أثار هروب 6 معتقلين فلسطينيين من سجن جلبوع شديد الحراسة الإسرائيلى الاهتمام على مواقع التواصل الاجتماعى، وسط سعادة كبيرة من رواد السوشيال ميديا، إلا أن الفرحة لم تكتمل كثيرا حيث تمكنت قوات الاحتلال الإسرائيلية من القبض على 4 من أصل 6 هربوا من السجن، بعدما حفروا خندقا فى الأرض بمعلقة الطعام، وتمكنوا من الهرب منها.
وبعد تداول أخبار المساجين، بدأ الكثير فى مقارنة عملية الهرب، بالفيلم الهوليودى "وداعا شاوشانك" والذى يظهر فيه الهروب بنفس الطريقة، ما وصفه البعض بتنبأ السينما الأمريكية بطريقة الهروب الذى لجأ إليها المعتقلين الفلسطينيين.
لكن الأدب أيضا سلط الضوء على فكرة الهروب من السجن والبحث عن الحرية بعيدا عن قيود المعتقل خصوصا تحت يد الاحتلال، ومن الأعمال الروائية تلك رواية "الفراشة" لـ "هنري شاريير"، الذى تحكى قصة إنسان حكم عليه بالأشغال المؤبدة في فرنسا، وهو بريء، ومن هناك سيُرحّل إلى الجزر الفرنسية في المحيط الأطلسي، حيث سيقضي كامل عقوبته. والرواية في العموم، تدين اعوجاج القانون وظلم الأبرياء.. وهي تمثل قيمة جمالية وفنية فريدة، تحوك خيوط اتهام القانون نفسه.
كما يقال إنها السبب في إلغاء عقوبة الإعدام في فرنسا. كما أنها فعليا، بمثابة خلاصة تجربة مؤلفها هنري شاريير الذي أدين هو نفسه بجريمة لم يرتكبها فسجن 13 عاماً. والرواية تحمل اسم الشخصية الرئيسية، الذي لا يفتأ يحاول الهرب من كل سجن وضع فيه، حتى بلغ مجموعها تسع محاولات، كلها باءت بالفشل.
وعبر البحر يُرحلون إلى سجن جديد، ثم يعاود الهرب، وخلال ذلك يصوّر لنا الكاتب ما يرى معهم من مشاهد مؤثرة، سواء في البحر أو على اليابسة، حوادث تهتز لها النفوس، أو تقشعر لها الأبدان، شمس تلهب جسدهم، يأكلون بيض السلاحف ويخترقون الغابة إلى أن يراه الهنود. ويحكي هنا: "رأيت رجالاً ونساءً عراة، خطوت نحوهم ببطء، ثلاثة منهم كانوا يحملون الأقواس ويمسكون بالسهام بأيديهم".
هم فرحوا به وهو فرح بهم، ومنذ اللحظة التي ابتسم فيها الرئيس ولمس كتفه تبنته العشيرة، ويصف لنا كيف يعيشون، كيف هي بيوتهم، هم يصطادون اللؤلؤ، وهو يرسم للرئيس رجلاً مكبلاً وهو يهرب ويطارده المسلحون والبندقية مسددة نحوه.
والرواية تدور خلال أحداث الحرب العالمية الثانية، إنها تروي لنا تاريخ صعود الفاشية اليابانية وسقوطها من خلال انعكاس هذا التاريخ في التكوين الشخصي والسيكولوجي لشخوص الرواية وبالتالي في تحديد قيمهم وسلوكهم ومصائرهم.
إن المشهد الذي يفتتح به بطل الرواية تاريخه الوجداني يصور طفلا لحظة مولده وهو يغسل بعد الولادة في حوض خشبي أملس، فيما يسقط النور على حافة هذا الحوض، ومن النور والاغتسال في البداية، الى الدم وعرق البلطجية والشذوذ في النهاية، تمتد عشرون عاما يقطعها مجتمع ورجل في طريقهما إلى الهاوية.
ويقال إنها السبب في أن فرنسا ألغت حكم الإعدام، إنها ملحمة إنسانية تصرخ بالجمال والروعة والصدق، تحمل في طياتها كلّ ما هو خارج عن المألوف، إنها مجموعة مغامرات نقرؤها من دون توقف، وهذه المغامرات تحكي قصة رجل يطرق باب الحرية بكلّ ما أوتي من قوّة، لم يكن يرجو إلا بطاقة شخصية تجعله يسير بين الناس بأمان، يذهب إلى البحر، ويأتي إلى البيت، ينام ويستيقظ ويذهب إلى عمله، ويعود منه.. لا شيء يضايقه أو يمنع الحرية عنه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة