازة للبلد "بنى سويف" ذهبت إلى المرحوم أحمد عاقولة، مدرس اللغة العربية في المرحلة الثانوية، الذي أخبرني أن هناك شهادة تقدير من مجلس الآباء تنتظرني في المدرسة لتفوقى في المرحلة الثانوية، وأيضاً شهادة استثمار بقيمة مالية، يجب أن أتسلمها من إدارة المدرسة، حتى أتمكن من صرفها في أقرب وقت.
لمعت عيناي فرحاً بمجرد سماع المرحوم أحمد عاقولة، وهو يخبرنى بالجائزة المالية، المنتظرة، وبدأت أفكر في قيمتها، وقد تزاحمت الأسئلة في رأسى:" ياترى يا هل ترى هيكون المبلغ كام؟ أكيد التأخير لكل هذه المدة سيكون نتيجته مكافأة محترمة ترضى طموح شاب جامعى أوشك على إنهاء عامه الثاني في كلية الإعلام جامعة القاهرة.. إلا أن هول المفاجأة كان صعباً عندما ذهبت إلى المدرسة وتسلمت شهادة الاستثمار!!
ورقة صغيرة خضراء داخل ظرف بلاستيك، صادرة عن بنك التنمية والائتمان الزراعى، الذي تغير اسمه في الوقت الحاضر إلى "البنك الزراعى المصرى"، وقيمتها 10 جنيهات فقط لا غير، ولا يجوز صرفها إلا لصاحبها من خلال الرقم القومى، ويتم استحقاق صرفها بعد 3 سنوات بقيمة 15 جنيهاً، أو الصرف بنفس القيمة الاسمية بعد 6 أشهر!
حالة من الذهول اجتاحتنى من هول المفاجأة، خاصة أن الـ 10 جنيهات في ذلك الوقت لم تكن إلا ثمنا لفرخة مشوية.. فشعرت حينها بحجم التقدير، والمكانة التى حصلت عليها نتيجة التفوق في الثانوية العامة، وسنوات التعب والمذاكرة.
ما أحب قوله في الختام أن الثانوية العامة ليست النهاية، ولن تتوقف عندها الحياة أو يتحدد معها مصير الطالب كما يظن البعض، وليست أكثر من مجرد مرحلة تعليمية كغيرها، وعلى أولياء الأمور أن يتعاملوا معها من هذا المنطلق، ولا يحملوا أنفسهم أكثر مما ينبغي، فالموضوع أبسط وأسهل من ذلك بكثير، وعلى كل طالب أن يطور مهاراته ويكتشف مواهبه، ويسعى للتميز في المجال الذي يحبه، ولا يتوقف عند حدود الثانوية العامة أو حتى الدراسة الجامعية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة