قبل نهاية شهر ديسمبر الماضى، تحدثت عن تجربة التطوع لسد العجز فى المدارس، وخطورة استغلالها باعتبارها باب خلفى للدروس الخصوصية، ووسيلة يستخدمها البعض لاستقطاب الطلاب، خاصة في القرى والريف، التي يرتبط فيها التلميذ بمعلم الفصل بالمراحل الابتدائية، التي تعتبر الأكبر في العملية التعليمية، وتضم 6 سنوات كاملة، والأعداد الموجودة بها تساوى المرحلتين الثانوية والإعدادية، بل أكثر إذا تمت إضافة مرحلة رياض الأطفال، التي تصل إلى عامين.
القرار الذي اتخذته القيادة السياسية بتعيين 150 ألف معلم خلال 5 سنوات، بواقع 30 ألف معلم سنوياً، وتدبير الاعتمادات المالية اللازمة اعتباراً من يوليو لهذا الغرض2022، يعتبر حل مثالي وجذري لمشكلة عجز المعلمين، التي تفاقمت خلال السنوات الأخيرة، نتيجة خروج آلاف الكفاءات الفنية من المعلمين والموظفين على المعاش، وقد أعطى القرار قبلة حياة للتعليم الأساسي من جديد، وسوف يساهم بصورة عملية في حل المشكلة تدريجياً وفق الأولويات والخطط التي تضعها وزارة التربية والتعليم لسد العجز، كأن يتم إعطاء الأولوية للتخصصات الدراسية التي تحتاج إليها المدارس، مثل الرياضيات واللغة العربية، واللغة الإنجليزية، والعلوم والدراسات الاجتماعية، بينما تأتى التربية الرياضية والأخصائيين الاجتماعيين وتخصصات المكتبات والأنشطة في الأولوية الثانية.
أتصور أن الدولة اتخذت قرار تعيين الـ 150 ألف معلم بعدما تأكدت من عدم جدوى نظام التطوع في سد العجز، والمشكلات التي ترتبت عليه، خاصة أن أغلب من اتجهوا للتطوع كانوا يذهبون إلى المدارس من باب تمضية أوقات الفراغ، لكن العملية التعليمية والفصول والتدريب والمناهج الجديدة، واكتساب المهارات الفنية والتربوية اللازمة، كل هذا لم يكن ضمن الأولويات، لذلك كان قرار تعيين معلمين مؤهلين ضروري وأساسي ولا غنى عنه، حتى تستمر منظومة العمل داخل المدارس في مختلف المراحل الدراسية.
وزارة التربية والتعليم أعلنتها صريحة بالأمس، أنه لا مجاملات أو أولويات للتعيين في المسابقة الجديدة لأحد، فقط الخبرة والكفاءة واستيفاء الشروط هي المعيار الأول والأخير، حتى لا يتصور أحد أن له أفضلية على الآخر، بقدر المستوى التعليمي الذى وصلت إليه والخبرات والمهارات والتدريبات التي حصلت عليها، ستجد مكانك وسط التعيينات الجديدة، خاصة أن الوساطة والمحسوبية والمجاملات لن تجد طريقها إلى هذه المسابقة، فيتم الإشراف عليها من مختلف الجهات المعنية، لضمان النزاهة والحياد في الاختيار، حتى لا تتكرر أخطاء الماضي، وما كان يحدث سابقاً، لذلك عليكم التعويل على مهاراتكم وقدراتكم وخبراتكم فقط، ولا تتصوروا أن الاختيارات قد تخضع لضغوط أو مصالح.
الشباب أصحاب المؤهلات التربوية لديهم فرصة ذهبية للقبول في مسابقة الـ 150 ألف معلم، وتحقيق حلم التعيين، الذي طال انتظاره لأغلبهم، لذلك عليهم أن يستغلوا الظروف ويسعوا لتطوير قدراتهم ومهاراتهم خلال الوقت الراهن، والتدريب على فلسفة المناهج التعليمية الجديدة، والحصول على الدورات التدريبية اللازمة، واستقاء الخبرات من أصحابها، والاستعداد للامتحانات التي ستعقد للمتقدمين في الفترة المقبلة، حتى يضمنوا لأنفسهم مكاناً في التعيينات الجديدة، ولا يضيعوا هذه الفرصة، التي قد لا تتكرر في المستقبل القريب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة