أنباء عن فرض رسوم على متلقى المكالمة التليفونية بقيمة 10 قروش لكل دقيقة بدءًا من شهر أكتوبر المقبل، هكذا كان الخبر فى العالم الافتراضى، وتلك هى شائعة مغرضة التقطتها منصات مواقع التواصل الاجتماعى دون تحقق أو تدقيق أو حتى النظر إلى مصدر الخبر، من قال؟ وأين؟، فى مشهد مؤسف أصبح يتكرر يوميا، لدرجة وصلت أنه أصبح معتادا بين الحين والأخر أو مع كل مناسبة أو حدث، نجد سيلا من الشائعات للتشكيك أو التشويه أو هز الثقة أو التضليل، لكن العجيب حقا، هو الانسياق الجارف من قبل رواد السوشيال ميديا، علما أنه من السهل ولو بضغطة زر واحدة على محرك بحث يمكن للشخص التأكد من مصدر المعلومة ومعرفة الحقيقة.
ليجعل هذا السلوك منصات التواصل الاجتماعى بيئة خصبة للإشاعات، فكم من الأخبار المزيفة والمعلومات المغلوطة تثار يوميا؟ وكم من حالات الجدل التى أثيرت بسبب هذه الأفعال والحملات خلال السنوات الماضية؟ والتى تأكد قطعا وبالدليل والبرهان، أنه لا يهم أصحاب هذه الشائعات أو من يقف وراؤها إلا جمع اللايكات أو تحقيق نسب مشاهدات أو تحقيق أهداف خبيثة ومسمومة، بل أن المثير للدهشة والعجب أيضا، أن هناك من يعرف ذلك لكنه يفعله، فعلى المستوى النظرى يعلم جيدا أن هذا الأخبار غير منضبطة أو أنها إشاعات لا صحة لها، ورغم ذلك يقوم بتشيرها أو إعادة نشرها على الصفحات أو حتى على صفحته الخاصة بغرض زيادة المتابعين ليس أكثر فى تجاهل تام للمسئولية الواجبة عليه.
لذا، لابد أن يكون هناك وعى حقيقى، ومسئولية مقدرة حق التقدير، بأن تداول معلومة دون تحقق يعد جريمة بمعنى الكلمة، لأن هذا الفعل وتلك السلوك قطعا يستهدف هدم الوطن، لأن ببساطة مخططات هدم الأوطان تبدأ دائما بنشر الشائعات وتزييف الوعى، وبث الشكوك بغرض هز الثقة بين المواطن ومؤسساته الوطنية، فليس من المعقول أن نكون أمام آلاف الشائعات، وأمام هذا السيل الجارف، ونعتبر ذلك عملا وليد الصدفة، لذلك أعتقد أن هذا هو المستحيل نفسه، فكم من مئات الشائعات بل أقول الآلاف التى تم نفيها خلال عدة سنوات قليلة، غير أن الذى يؤكد أن هذا أمر مريب، أن هذا الاستهداف يكون فى كافة المجالات والقطاعات سواء الصحية أو التعليمية أو الخدمية وأن الهدف دائما واحد وهو بث الخوف من المستقبل، مثلما الحال في الشائعة التي نحن بصدد الحديث عنها اليوم، وهى فرض رسوم على مكالمات المحمول، والتي انتشرت بشكل مخيف سواء بالتداول أو عمل الكوميكسات على منصات السوشيال ميديا.
لكن الشىء الإيجابى والمبشر، والتى يستحق التقدير، أنه أصبح لدينا مؤسسات ومراكز إعلامية بكافة الجهات محترفة وأصبح لديها خبرة لمواجهة هذا الخطر، وأبرزها "المركز الإعلامى لمجلس الوزراء"، الذى يتمتع بخبرة حقيقية، وقدرة جيدة على التعامل مع هذا الخطر، سواء بسرعة النفى أو القيام بالتدقيق والتحقق، أو بالتواصل المباشر مع كافة وسائل الإعلام لتصحيح أية معلومة مغلوطة، إضافة إلى امتلاكه أدوات التواصل والحداثة وذلك من خلال فرق مدربة على أعلى مستوى، وهذا ما ساهم فى وأد كثير من الشائعات في المهد، وقلل من حدة الظاهرة وخطورتها بشكل كبير.
وختاما، نستطيع القول، إن صناعة الوعى حول خطورة ظاهرة الشائعات، وتأثيراتها السلبية على المجتمع، مسئولية حتمية يشترك فيها المواطن والحكومة، لأن الحفاظ على كيان الوطن ومؤسساته واجب على الجميع، مؤسسات وأفراد، وأن مواجهة حملات هز الثقة وإثارة البلبلة فرض على الجميع، وخاصة عندما يتعلق الأمر بمستقبل الوطن وأبنائه..