أصدرت محكمة النقض، حكماَ قضائياَ يهم ملايين الأسر حيث رسخت فيه لعدة مبادئ قضائية بشأن التطليق للزواج بأخرى، قالت فيه: " الزواج بأخرى في حد ذاته لا يعد ضرراً مفترضاً يجيز للزوجة طلب التطليق، وعلة ذلك استبعاد المشرع الأضرار التي مرجعها المشاعر الإنسانية في المرأة تجاه ضرتها للتزاحم بين امرأتين على رجل واحد".
الوقائع.. زوجة تطلب الطلاق للزواج الزوج بأخرى
في يوم 1 نوفمبر 2014 طعن بطريق النقض فى حكم محكمة استئناف طنطا الصادر بتاريخ 7 سبتمبر 20014 فى الاستئناف رقم 38 لسنة 54 قضائية، وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً ،وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والإعادة، وفى نفس اليوم أودع الطاعن مذكرة شارحة، وفى 20 نوفمبر 2014 أعلنت المطعون ضدها بصحيفة الطعن، ثم أودعت النيابة العامة مذكرتها وطلبت فيها الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه، وبجلسة 11 نوفمبر 20 2016 عرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة، فرأت أنه جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره وبها سمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محامى الطاعن والنيابة العامة على ما جاء بمذكرتيهما والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.
المحكمة تصدر حكم طلاق لصالح الزوجة والزوج يطعن
وتتحصل الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 92 لسنة 2013 كلى " أحوال شخصية " طنطا - مأمورية المحلة الكبرى - على الطاعن بطلب الحكم بتطليقها عليه بائناً، وقالت فى بيان ذلك، إنها زوج له وإذ تزوج عليها بأخرى دون رضاها، وإذ ترك مسكن الزوجية وقتر فى الإنفاق عليها مما أضر بها المضارة الموجبة للتطليق، فقد أقامت الدعوى، أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق، وبعد سماع شاهدى المطعون ضدها، حكمت بتاريخ 29 ديسمبر 2013 بالتطليق، ثم استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 38 لسنة 54 قضائية طنطا.
وفى تلك الأثناء - أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق، وبعد سماع شهود الطرفين، قضت المحكمة بتاريخ 7 سبتمبر 2014 بتأييد الحكم المستأنف، ثم طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت، النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن، عُرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
3 أسباب يستند عليها الزوج في طعنه
مذكرة الطعن ذكرت أن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بها على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون، والفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب، وفى بيان ذلك يقول، إن الحكم اعتد فى قضائه بتطليق المطعون ضدها على الطاعن على ما جاء بأقوال شاهديها من أنه أصابها انهيار مرضى نقلت على أثره للمستشفى من جراء زواجه عليها بأخرى وهو ما أضر بها المضارة الموجبة للتطليق، وإذ كانت هذه الشهادة مرسلة لا يؤيدها دليل ويدحضها أقوال شاهديه والمستندات المقدمة منه والتى تدل على قيامه بالإنفاق تنفيذاً للحكم الصادر ضده لصالحها فى الدعوى رقم 753 لسنة 2010 جزئى طنطا ، وإنها قد تركت مسكن الزوجية منذ إقامتها للدعوى رقم 354 لسنة 2010 كلى أحوال شخصية طنطا، والتى أقامتها بطلب تطليقها عليه للعقم، وأنها قد منعته وأهلها من زيارتها وإذ أغفل الحكم دلالة تلك المستندات فإنه يكون معيباً مما يوجب نقضه .
المحكمة في حيثيات الحكم، قالت إن هذا النعى فى غير محله، ذلك أنه لما كان من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن النص فى المادة 11 مكرراً من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 على أنه:"... يجوز للزوجة التى تزوج عليها زوجها أن تطلب الطلاق منه إذا لحقها ضرر مادى أو معنوى يتعذر معه دوام العشرة بين أمثالهما ولو لم تكن قد اشترطت عليه فى العقد ألا يتزوج عليها، فإذا عجز القاضى عن الإصلاح بينهما طلقها عليه طلقة بائنة، ويسقط حق الزوجة فى طلب التطليق لهذا السبب بمضى سنه من تاريخ علمها بالزواج بأخرى، إلا إذا كانت قد رضيت بذلك صراحة أو ضمناً... الخ.
"النقض" تقرر: الزواج بأخرى لا يعد ضرراً مفترضاً يجيز للزوجة طلب التطليق
وبحسب "المحكمة" - يدل ذلك على أن المشرع اشترط للحكم بالتطليق وفق نص هذه المادة أن تثبت الزوجة وقوع الضرر بها لاقتران زوجها بأخرى، مما يتعذر معه دوام العشرة بين أمثالهما وأن يعجز القاضى عن الإصلاح بينهما، إذ لا يعد الزواج بأخرى فى حد ذاته ضرراً مفترضاً يجيز للزوجة طلب التطليق، وإنما يجب على الزوجة التى تعارض الزواج الجديد أن تقيم الدليل على أن ضرراً منهياً عنه شرعاً أصابها بفعل أو امتناع من قبل زوجها على أن يكون هذا الضرر حقيقياً لا متوهماً، واقعاً لا متصوراً، ثابتاً وليس مفترضاً مستقلاً بعناصره عن واقعة الزواج اللاحق فى حد ذاتها وليس مترتباً عليها، مما لا يغتفر لتجاوزه الحدود التى يمكن التسامح فيها شرعاً منافياً لحسن العشرة بين أمثالهما بما يخل بمقوماتها ويعد إساءة دون وجه حق اتصلت أسبابها بالزيجة التالية وكانت هى باعثها.
ووفقا لـ"المحكمة" - على ذلك يكون المشرع قد استبعد الأضرار التى تعود إلى المشاعر الإنسانية التى تعتمل فى صدر المرأة تجاه ضرتها التى مرجعها الغيرة الطبيعية بين أمرأتين تتزاحمان على رجل واحد، وهذا أمر لا يمكن تنقية النفوس البشرية منه ولم يقصد النص المذكور إلى إزالته، وأن لقاضى الموضوع السلطة التامة فى تقدير دواعى الفرقة بين الزوجين والأدلة المقدمة فى الدعوى ومنها أقوال الشهود والموازنة بينها وترجيح ما يطمئن إليه واستخلاص ما يراه متفقاً مع واقع الحال فى الدعوى دون رقابة عليه فى ذلك من محكمة النقض ما دام قد أقام قضاءه على أسباب سائغة لها أصلها الثابت فى الأوراق ومن شأنه أن يؤدى إلى النتيجة التى خلص إليها ، ولا عليه من بعد أن يتتبع الخصوم فى كافة مناحى دفاعهم ويرد استقلالاً على كل قول أو حجة أثاروها ما دام فى قيام الحقيقة التى اقتنع بها وأورد دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج.
استبعاد المشاعر الإنسانية للتزاحم بين امرأتين على رجل واحد
لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد أقامت قضاءها بتطليق المطعون ضدها على الطاعن طلقة بائنة على ما استخلصته من البينة الشرعية للمطعون ضدها من أن زواجه بأخرى دون رضاها قد أصابها بضرر مادى ومعنوي يتمثل فى هجره لها وتقتيره فى الإنفاق عليها مما يتعذر معه دوام العشرة بين أمثالهما وذلك بعد طرحه أقوال شاهديه لعدم اطمئنانه إليها، وهذه أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وكافية لحمل قضاء الحكم وتؤدى إلى ما انتهى إليه وتتضمن الرد الضمني المسقط لكل قول وحجُة مخالفة ولا ينال من ذلك ما قرره من أن المطعون ضدها هي التي هجرت مسكن الزوجية قبل زواجه بأخرى ذلك أنه من المقرر - فى قضاء النقض - أن الشارع عدّد من الإجراءات الجوهرية فى الطعن بطريق النقض أن يناط بالخصوم تقديم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه طعنهم ، وكان الطاعن لم يقدم دليلاً على صحة ما يدعيه فإن طعنه يكون عارياً عن الدليل، ويكون معه الطعن برمته جدلاً فى تقدير المحكمة للأدلة مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، ومن ثم غير مقبول، ولما تقدم يتعين رفض الطعن .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة