منذ إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، تنوعت ردود الأفعال من الأطراف المختلفة، فالإعلان من قبل الدولة والرئيس يشير إلى أن هناك طرحا جادا يضع أرضية للحوار، ويربط بين الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والحقوق المدنية والرأى والتعبير، من خلال استراتيجية مصرية خالصة تنطلق من حاجات المجتمع وتبنى على ما تحقق، مع إدراك لمتطلبات عملية التنمية، والتى تكتمل من خلال الشفافية والمراقبة، وكلها تصب فى صالح بناء الإنسان وتطوير العمل ضمن تنمية مستديمة ومستمرة.
الاستراتيجية تم إعلانها بعد جهود استمرت لشهور، وشارك فى المناقشات عدد من أبرز العاملين والمهتمين بحقوق الإنسان والمجتمع المدنى، وظهرت آراؤهم فى النسخة النهائية للاستراتيجية، وبعد صدورها أبدى عدد كبير من العاملين فى المجالات الحقوقية موقفا إيجابيا، وأنه ربما خلال عامين تظهر نتائج التطبيق، ومن خلال ربط الخطوات التى تتخذها مؤسسات الدولة القانونية والقضائية تشير إلى سياسة تدرجية لإنهاء بعض الحالات العالقة.
هذا الطرح، فى هذا التوقيت بدعم من الرئيس، يعنى اتجاه الدولة لخطوات جديدة فى ملف شديد الأهمية والتشابك، لأنه لا يتعلق بقضية واحدة، لكنه يتداخل مع الكثير من الخيوط، ويشهد تقاطعات وتداخلات تضاعف من تعقيد الأمر، وبشكل عام تمثل الاستراتيجية أرضية لحوار واسع يدعم إدارة التنوع، ويربط الحقوق الاجتماعية والاقتصادية بالحقوق السياسية وحرية الرأى والتعبير، وأيضا كالنت هناك منظمات لا تهتم بحقوق الإنسان بقدر ما تنفذ أجندة الممولين، أو ترفع شعارات حقوقية بينما تتبنى الدفاع عن التنظيمات الإرهابية أو المحرضين على العنف، وانعكس هذا فى تقارير صدرت كانت تتبنى الدفاع عن الإرهاب، وتحصل على تمويلات من ممولى الإرهاب ومنصات التحريض، وهى نقاط معروفة، وتحتاج إلى أن تكون واضحة خلال أى حوار حول مستقبل حقوق الإنسان.
ثم إن النقاش الجارى يؤكد أن حريات الرأى والتعبير ترتبط أحيانا بأفكار اجتماعية، مثل الختان وزواج القاصرات وتنظيم الأسرة، لأنها لا تتعلق بالدولة بقدر ما تتعلق بالمجتمع، وتحتاج - من أجل إثارتها وتعويمها - أن تكون ضمن أجندات العمل الأهلى، فقد أقرت الدولة تشريعات، ومع هذا لا تزال هذه السلوكيات ترتكب فى المجتمع، وهو ما يعنى أهمية الوعى بالحقوق إلى جانب التشريعات حتى يمكن أن يكون هناك تفهم متبادل للحق.
ولا يمكن تجاهل ما تم خلال السنوات الأخيرة، من إجراءات لتمكين المرأة وذوى الاحتياجات الخاصة والحقوق الصحية، فضلا عن «تكافل وكرامة» و«حياة كريمة»، وغيرها من مبادرات تدعم الحقوق الاجتماعية والاقتصادية.
وهناك دور للمؤسسات التشريعية والتنفيذية أثناء تطبيق قانون الجمعيات الأهلية، وبالفعل فقد تلقت المؤسسات المعنية طلبات متعددة لجمعيات أهلية أو مدنية، وهناك مهام تقع على عاتق التشريع والتنفيذ والإعلام، وأيضا دور آخر للمنظمات والجادين فى مجالات حقوق الإنسان والعمل الأهلى عموما، من حيث التزام القانون فيما يتعلق بالإفصاح والشفافية فى تلقى وإنفاق التمويلات، وهى قضايا كانت دائما مثار نقاش، وبعض المنظمات هدفها تحقيق أرباح وليس ضمان حقوق.
الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان تتضمن تأكيدا على أن المجتمع المدنى شريك فى تعزيز وحماية حقوق الإنسان بكل أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ونشر الوعى بها فى المجتمع، وتم إعلان عام 2022 عاما للمجتمع المدنى، ما يؤكد استمرار جهود التطوير التشريعى والتنفيذى، مع تطبيق اللائحة التنفيذية لقانون الجمعيات، والتى تنظم عمل عشرات الآلاف من الجمعيات الخدمية والمدنية. وتطوير منظومة تلقى ومتابعة مجال حقوق الإنسان للاستجابة السريعة والفعالة لأى شكاوى، مع جهات الاختصاص، مع إصلاح إدارى يتيح المزيد من المحاسبة وجودة الخدمات ومراقبة جهات تقديم الخدمة.
هناك أرضية لحوار أوسع، يفترض أن تقوم به الأطراف الجادة وينعكس على الكثير من النقاشات والمعالجات، بعضها ينطلق من مصلحة التطوير، أما البعض الآخر فيقف عند نقطة لا يريد مغادرتها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة