مجدداً ، يطل كابوس داعش ليهدد دول الشرق الأوسط وسط تحديات متزامنة بمقدمتها القيود التي فرضها وباء كورونا علي اقتصاديات الدول ، ما كان له أثر بالغ علي الجوانب الأمنية بطبيعة الحال، وهو ما ظهر واضحاً في المعركة الدامية التي وقعت في سجن الحسكة بين التنظيم وقوات سوريا الديمقراطية والقوات الأمريكية، في هجوم هو الأشرس منذ 2019.
وفي تقرير لها ، قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إن دلائل عدة تشير إلى عودة ظهور تنظيم داعش الإرهابي في سوريا والعراق يومًا بعد يوم ، بعد ما يقرب من ثلاث سنوات من خسارة التنظيم لآخر رقعة من الأراضي التي كان يسيطر عليها والتي امتدت ذات يوم عبر أجزاء شاسعة من البلدين.
وفي الوقت الذي باتت فيه الأراضي الأفغانية مسرح محتمل للعمليات بين حركة طالبان التي تدير البلاد، وفلول تنظيم داعش التي تحاول العودة مستغلة في ذلك الانسحاب الأمريكي من أفغانستان ، يبدوا أن دول الشرق الأوسط وبمقدمتها سوريا والعراق علي موعد مع هجمات التنظيم الإرهابي من جديد.
وسلطت الصحيفة في تقريرها الضوء علي الهجمات التي نفذها داعش خلال الأسابيع الماضية، من خلال ما أسمته بـ"الخلايا النائمة" ، ونقلت عن "كاوا حسن"، مدير ابحاث الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مركز ستيمسون بواشنطن قوله: "الهجمات الأخيرة تظهر قدرة داعش على الصمود للرد في الزمان والمكان الذي يختارونه".
موقعة الحسكة .. جرس إنذار
وقبل أسبوع اندلع قتال بين سوريا الديمقراطية يقودها الأكراد وتدعمها الولايات المتحدة ومسلحين من تنظيم داعش داخل سجن في شمال شرق سوريا، وامتد القتال إلى الأحياء المجاورة ، مما أدى إلى اندلاع أكبر مواجهة بين الجيش الأمريكي وحلفائه السوريين وتنظيم داعش خلال ثلاث سنوات.
وبدأ الهجوم ، بتحرك لعناصر داعش بواسطة سيارات مفخخة مستهدفة سجن "غويران" في جنوبي مدينة الحسكة السورية، والذي يضم نحو 3500 ألف معتقل من التنظيم، لينضم الجيش الأمريكي إلى القتال في محاولة للسيطرة علي المشهد.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، سيطر السجناء علي السجن وتمكن 80 سجيناً من داعش من الهرب ، فيما قتل 41 شخصاً ضمنهم 20 حراس السجن ، وقوات مكافحة الإرهاب، و16 من عناصر داعش و5 مدنيين.
وحذر خبراء بحسب تقرير الصحيفة الأمريكية من أن الهجوم الذي شهدته سوريا قابل للتكرار في العراق ، مشيرة إلى أن العراق شهد أحداث عدة خلال الأشهر القليلة الماضية تظهر تغلغل التنظيم ، ففي ديسمبر الماضي، خطف مسلحون أربعة صيادين عراقيين في منطقة جبلية بشمال شرق العراق بينهم عقيد في الشرطة وقطع المسلحون رأس ضابط الشرطة ، ثم نشروا مقطع الفيديو المروع.
الإرهابيون الجدد
ويبدوا أن داعش يحظى بأجيال جديدة من الإرهابيين ، فبحسب أرديان شاجكوفسي ، مدير المعهد الأمريكي لمكافحة الإرهاب والاستهداف والصمود ، فإن العديد من المسلحين الذين تم اعتقالهم في هجمات منذ أن فقدت المجموعة آخر أراضيها قبل ثلاث سنوات يبدو أنهم أصغر سناً ، ومن عائلات ذات أعضاء أكبر سناً مرتبطة بداعش.
وقال: "إذا كان الأمر كذلك، فهذا جيل جديد من مجندي داعش ، يغير الحسابات والتهديدات بعدة طرق".
ووفقا للتقرير، هناك ما يقدر بنحو 3500 محتجز من عناصر داعش في سجون سوريا، وهناك ما يصل إلى 700 قاصر ، حوالي 150 منهم من مواطني البلدان الأخرى الذين تم نقلهم إلى سوريا كأطفال صغار عندما غادر آباؤهم منازلهم للانضمام إلى التنظيم الإرهابي حيث توجه ما يقدر بنحو 40 ألف أجنبي إلى سوريا للقتال أو العمل.
دواعش الغرب.. قنبلة موقوتة خلف الأسوار
وسلط حصار السجن الضوء على محنة آلاف الأطفال الأجانب المحتجزين منذ ثلاث سنوات في المعسكرات والسجون في المنطقة ، الذين هجرتهم بلدانهم.
من بين نزلاء السجن صبية لا تتجاوز أعمارهم 12 سنة. نُقل بعضهم إلى السجن بعد أن اعتُبروا أكبر من أن يبقوا في معسكرات الاعتقال التي احتجزت عائلات من يشتبه في أنهم من مقاتلي داعش.
وقالت مديرة منظمة إنقاذ الطفولة في سوريا ، سونيا كوش ، إن من احتجزوا الأطفال مسؤولون عن سلامتهم، لكنها أشارت أيضًا بأصابع الاتهام إلى الحكومات الأجنبية التي رفضت إعادة مواطنيها المسجونين إلى أوطانهم، وتابعت: "المسؤولية عن أي شيء يحدث لهؤلاء الأطفال تقع أيضًا على عاتق الحكومات الأجنبية التي اعتقدت يمكنهم ببساطة التخلي عن أطفالهم المواطنين في سوريا".
وفي عام 2014 ، سيطر داعش على نحو ثلث العراق وأجزاء كبيرة من سوريا ، وهي الأراضي التي تنافس بريطانيا في الحجم، وعندما سقطت آخر قطعة منه في الباغوز بسوريا قبل ثلاث سنوات ، وُضعت النساء والأطفال الصغار في معسكرات الاعتقال ، فيما نُقل من يُعتقد أنهم مقاتلون إلى السجن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة