دائماً ما نصادفها يومياً خلال تصفح "فيس بوك"، بعناوينها الساخنة، وعباراتها الشاذة، التي تستهدف المراهقين والشباب الصغار، بكل ما فيها من لقطات تحمل إيحاءات جنسية وكلمات قبيحة، دون أن تقدم رسالة أو هدف، سوى حصد ملايين المشاهدات، لجلب الإعلانات وجمع الأموال، من خلال تقديم نماذج للخيانة والسرقة والنصب والاحتيال، وكل ما يشوه المجتمع، دون رقابة أو ضابط، فكلما كان العمل أكثر إسفافاً وقبحاً كلما كان أكثر مشاهدة!
الدراما الرخيصة على السوشيال ميديا انتشرت بصورة كبيرة خلال الفترة الماضية، وهي تعتمد على مجموعة من اللقطات البسيطة، والسيناريوهات البدائية، حيث لا حبكة، لا هدف، لا قضية، مجرد مشاهد بعناوين مثيرة تستهدف جر رجل الزبون، أملاً في تصاعد الأحداث وتشابكها لعلها تقوده إلى مشهد أكثر سخونة، فهكذا يفكر المراهقون، وحديثو العهد بوسائل التواصل الاجتماعي.
الكارثي والمثير أن الدراما الرخيصة التي نراها بين الحين والآخر على "فيس بوك" وانتشرت بصورة لم يعد الهرب منها ممكناً، تحقق ملايين المشاهدات، ولا يراقب محتواها أحد، في ظل قصور قانونى نحو مراجعة ومراقبة هذا المحتوى، كفلا تمر بنفس الدائرة التي تسير فيها كل المصنفات الفنية التي تعرض على الجمهور، لتصبح مصدر خطورة على المجتمع ودافع نحو ارتكاب الجرائم، وإفساد بنية المجتمع، على حساب حفنة من الأموال نظير الإعلانات والمشاهدات!
يجب أن تكون المواد الدرامية التي ينتجها مجهولون عبر السوشيال ميديا تحت سمع وبصر المجتمع والأجهزة الأمنية، خاصة أنها لا تقدم سوى الزوجات الخائنات، والأزواج القتلة، وتضع المرأة في صورة مُسيئة ومهينة، نحتاج سنوات وسنوات حتى نغيرها، خاصة أن هذه المواد تدخل إلى بيوتنا دون استئذان، وتزرع في المجتمع أسوأ العادات والخصال، وتهدم كل القيم التي نغرسها في النشء والصغار، الذين يمتصون هذه الفيديوهات المدمرة بسهولة وقد يتقمصونها وتحل الكارثة.
يجب أن تتم مراجعة حاسمة لكل ما يُقدم من محتوى على وسائل التواصل الاجتماعي، ومحاسبة المسئولين عنه، فلم يعد الأمر مجرد صفحات خاصة، أو تذرع بحرية إبداع، وتعبير عن الرأي، بل باتت وسائل مشبوهة تقدم مواد أكثر خطورة على المجتمع من الأفلام الإباحية، وتستهدف الأطفال، وتلاميذ المدارس، والمراهقين، وتدمر كل ما يبنيه المجتمع، لذلك يجب أن نقف لهذه المواد المصورة بالمرصاد، ويتم حصرها ومساءلة من ينتجها، بحيث تخضع لرقابة ما دامت تعرض على الجمهور العام.
أتصور أن دراما السوشيال ميديا، وما تحويه من كوارث سوف يكون لها دور في رفع معدلات الجريمة، وزيادة عدد جرائم الاغتصاب والتحرش في المجتمع خلال الفترة المقبلة، مالم تواجه بقوة من جانب أجهزة الدولة من ناحية، ومن المجتمع من ناحية أخرى، بحيث يتم مراقبة المحتوى الذي يُقدم للصغار والمراهقين ومتابعته بصورة تحميهم من المواد المشبوهة والدراما الفاسدة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة