الحضارة المصرية القديمة دائما محط اهتمام العالم، سواء المتخصصين مثل الباحثين والدارسين وحتى غير المتخصصين، فالتاريخ المصرى القديم يحمل العديد والعديد من الألغاز والحكايات، ومن أجلها يعمل الباحثين بشكل دائم على فك طلاسمها على مدار العقود التاريخية، والتى توضح عبقرية من صنعوا هذا التاريخ، ويوجد فى المتاحف المصرية والمواقع الأثرية التى تضم ملايين القطع من الكنوز المصرية القديمة تحف أثرية تؤكد على براعة المصرى القديم ومدى مهارته فى الإبداع، لنجد أن كل قطعة تحمل قصة مشوقة تعبر عن ملامح العصر الذى صنعت فيه.
التمثال المسحور في المتحف المصرى بالتحرير
تمثال الكاهن" جد – حور" المصنوع من البازلت الأسود، يعد من أشهر القطع الفنية الموجودة فى المتحف المصرى بالتحرير، حيث اكتسب هذا التمثال شهرته من الإشاعات التى انتشرت حوله والتى تقول بأنه تمثال "مسحور" .
وتمثال جد حور الذى يعود إلى العصر المتأخر "حوالى 323 – 317 ق.م"، عثر عليه بمعبد أتريب فى شرق الدلتا بمحافظة القليوبية- العصر البطلمي وهو مغطى بالكامل بنصوص سحرية كان الغرض منها العلاج من لدغات الحيات والعقارب والزواحف السامة.
ويحمل التمثال مجموعة كبيرة من الصفات الفنية لما يعرف بـ "ألواح حورس الطفل" ويعتبر أحد تنويعاتها، وظهرت "ألواح حورس الطفل" فى العصر المتأخر، وكانت تستخدم لأغراض علاجية، حيث أن الرموز المحفورة بتلك الألواح هى رموز قصد بها مخاطبة عالم آخر هو العالم النجمى، وكان فى نظر المصرى القديم هو عالم متداخل مع عالمنا وليس منفصلا عنه، وهو العالم الذى تذهب إليه الأرواح بعد الموت، كما أنه هو أيضا المصدر الذى تأتى منه كل الأشياء، وفيه أيضا تكمن أسباب كل الأمراض، حيث كان الكهنة فى مصر القديمة يقومون بمعالجة المرضى عن طريق الاتصال بهذا العالم (الدوات) .
ويعتبر السحر المصرى علما مستندا من المصادر، حيث يستعين الساحر بكتب خاصة بالتعاويذ السحرية التى تتطابق مع كل حالة من الحالات ويقوم بالترتيل لهذه التعاويذ بنفسه، وهذا ما يعرف بالشعائر الشفهية ثم تتبعها بعد ذلك الشعائر العملية، ولكى يؤدى السحر مفعوله تقرأ بعض التعاويذ الدينية أو يقوم الشخص بحمل بعض التمائم التى تؤدى غرض الحماية وتأخذ بعض الرموز المقدسة، وعرف السحرة فى مصر القديمة بإسم " حريو تب " لتحمل الترجمة اللفظية متصدر الجميع، حيث حمل السحرة هذا اللقب فى عهد الدولة الحديثة، بينما حملوا لقب كتبة نصوص الآلة منذ بداية العصر المتأخر، وكان الكهنة على درجة عالية من الثقافة والعلم، ويلمون بشتى المعارف والعلوم.
الجعران المقدس داخل معبد الكرنك
الجعران المقدس يوجد أمام البحيرة المقدسة داخل معبد الكرنك والتي تتعلق به قصة غريبة للغاية، حيث يعتقد الجميع أنه متواجد لكى يجلب السعادة لمن يدور 7 أشواط حوله، حيث إن المرأة الحامل تلد بصورة جيدة، والفتاة غير المتزوجة يأتيها نصيبها حال القيام بتلك الأشواط السبعة، والشاب الذى يحلم بالزواج كذلك، ومن لديه أمنية أو هدف معين يقوم بتلك الأشواط فيحصل على مراده فى أقرب وقت بعد القيام بتلك الدورات السبعة حول جعران معبد الكرنك، ويقوم يومياً مئات السائحين الأجانب والمصريين بتلك العملية والقيام باللف حول الجعران للحصول على نصيبهم من الأمانى السعيدة والحظوظ الجيدة.
فكان الجعران هو الهدية التى قدمها الملك أمنحتب الثالث أحد ملوك الأسرة 18 لزوجته الملكة "تى" التى يحبها حباً كثيراً، وكتب اسمها على تلك المجموعة من الجعارين التذكارية، وترك ذلك الجعران فى مكانه ونقش عليه اسمه واسم زوجته الملكة "تى"، وما قام به الملك أمنحتب الثالث له رمزية فى الجعران، ألا وهى كأنه يدعو لزوجته أن تستمر معه فى الحب كل يوم وأن يديم الله عليها الصحة والعافية، فهى تلك رمزية الجعران، وكذلك يعد الجعران رمزاً لإله الشمس "أمون-رع"، وعند الشروق تقوم الإلهة "نوت" آلهة السماء بولادة الجعران، والذى كان يمثل الشكل الأول للإله "أمون-رع"، حيث يبدأ نشاطه ويدفع بكرات من الروث على شكل قرص الشمس، وهو السبب فى ربط المصريين القدماء بين الجعران والشمس.
طلاسم على وشاح توت عنخ آمون
وشاح الملك توت عنخ آمون، الذى سيتم عرضه لأول مرة ضمن مقتنيات الملك توت عنخ آمون، في المتحف المصرى الكبير، والذى يحتوى على كم هائل من القطع الأثرية التى تتجاوز الـ50 ألف قطعة أثرية، وتشمل المجموعة الكاملة للملك توت عنخ آمون وسيتم عرضها لأول مرة أمام الجمهور بشكل كامل، أى أن الزوار على موعد مع أكثر من 5 آلاف قطعة للملك الذهبى وقت افتتاح المتحف.
والوشاح تم استلامه بمعمل الآثار العضوية، وهى عبارة عن كتلة غير واضحة المعالم، وتم إجراء الدراسات والفحوص والتحاليل والتصوير باستخدام اللمبات الـ Yd وRI، بحيث تتم معرفة إذا كانت الطبقات متماسكة من عدمه.
وتم وضع خطة عمل، حيث كانت الحالة متوسطة وليست سيئة، ومن المستطاع فرد القطعة، باستخدام الأجهزة الحديثة فى المعمل مثل الالترا سكونك، وهو عبارة عن جهاز بخار ماء يتم من خلاله ترطيب القطعة وفردها.
ووصل طول القطعة بعد الفرد إلى نحو 4 أمتار و80 سم، واستغرق ترميمها نحو 3 أسابيع، وبعد تجهيز القطعة بالكامل، كان هناك تحدٍ آخر هو كيفية تصميم حامل لطول تلك القطعة، فلا يوجد كارتون بهذا الطول، وبالتالى تم عمل وصلات داخل الكارتون، وبعد وضع القطعة بشكل كامل على نوع من القماش، وخلال أعمال الفرد تم اكتشاف أمر غريب لم يكن واضحًا خلال العمل على فرط القطعة، وهو وجود كتابات فى الجزء الأمامى من الوشاح ويتم إجراء الدراسة عليه لفك طلاسم النقوش الموجودة عليه.
القميص السحرى فى المتحف الفن الإسلامى
القميص المسحور قطعة أثرية موجود ضمن مقتنيات العرض داخل قاعة الطب فى المتحف الفن الإسلامى فى باب الخلق، ويعود تاريخ القميص إلى العصر الصفوى، القرن 12 هـ / 18 م، وهناك أقاويل من بعض المؤرخين أنه يعود لصفى الثانى ابن عباس الثانى اللى كان يطلق عليه سلطان الأول، ويقال أنه كان سلطان منحوس، وعندما تاخر صحته قام بارتداء تلك القميص حتى يستطيع استكمال حكمه.
ويتضح من شكل القميص داخل فترينة العرض أنه حجمه كبير لغاية ولا يرتديه إلا الملوك والأمراء، حيث يبلغ طوله 137سم، كما يبلغ عرض الصدر 89 سم، ويبلغ اتساع الوسط 92 سم أما طول الذراع فيبلغ 20 سم واتساعه 30 سم، وفتحة الرقبة تبلغ 16 سم وهو ثوب خالى من الخيوط، بكمين ومصنوع من الكتان يتكون من تقسيمات هندسية غاية فى الدقة والإمعان بالتصميم، وتبلغ مقاس الوسط التي تبلغ 92 سم تدل علي أن من كان يرتديه ممتلئ الجسد، وذو بطن بارز، كما يظهر مساحة عرض الصدر التي تبلغ 89 سم أنه عريض الأكتاف وتدل مساحة الكم 30 سم.
كان الأمراء والملوك يرتدوا القميص تحت ملابسهم ولا يراه عمه الناس، وذلك لحمياته من الأخطار خلال خوض المعارك، لتحقيق النصر، حسب معتقداتهم، كما نجد على القميص مجموعة من الآيات القرآنية وأسماء الله الحسنى، ومجموعة من الأرقام حتى يتم التبرك بها لتحقيق هدف معين، إلى جانب مجموعة من الزخارف والتقاسيم ومعينات ودوائر بالمداد الأسود والأحمر على القميص.
كما أكد المؤرخون أنه كان يتم توريث القميص بين الملوك والأمراء، إلى أن وصل لمصطفى بك شمس الدين، والذى باعة بـ 5 جنيه فقط، لماكس هارتز، الذى جاء إلى مصر عام 1880 وتم تعينه فى المكتب الفنى بوزارة الأوقاف ثم تولى إدارة المتحف الفن الإسلامى 1892م، وأصبح بعد ذلك المعمارى الرئيسى فى لجنة حفظ الآثار العربية من 1901 وحتى غادر مصر 1914م، وكان له دورًا بارزًا فى حفظ الآثار المصرية، حيث أهدى القميص السحرى إلى المتحف الفن الإسلامى، ويقال أنه له دور فى ترميم العديد من المبانى الأثرية فى مصر مثل مسجد السلطان حسن وبرقوق وباب زويلة وحمى قلعة قايتباى.
أما عن سر وجود الدم على القميص السحر الموجود فى المتحف الفن الإسلامى حسب كلام المؤرخون هو نتيجة تعرض آخر شخص ارتدى القميص للقتل، وهذا ما جعل العديد يتساءل كيف قتل من ارتدى القميص السحرى الذى يحمى صاحبه من الأذى؟ وكانت الإجابة هى أن كل ذلك اعتقاد مصرى قديم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة