أصدرت محكمة الأسرة برأس غارب، حكماَ قضائياَ يهم ملايين الأسر بشأن مصاريف علاج وتعليم الصغير، أرست فيه المحكمة 4 مبادئ قضائية جملة واحدة على غير المتعارف عليه في حق الآباء تمثلت في إلزام الأب بمصاريف التعليم الأساسي فقط دون الروضة، فيما خرجت ملابس المدرسة من التزاماته لدخولها ضمن نفقة الملبس، كما خرجت الكتب الخارجية والدروس الخصوصية أيضا لـأن الصغير يستطيع التعليم بدونها، واشترطت المحكمة موافقة الأب لدخول المدارس الأجنبية واللغات.
صدر الحكم في الدعوى المقيدة برقم 13 لسنة 2021 أسرة رأس غارب، لصالح المحامى أشرف قاسم أبو شادى، برئاسة المستشار محمود عليوه، وعضوية المستشارين محمد عبد العظيم، ومحمود نادى، وبحضور وكيل النيابة أحمد عبد المجيد، وأمانة سر أحمد عمر.
الوقائع.. الجدة للأم تقيم دعوى تضم 4 نفقات على طليق ابنتها لأنها الحاضنة للصغير
تخلص وقائع الدعوى في أن المدعية أقامتها بتاريخ 18 فبراير 2021 وطالبت بإلزام المدعى عليه بأن يؤدى لها مبلغ 2875 جنيهاَ مصاريف علاج ودراسة للصغير، وذلك على سند من القول حاصله أن المدعية جدة لأم الصغيرة "يسر"، وأن ابنتها رزقت منه على فراش الزوجية الصحيح بالصغيرة إلا أنه امتنع عن الانفاق عليها، وسداد مصاريف تعليمها وعلاجها رغم يساره ومطالبته به مما حدا بها إلى إقامة الدعوى الماثلة بغية القضاء بطلباتها.
وقدمت سنداَ لدعواها حافظة مستندات طالعتها المحكمة حوت ايصالات سداد منسوبة لجمعية "س" برأس غارب وتحوى بياناتها سداد شهرى للصغيرة "يسر" بشأن اشتراكات "باص وزى مدرسى ومصروفات شهرية"، وكذا فاتورة علاجية للصغيرة بقيمة 300 جنيه، وتداولت الدعوى بالجلسات ومثلت المدعية بمحام وقدم حافظة مستندات حوت مفردات راتب المدعى عليه وتفيد عمله بإحدى شركات البرترول ويتقاضى راتب شهرى صافى 10055,24 جنيه بخلاف الحوافز والمكافآت السنوية، ومثل المدعى بوكيل عنه – محام – وقدم حافظتى مستندات طويت على انذار عرض مبلغ 400 جنيه استلمته المدعية مقابل مصاريف علاج الصغيرة.
المحكمة ترسى 4 مبادئ لصالح الأباء بشأن النفقات
المحكمة في حيثيات الحكم قالت – لما كانت المدعية قد أقامت دعواها بغية القضاء لها بإلزام المدعى عليه بأن يؤدى لها مبلغ قيمة المصروفات الدراسية للصغيرة "يسر"، وكان الثابت للمحكمة من مطالعة سائر أوراق الدعوى ومستنداتها أن المدعية هي جدة لأم الصغيرة "يسر" الذى في حضانتها شرعاَ، وأن الصغيرة هي إبنة المدعى عليه بصحيح النسب الشرعى، وكان الثابت أيضاَ من مطالعة ايصالات الحضانة والتابعة للشئون الاجتماعية بالبحر الأحمر المرفقة أن الصغير منتسب بصفة شهرية وغير مقيد أي بالمرحلة التمهيدية وهى ما قبل رياض الأطفال خلال العام الدراسى.
وبحسب "المحكمة" - الثابت أيضاَ من صورة شهادة ميلاد الصغير المرفقة أنها لم تبلغ سن دخول رياض الأطفال – الحضانة – وقت تحرير تلك الايصالات، وكان المقرر قانوناَ أن المدعى عليه ملزماَ بمصروفات تعليم الصغير باعتبارها جزء من نفقتها منذ التحاقها بمراحل التعليم الإلزامية والتي تبدأ بمرحلة التعليم الأساسي وما يسبقها من مرحلة رياض الأطفال دون الأطفال دون أن يكون ملزماَ بتحمل ثمة مصاريف عن الفترة ما قبل رياض الأطفال والتي يكون الصغير فيها بحضانة الأم والتي بالتبعية تحصل على أجر حضانة مقابل رعايتها للصغير في تلك المرحلة العمرية التي لا تلزم خلالها الدولة الأباء بالحاق أبنائهم بالتعليم، الأمر الذى تكون معه طلبات المدعية قد جاءت على سند غير صحيح من الواقع والقانون، وتقضى والمحكمة برفضها.
الأب ملزم بمصاريف التعليم الأساسي فقط دون الروضة
وبالنسبة لمصروفات علاج الصغيرة – قالت "المحكمة" – فمن المقرر بنص المادة 18 مكرر ثانياَ من القانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون 100 لسنة 1985: "إذا لم يكن للصغير مال فنفقته على أبيه وتستمر نفقته إلى أن تتزوج البنت أو تكسب ما يكفى نفقتها وإلى أن يتم الابن الخامسة عشر من عمره قادرا على الكسب المناسب ويلتزم الأب بنفقة أولاده بقدر يساره وما يكفل لهم العيش في المستوى اللائق بأمثالهم ويستحق نفقة الأولاد على أبيهم من تاريخ امتناعه عن الانفاق عليهم – ولما كان ما تقدم – وكان الثابت للمحكمة أن المدعية أقامت دعواها بغية القضاء لها بإلزام المدعى عليه بأن يؤدى لها مبلغ مصاريف علاج الصغير "يسر"، وساقت تدليلاَ لدعواها روشتات وفواتير طبية، وكان الثابت أن المدعى عليه قد قدم المبلغ المطالب به كمصروفات علاج لصغيرته من خلال انذار عرض مبلغ 400 جنيه والمرفق بأوراق الدعوى، الأمر الذى تضحى معه الدعوى قد أقيمت على غير سند صحيح من الواقع والقانون، والمحكمة ترفض طلبها.
وعن مصاريف تعليم الصغيرة – أوضحت "المحكمة" – إنه يشترط لإلزام الأب بنفقات تعليم صغاره عدة شروط أولاَ: أن يكون في قدرة الأب الإنفاق على التعليم، إذ أن نفقة الفرع وما في حكمها من مصاريف علاج أو تعليم تقدر على أصله بقدر يسار الأب وهو ما يجب معه النظر إلى كل مرحلة تعليمية على حده فقد يسمح يسار الأب بالإنفاق على التعليم في مرحلة دون أخرى أعلى منها، كما قد يتيسر للأب الانفاق على التعليم خلال فترة زمنية ثم يعسر فيرتفع عنه الالتزام، ثانيا: أن يكون التعليم مما ترعاه الدولة وهو ما ينصرف إلى دور العلم التابعة للدولة، ثالثا: ألا يكون التعليم الذى ترعاه الدولة مما ينافى الدين، فلا يلتزم الأب بنفقات تعليم الابن في قسم الرقص التابع لمعاهد ومدارس الفنون، رابعاَ: أن يكون الولد رشيداَ في تعليمه، أي لا يتكرر في رسوبه أو يثبت عدم انتظامه في تحصيل العلم.
وملابس المدرسة لا يتحملها الأب لدخولها ضمن نفقة الملبس
ولما كان من المقرر أن مصلحة الصغير دائما هي المعتبرة، وإذ لم يصبح التعليم في مراحله الأولى موحداَ حيث يتنوع من حيث نفقاته ما بين مدارس حكومية ومدارس خاصة ومدارس تقوم على تدريس اللغات، وكانت نفقات التعليم أياَ كانت من جملة نفقة الصغير وجب القول أن للحاضنة الحق، باعتبارها صاحبة اليد على الصغير، أن تلحقه بالتعليم وأن تطالب بما يستلزمه من نفقات طالما اقتضت ذلك مصلحة الصغير وحتى لا يضيعن إلا أن القاعدة مقيدة بعدة اعتبارات أهمها أنه إذا ما رغبت الأم في أن تلحق الصغير الذى بيدها بغير المدارس الرسمية التابعة للدولة فإنها إذا لم يكن ذلك بإذن الولى وموافقته ورضاه أو ضمناَ فلا يجوز الزام الأب إلا بسداد المصروفات المستحقة للمدارس ودور العلم الرسمية التابعة للدولة، وذلك إلا إذا أدعت الزوجة وأقامت الدليل على ذلك أن إمكانيات الأب تسمح بالحاق الصغير بغير المدارس الحكومية وأن مصلحته تقتضى ذلك، وهى مسألة واقع تخضع لتقدير قاضى الموضوع، وينصرف مفهوم التعليم على ما لا يمكن تحصيل العلم بدونه، فكل ما يمكن تحصيل العلم بدونه لا يقع على الأب إلتزام بأدائه مثال ذلك – الدروس الخصوصية أو الكتب والمراجع الخارجية حيث يمكن تحصيل العلم بدونها فلا يلزم الأب بأداء مستحقاتها.
أما عن المصروفات الدراسية – قالت "المحكمة" – شأنها شأن عناصر نفقة الصغير على أبيه، أو كما عبرت المذكرة الايضاحية للنص بمنزلة الطعام والكساه، وتستحق كلما قام الصغير أو صاحب اليد عليه بسدادها من ماله الخاص وتقتصر تلك المصروفات على المبالغ المستحقة لتعليم الصغير فلا يدخل فيها ثمن الملابس المدرسية لكون الأخيرة تدخل ضمن نفقة ملبس الصغير، كما لا يدخل فيها أجرة السيارة المدرسية لأن انتقالات الصغير تدخل ضمن نفقته على أبيه خاصة وأنه تزويد الصغير بالعلم بدونها، ويتعين الملاحظة في هذا المقام بوجه عام أن والد الصغير لا يلتزم بمصروفات تعليمه إلا إذا توافرت في التعليم الذى يلقاه الصغير الشروط سالفة البيان – والتي تعد متوافرة بحسب الأصل – وعلى من يدعى تخلف شرط منها اثبات صحة مدعاه.
المحامى أشرف قاسم أبو شادى - محامى الأب المدعى عليه
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة