سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 19يناير 1973 عبدالرحمن عزام أول أمين لجامعة الدول العربية يتذكر لقاءاته ومراسلاته الأخيرة مع «شيخ المجاهدين الليبيين» عمر المختار

الأربعاء، 19 يناير 2022 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 19يناير 1973 عبدالرحمن عزام أول أمين لجامعة الدول العربية يتذكر لقاءاته ومراسلاته الأخيرة مع «شيخ المجاهدين الليبيين» عمر المختار عبدالرحمن عزام

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
اجتمع ممثلو سبع دول عربية فى مصر يوم 22 مارس 1945 للتوقيع على ميثاق جامعة الدول العربية، واختاروا عبدالرحمن عزام أمينا لها، وكان له تاريخ سياسى ونضالى طويل فى مقاومة احتلال الأرض العربية فى النصف الأول من القرن العشرين، واقترن اسمه بصفة خاصة بالجهاد فى ليبيا ضد الاحتلال الإيطالى منذ أن وصلها عام 1913 عن طريق الحدود الغربية، وفقا للكاتب الصحفى «جميل عارف» فى كتابه «صفحات من المذكرات السياسية لأول أمين عام للجامعة العربية»، مضيفا: «كان هو صاحب فكرة إعلان أول جمهورية عربية قامت على الأرض الليبية أثناء المعارك ضد الإيطاليين وهى الجمهورية الطرابلسية، كما اتهمه الملك إدريس السنوسى عام 1950 بأنه يسعى إلى التربع على عرش ليبيا، وفتح بيته فى ضاحية «أبى قير» بالإسكندرية، وبيته فى العجوزة وحلوان، لتصبح الملتقى لكل الليبيين بما فيهم إدريس السنوسى».
 
بقى «عزام» فى ليبيا حتى عاد إلى مصر عام 1922، وفاز فى انتخابات 1923 النيابية، واستمرت صلته بشيخ المجاهدين الليبيين عمر المختار، حسبما يؤكد فى حوار أجراه معه الكاتب الصحفى «زكريا نيل»، بالأهرام، 19 يناير، مثل هذا اليوم، 1973، ويكشف فيه قصة آخر مواقفه مع «المختار».
 
يذكر «عزام» أن آخر لقاء بينه وبين «سى عمر المختار» «هكذا ينطقها باللهجة الليبية» كان عام 1923.. يقول: «كنا قد عدنا جميعا، من بقى من المناضلين فى حرب المقاومة الليبية ضد جيش الاحتلال الإيطالى فى عام 1922.. عدنا إلى مصر بعد أن اجتمعنا فى الرأى على أن استمرار القتال مع الغزاة الإيطاليين هو انتحار، بعد أن استشرى الاحتلال، واشتدت إبادته للمناضلين، وبعد أن انهالت جحافل الجيش الإيطالى بكل إمكانياتها الحربية على ليبيا، ورغم أننا أحدثنا الرعب والفزع لكل هذه القوات الهائلة، إلا أننا قررنا جميعا وقف القتال، بعد أن فقدنا مقومات العمل النضالى، وكان معظمنا صدرت عليه أحكام بالإعدام، وصدر علىّ حكم بالموت، ثم حكم آخر بالإعدام من موسولينى نفسه، وعدنا إلى مصر عن طريق الصحراء، وكان معنا ما يقرب من مائة ألف من الليبيين، وخطتنا أن نبدأ حربا سياسية ضد إيطاليا، إلى أن تتهيأ لنا ظروف مواصلة القتال، وانتشر أشقاؤنا فى العديد من المحافظات، وكان بينهم «عمر المختار»، وحتى نتهيأ للمرحلة الجديدة تقدمت إلى مجلس النواب وفزت بعضوية المجلس، وكنت أصغر نائب فى أول مجلس نيابى بمصر عام 1923 «مواليد 8 مارس 1893».
 
يضيف «عزام»: «فى نفس هذا البيت الذى نحن فيه بحلوان، وفى هذه القاعة «أشار بيده إلى قاعة مجاورة» كان ينتظرنى «سى عمر المختار» ومعه بعض الرجال، ولكنه لم يطل انتظاره، لأنى عدت مبكرا بعد مناقشة حامية فى مجلس النواب أدت إلى أزمة بينى وبين الزعيم الراحل سعد زغلول، وكانت له معزة ومكانة فى نفسى.. وابتدرنى «سى عمر» بقوله: سى عبدالرحمن أنا قررت العودة إلى النضال فى ليبيا، لأننى لا أستطيع البقاء دون مقاتلة الإيطاليين.. كان عمره فى هذا الوقت يقترب من سبعين عاما «مواليد 20 أغسطس 1858»، وأشفقت عليه من المصير المحتوم، وحاولت إقناعه بالعدول عن رأيه، لكنه أصر قائلا: أنا قررت الاستشهاد، قررت هذا سى عبدالرحمن، ولا رجعة فيه، ولا أريد غير تهيئتى حتى أصل إلى داخل ليبيا.
 
يتذكر «عزام»: «كانت تكاليف التهيئة بسيطة لا تتجاوز 13 جنيها اقترضناها واشترينا جملين وبعض الأغطية والأغذية، ولم يكن السلاح مشكلة فهم يحصلون عليه من عدوهم عنوة ومجانا».. يضيف «عزام»: ذهب «سى عمر» ومعه ثلاثة من الرجال على جملين، ولم يكد يصل حتى استأنف القتال ضد الإيطاليين، وكنت فى الحقيقة لا أتوقع له أن يمثل حيا بضعة أيام، لأن الاحتلال الإيطالى كان أبشع ما عرفناه من الأعداء، لكن سى عمر ظل يقاتل خمسة أعوام، وبقى لأنه حرص على الموت، ولذلك امتدت به الحياة، وهذه عبرة حية لكل المناضلين الشرفاء، غير أن «سى عمر» عندما رأى خطر قوات الاحتلال يحاصرهم فى كل مكان، أرسل لى قائلا: «أنه سيجمع النساء والأطفال ومن لا يقدر على القتال من الرجال وسيرسلهم إلى مصر».
يضيف «عزام»: «كانت مراسلاته لى عن طريق بعض الجزائريين، فأرسلت له محذرا بألا يرسلهم عن طريق السلوم، لأن السلطات المصرية تمنع ذلك، وخشيت أن يسلموهم إلى السلطات الإيطالية، وطلبت منه أن يكون دخولهم عن طريق جنوب واحة سيوة فى الصعيد، وهناك انتقى سى عمر الشباب والقادرين على حمل السلاح وودع الباقى، ثم عاد إلى النضال، ولكنه بعد ذلك وقع بطريق الصدفة فى يد قوات الاحتلال وهو جريح، ولم يخضع الرأس، ولم يطلب الغفران وواجه الإعدام كأشجع الشجعان».  









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة