يمر اليوم 94 عامًا على ميلاد فارس المسرح والفن، الفنان الكبير عبد الله غيث الذى ولد فى مثل هذا اليوم الموافق 28 يناير من عام 1928 ووصلت شهرته وموهبته للعالمية واستطاع أن يتفوق على أكبر نجوم الفن ليس فى مصر فقط ولكن فى العالم.
كان الفنان الكبير عبد الله غيث يمتلك من القدرات الفنية الهائلة ما يستطيع إقناعك بأى شخصية يؤديها فى دقائق معدودة، وهو ما اشتهر به بين زملائه، الذين لقبوه بلقب "الشديد" لأنه كان يستطيع أداء مشاهده دون أن يضطر لإعادة أى منها مهما كانت صعوبة هذه المشاهد، وتميز بقوته فى الأداء والإلقاء واللغة العربية والقدرة على تجسيد وتقمص أى شخصية، فهو الفارس المقاوم أدهم الشرقاوى، وهو الوزير العاشق، وهو حمزة عم الرسول فى فيلم الرسالة، وعباس الضو فى مسلسل المال والبنون، وعلوان أبو البكرى فى ذئاب الجبل، وهو عملاق من عمالقة المسرح وعبقرى من عباقرة الأدوار الدينية الشهيرة.
ولد عبدالله غيث فى 28 يناير من عام 1928 لأسرة ورثت العمودية بقرية شلشلمون بمنيا القمح بالشرقية، وعاش طفولة أثرت بشكل كبير على حياته الفنية فهو الشقيق الأصغر للفنان الكبير حمدى غيث والفرق بينهما 4 سنوات، وكان والدهما يدرس الطب فى إنجلترا، وأثناء الحرب العالمية عاد إلى مصر ولم يستطع الرجوع لاستكمال دراسته، وتولى العمودية فى قريته شلشلمون بمنيا القمح، لكنه توفى فى سن صغيرة تاركا 5 أبناء، أصغرهم عبدالله غيث المولود فى 28 يناير عام 1928 الذى كان رضيعًا وقت وفاة والده، بينما كان شقيقه حمدى المولود فى 7 يناير 1924 فى سن الرابعة، ورغم فارق السن البسيط تعامل حمدى منذ لحظة وفاة والده مع شقيقه الأصغر باعتباره ابنه، كان حمدى وعبد الله شقيقان من الأب والأم، وكان لهما أشقاء من الأب حيث كان والدهما متزوجا قبل زواجه من والدتهما.
اصطحبت الأم طفليها حمدى وعبد الله بعد وفاة زوجها إلى القاهرة لتسكن فى حى الحسين بالأزهر، حيث كان والدها وشقيقها من شيوخ الأزهر، وهو ما أثر فى إتقان الأخوين للغة العربية وفن الإلقاء، ورغم أنها لم تكن متعلمة، فإنها كانت تحب الفن والمسرح وتصطحب ولديها إلى المسارح ودار الأوبرا، ومن هنا بدأ عشقهما للفن.
لم تنقطع صلة الأم وابنيها عن زيارة عائلة الأب بالشرقية بعد انتقالهم للعيش بالقاهرة، وكان عبد الله أكثر ارتباطًا بالقرية وأهلها، يهوى حياة الريف ويستمتع بركوب الخيل وارتداء الجلباب وكان يهوى التنكر والتمثيل، فكان يتنكر فى زى ضابط تموين، ويذهب إلى مخازن التجار الذين يحتكرون المواد التموينية ويفتشها فلا يعرفونه، ويلقون ببضاعتهم فوق الأسطح، واشترك هو وشقيقه فى العديد من المقالب وهما طفلان.
كان دور الفنان عبد الله غيث فى فيلم الرسالة العالمى والذى جسد فيه شخصية حمزة بن عبد المطلب عم النبى صلى الله عليه وسلم أحد العلامات البارزة فى مشواره الفنى، وبلغ من قدرة وتفوق عبد الله غيث أن استفاد وتعلم منه الفنان العالمى انتونى كوين الذى قام بنفس الدور فى النسخة الأجنبية من الفيلم.
وفى تصريحات خاصة لليوم السابع تحدث الحسينى عبد الله غيث ابن الفنان الكبير عن كواليس فيلم الرسالة، قائلاً: "الفيلم كان به فريق أجنبى لأداء النسخة الأجنبية، وفريق عربى للنسخة العربية، وكان مقررًا أن يبدأ الفريق الأجنبى تصوير المشاهد، ويليه الفريق العربى، وعندما شاهد أنتونى كوين أداء والدى فى بعض المشاهد طلب أن يبدأ الفريق العربى أولًا حتى يستفيد من خبرته وأدائه».
وأكد ابن عبد الله غيث أن والده تلقى عروضًا للمشاركة فى عدد من الأعمال العالمية، ولكن عدم إتقانه التام للغة الأجنبية كان عائقًا فى سبيل انطلاقه للعالمية.
وفضلًا عن الجماهيرية العريضة، التى تمتع بها الفنان الكبير عبد الله غيث فإنه كان يتمتع بحب وإعجاب الرؤساء والزعماء.
وقال الحسينى عبد الله غيث: "الرئيس السادات وحرمه جيهان كانا يحضران المسرحيات الشعرية التى يقدمها والدى وعمى حمدى، وبكت جيهان السادات تأثرًا بمسرحية "الوزير العاشق" التى قدمها والدى، خاصة فى المشهد الذى كانت تلقى عليه السهام، وكان المسرح دائمًا كامل العدد، وكان السادات يقدرهما ويحبهما جدًا، ومنحهما العديد من الأوسمة، كما كان كل الزعماء يبدون إعجابهم بهما، ومنهم ياسر عرفات، وملك السعودية والمغرب، وكل الشخصيات الكبرى فى الدول.
ارتبط عبد الله غيث منذ طفولته بعلاقة حب مع ابنة خالته، وتزوجها وهو فى سن 18 عامًا، وأقيمت له الأفراح فى قريته لمدة أسبوع كامل، وأنجب ثلاث أبناء هم الحسينى وأدهم وعبلة، وكان محباً لأسرته وزوجته يتعامل كرجل ريفى فى بيته ومع أفراد عائلته، وعاش مخلصاً لزوجته وحبه الوحيد حتى رحيله.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة