"الشحات" أول فيلم مصري يناقش الظاهرة
فيلم "الملحد" يفشل سينمائيا فى دور العرض عام 2014
ونور الشريف صاحب النصيب الأكبر من الأفلام برصيد 3 أعمال
"المحلد" هكذا اختارالمخرج ماندو العدل عنوان فيلمه الجديد الذى شرع فى تصويره فى ثانى تعاون بينه وبين الكاتب إبراهيم عيسى بعد أول أفلامهما "صاحب المقام"، ويبدو عنوان الفيلم جريئًا ربما توقع البعض تعرض الفيلم لقضية "الإلحاد" الجدلية فى مجتمعنا العربى رغم كونها ليست بالجديدة ونوقشت فى عدد من الأفلام لكن لم يسلم أى منها من الهجوم.
الملحد 2014
فى عام 2014 وتحت لافتة "للكبار فقط" عرض فيلم يحمل نفس الاسم "الملحد" فى ظل الظروف تمر بها المنطقة فى ذلك الوقت وحالة من الانقسام فى المجتمعات العربية، إثر اندلاع العديد من الثورات ضد الأنظمة الحاكمة والاحتجاجات فى ربوع الوطن العربى كشفت عن الوجه الآخر من تيار الإسلام السياسى نتجت عنها حالة من النفور من أصحابه وبدأت القنوات الفضائية تناقش "الإلحاد" وكأنه ظاهرة اجتاحت المجتمع المصرى والعربى.
"أنا ملحد.. النظام الإلهى لا يوجد به أى نوع من أنواع المصداقية ولا العدل ولا الرحمة.. أين الإله الذى يتحدثون عنه؟". واحد من مشاهد الفيلم التى ترددت على لسان أحد أبطاله، وأثار ردود فعل غاضبة على مواقع التواصل الاجتماعى فى ذلك الوقت، واعتبروه "كارثة سينمائية" تشجع على نشر الأفكار الإلحادية، فى حين رأى فريق آخر أن الفيلم خطوة جيدة على الطريق ويجب أن يكون هناك أعمال أخرى جريئة تساعد على زيادة الوعى فى مجتمعاتنا العربية.
الغريب ، أن الأزهر الشريف وافق على عرض الفيلم، بعد إجراء تعديلات على النص، كما أجازت هيئة الرقابة على المصنفات عرض الفيلم دون حذف أى مشاهد، وقال أحمد عواض، رئيس الرقابة على المصنفات الفنية حينها: "فيلم الملحد لا يسىء للأديان ولا يدعو للإلحاد، ولذا تم الموافقة على عرضه".
وتدور أحداث الفيلم حول ابن أحد الدعاة اﻹسلاميين المشهورين، يتجه نحو اﻹلحاد، ويثير هذا الأمر حفيظة أسرته والمقربين له، نظراً للبيئة الدينية التى تربى فيها، ويتطرق العمل إلى قضية انتشار الإلحاد فى مصر.
وسط كل هذا الهجوم، صرح محمد عبد العزيز، بطل فيلم "الملحد" بأن الفيلم يدق ناقوس الخطر، وينذر بوجود الملحدين فى المجتمع، لافتًا إلى أن عنوان الفيلم سبب لنا الكثير من الانتقادات، باعتبار أن الفيلم يروج للفكرة، وهذا غير صحيح، وأن الشباب الذين يتجهون إلى الإلحاد ليس لديهم فكر وحجة واضحة للدفاع عن دينهم، ومن ثم اقتناعهم بأفكار الملحدين أمر سهل.
وأخفق فيلم "الملحد" فى تحقيق أى نجاح تجارى فى شباك العرض، وتم رفعه من السينمات، إذ لم تتجاوز إجمالى إيراداته حاجز الـ130 ألف جنيه. والفيلم من بطولة صبرى عبد المنعم، وياسمين جمال، ومحمد هشام، ومازن معضم، إخراج نادر سيف الدين.
الانفتاح الثقافى الذى بدأ فى النصف الثانى من القرن العشرين خاصة أفكار الليبرالية الاجتماعية والتعددية الفكرية ساهم فى المناداة بحرية الفكر والتعبير وتحطيم كل التابوهات فى المجتمع المصرى، وانعكس ذلك فى كتابات بعض الكتاب فهذا إسماعيل أدهم الذى طرح كتابه "لماذا أنا ملحد؟" عام 1937، ليرد عليه الكاتب محمد فريد وجدى بكتابه "لماذا هو ملحد؟" وسط مناخ ثقافى غنى.
"الشحات" أول فيلم مصري يتناول ظاهرة الإلحاد
كل ذلك انعكس على السينما المصرية التى تناولت ظاهرة الإلحاد وجاءت أغلبها فى سياق معاناة الشخصية من التخبط إلى أن تصل فى نهاية الأحداث إلى طريق الهداية واللجوء إلى الله، وكانت أول هذه الأفلام فيلم "الشحات" المأخوذ من رواية نجيب محفوظ التى تحمل نفس الاسم، أنتج الفيلم عام 1973، وهو من بطولة الفنان محمود مرسى، ويتحدث عن المحامى "عمر الحمزاوي" الذى ينتمى إلى الطبقة الغنية ويساوره قلق وجودى حول مغزى الحياة البشرية وسر الكون والإيمان بالله، فينغمس فى الملذات الجسدية كالخمور والنساء ليبحث عن معنى فى حياته.
يصل الأمر بالحمزاوى إلى أن يقايض عشيقته وردة مع صاحب الكباريه الذى كانت تعمل فيه، مقابل أن يجيبه عن سؤاله: هل يؤمن بالله أم لا؟ ليبقى عمر الحمزاوى تائهاً لا يجد إجابة عن سؤاله. وفى نهاية المطاف لا يجد الإجابة التى ينشدها فى الملذات الجسدية، فيقرر العزلة والتصوف ليجد الراحة والطمأنينة الإلهية التى تعيده إلى أسرته وحياته الاجتماعية مجدداً.
نور الشريف صاحب النصيب الأكبر من الأفلام برصيد 3 أعمال
حصد نور الشريف نصيب الأسد من الأفلام التى عرضت شخصية الملحد على شاشة السينما، فقد ظهر فى "الأخوة الأعداء" (1974) فى شخصية شوقى الأرماني، المثقف الملحد الذى يجاهر بإنكار الوجود الإلهي، بعدها؛ ظهر فى "لقاء هناك" (1976) فى شخصية عباس سلطان، الشاب الذى يرفض وصاية والده الدينية ليصل إلى رفض الوصاية الإلهية، ثم "الرقص مع الشيطان" (1993) فى شخصية أستاذ جامعى عائد من بعثة دراسية من الاتحاد السوفيتى محملاً بالأفكار المادية والإلحادية.
الأخوة الأعداء
فى سنة 1974، جسد نور الشريف واحدا من أكثر أدواره إثارة للجدل، عندما قدم فيلم "الإخوة الأعداء" عن رائعة ديستوفسكى "كرامازوف"، وأعدها للسينما المصرية وكتب السيناريو والحوار لها رفيق الصبان ونبيهة لطفي، بطولة يحيى شاهين وحسين فهمى ونور الشريف ومحيى إسماعيل ونادية لطفى وميرفت أمين، قدم نور دور "شوقى القرماني" الشاب الملحد الذى ينكر وجود الله، ليدخل فى صراع العائلة الدائر ليصل إلى يقين بأن الله موجود.
لقاء هناك
أما فيلم "لقاء هناك" عرض فى عام 1976 عن قصة لثروت أباظ، من إخراج أحمد ضياء الدين، شارك فى البطولة كل من: زبيدة ثروت٬ سهير رمزي٬ محمد السبع٬ فتحية شاهين٬ أحمد الجزايرلي٬ وزوزو شكيب. بين أفكاره والرغبة فى التحرر من قيود الأديان وتشدد والده، وإرغامه على إقامة الشعائر الدينية، ينتفض عباس ضد والده الذى أكرهه على الصلاة والصوم، إذ لم يختر أن يتجه بقلبه إلى الله بل فرض عليه واجبات دينية يؤديها بإكراه٬ حتى وفى لحظات نادرة عندما يمس القرآن قلبه فيسأل عن اسم المقرئ يواجه بالتهكم. على أن نهاية الفيلم وفى مشهد تتعرض فيه حياة زوجته ليلى للخطر نرى عباس أخيرا يعود إلى الله باختياره الحر وليس بفرض وإكراه من الآخرين.
الرقص مع الشيطان
آخر الأعمال السينمائية التى جسّد فيها نور الشريف شخصية الملحد هو فيلم "الرقص مع الشيطان"، يحكى عن أستاذ جامعى عائد من بعثة دراسية لدراسة الدكتوراة فى الاتحاد السوفيتي، ولا يؤمن إلا بالمادة والعلم التجريبي، يدور حوار بين "الدكتور واصل" وبين حبيبته عن العلم والدين فى المجتمعات العربية، فيقول: "بره وصلو للقمر واحنا لسه غرقانين فى الجهل"، فترد هند: "أيوة بس العلم عمره ما سيطر على الموت ولا اتحكّم فى الرزق"، فيعلّق الدكتور: "شوفى يا هند فى يوم من الأيام العلم هيسيطر على كل شيء، حتى على مصايرنا"، فتجيبه: "بإرادة ربنا"، فيقاطعها بقوله: "إحنا أصحاب الإرادة".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة