"المهنة دى فى دمى من صغرى واتعلمتها من مشاهدة البيوت الأثرية القديمة ومكمل فيها لأخر حياتى".. بهذه الكلمات يمكن تلخيص حياة مجدى جودة شهر صنايعى أرابيسك فى مدينة رشيد، فعندما تمر بشارع الحدادين بوسط المدينة لابد أن يصادفك بورشته المتواضعة ومنتجاته الخشبية الأصيلة التى تمثل تراثا مميزا لهذه المنطقة العتيقة.
"اليوم السابع" اقترب من هذا المشهد للتعرف على أشهر صنايعى أرابيسك فى مدينة رشيد، والتى تضم الكثير من الآثار الإسلامية والمنازل الأثرية التى تزينها المشربيات العتيقة.
وقال مجدى جودة خلال حديثه لـ"اليوم السابع"، إنه يعمل فى مجال النجارة منذ أكثر من 30 عاما، ولكن شغفه للفنون اليدوية بشكل كبير لصناعة المشربيات الإسلامية، كما أن بدايته مع هذا الفن الأصيل كان منذ الصغر بعد مشاهدته للمنازل الأثرية فحاول بكل جهد استلهام هذا الفن من خلال ورشته البسيطة بوسط المدينة.
وأضاف: "من يوم ما وعيت على الدنيا وأنا بشوف جمال المشربيات بالبيوت القديمة، وأرجع البيت أحاول أرسمها وأقلدها، ولما اشتغلت فى النجارة كان أول هدف ليا أن أنفذ الرسومات اللى فى خيالى".
وتابع، أن فن المشربيات له مذاق مختلف وهو الأساس للصناعة اليدوية التى تتميز بها مدينة رشيد والتى تضم العديد من المنازل الإسلامية مثل منزل الأمصيلى ومسجد المحلى وزغلول وغيرها من العمائر الإسلامية المتفردة، والتى تهدف بمثابة متحفا مفتوحا للتراث الإسلامى فى عصوره المزدهرة.
وأوضح "جودة"، أن صناعة المشربيات تحتاج إلى مهارة من سماعها لأنها تعتمد فى الأساس على التفوق الجمالى، قائلا: "مش كل واحد واقف على مخرطة خشب ينفع يكون صنايعى مشربيات".
وعن إنتاجه بخلاف المشربيات أكد مجدى جودة، أن المشربيات هى الأساس ولكن هناك منتجات أخرى يحتاجها السوق مثل أعمال الديكورات والأشغال اليدوية المختلفة مثل عجلات قيادة المراكب المعروفة باسم "دومان" المراكب وكذلك الأوانى الخشبية والتماثيل المنحوتة التى تحتاج مهارة خاصة.
وعن تسويق أعماله أكد مجدى جودة، أن صناعة المشربيات لها سوق رائج خلال السنوات الماضية ويتم استخدامها فى تزيين المساجد والفيلات الفاخرة وغيرها من المنشأت التراثية، مضيفا أنه شارك فى عدة معارض للمنتجات اليدوية أخرها معرض بسلطنة عمان للحرف التراثية، كما طالب جودة وزارة الثقافة بدعم المبدعين والصناع المعرض بمدينة رشيد لأن بها العديد من المواهب التى تحتاج إلى اكتشافها.
يذكر أن فن المشربيات إحدى عناصر العمارة التقليدية الإسلامية بدأ ظهورها فى القرن السادس الهجرى "الثالث عشر الميلادى إبّان العصر العباسى"، واستمر استخدامها حتى أوائل القرن العشرين الميلادى ويكثر استخدام المشربيات فى القصور والبيوت التقليدية، وتشتهر مدينة رشيد بالمنازل التى تزينها المشربيات لتظل شاهدة على ازدهار فنون العمارة الإسلامية.