أثار ارتفاع التضخم فى جميع أنحاء أوروبا، موجة من الاحتجاجات والإضرابات، حيث لا تزال القارة العجوز تتكبد خسائر بسبب استمرار الحرب فى أوكرانيا، مع ارتفاع كبير فى أسعار الطاقة والمواد الغذائية.
ففى رومانيا، قام المتظاهرون بتفجير الأبواق والطبول للتعبير عن خيبة أملهم من ارتفاع تكاليف المعيشة. نزل المواطنون إلى الشوارع فى فرنسا للمطالبة بزيادة الأجور بما يتماشى مع التضخم. واحتج المتظاهرون التشيكيون على طريقة تعامل الحكومة مع أزمة الطاقة. دخل موظفو السكك الحديدية البريطانية والطيارون الألمان فى إضراب للمطالبة بزيادة الأجور فى مواجهة ارتفاع الأسعار، حسبما قالت صحيفة "لابانجورديا" الإسبانية.
وأدى سعر الطاقة إلى ارتفاع التضخم فى الدول الـ19 التى تستخدم اليورو كعملة لها إلى مستوى قياسى بلغ 9.9٪، مما يجعل من الصعب على الناس شراء ما يحتاجون إليه، لا يرى البعض أى خيار سوى الخروج من المنزل.
وقال رشيد أوشيم، وهو طبيب كان من بين أكثر من 100 ألف شخص احتجوا فى عدة مدن فرنسية هذا الأسبوع: "اليوم، يضطر الناس إلى استخدام أساليب الضغط للحصول على زيادة" فى الأجور.
وزادت تداعيات الحرب فى أوكرانيا بشكل ملحوظ من مخاطر الاضطرابات المدنية فى القارة، وفقًا لاستشارات المخاطر Verisk Maplecroft. لقد دعم القادة الأوروبيون أوكرانيا بقوة من خلال إرسال أسلحة ووعدوا، أو أجبروا، على التخلى عن النفط والغاز الطبيعى الروسى الأرخص ثمناً، لكن الانتقال لم يكن سهلاً ويهدد بتقويض الدعم الشعبي.
وفى العاصمة التشيكية براغ، طالب حشد الشهر الماضى باستقالة الائتلاف الحاكم الموالى للغرب.
أما فى فرنسا، التى لديها أدنى معدل تضخم فى منطقة اليورو عند 6.2٪، استجاب عمال السكك الحديدية والنقل ومعلمى المدارس الثانوية وموظفى المستشفيات الثلاثاء الماضى لدعوة نقابة عمال النفط للمطالبة بزيادة الأجور والاحتجاج على تدخل الحكومة فى إضرابات المصافي. العمال الذين تسببوا فى نقص البنزين.
وكانت فرنسا شهدت هذا العام، ارتفاعا كبيرا فى الأسعار، وخاصة فى الطيور، التى ارتفعت أسعارها بنسبة 51% فى أقل من عام، وذلك بسبب انتشار أنفلونزا الطيور، وأيضا ارتفاع أسعار الحبوب ونقص الإنتاج والاستيراد بعد حرب أوكرانيا.
كما شهدت أسعار البيض ارتفاعا كبيرا بأكثر من الضعف فى فرنسا، بسبب ارتفاع تكاليف الغذاء والطاقة ونفص الإمدادات، وهو ما دفع شركات الأغذية إلى خفض الإنتاج او تغيير الوصفات، حسبما أكد المزارعون فى فرنسا.
و كان من المتوقع أن ينخفض إنتاج البيض العالمي، الذى بلغ 1.5 مليار فى عام 2021، للمرة الأولى على الإطلاق هذا العام، بعد انخفاض بنسبة 4.6٪ فى الولايات المتحدة، وانخفاض بنسبة 3٪ فى الاتحاد الأوروبى، وانخفاض بنسبة 8٪. فى فرنسا.، أكبر منتج للبيض فى الكتلة الاوروبية، حسبما ذكرت مجموعة الصناعة الفرنسية CNPO.
وفى إيطاليا وإسبانيا، فهناك أزمة فى زيت الزيتون بسبب نقص الإنتاج وارتفاع الأسعار، وأعربت الرابطة الإيطالية لصناعة زيت الزيتون Assitol عن قلقها إزاء الوضع الذى يجد فيه قطاع الزيتون الإيطالى أزمة من نقص الإنتاج مع ارتفاع الأسعار، ما يؤدى إلى اقتراب نفاده على أرفف السوبر ماركت.
ووفقا لصحيفة "المساجيرو" الإيطالية فإن تقديرات المنظمات الزراعية، هناك 200 ألف طن من زيت الزيتون المخطط لها لهذا المحصول لن تكون كافية لتزويد السوق المحلى الذى يحتاج إلى 600 ألف طن.
وارتفع السعر بنسبة 27٪ فى محصول 2021-2022 مقارنة بالمحصول السابق، حيث ارتفع سوق زيت الزيتون بشكل جذرى مع الإعلان عن قدرة المحصول وانخفاض الإنتاج المتوقع للزيت.
وأشارت الصحيفة إلى أنه يتم بيع لتر زيت الزيتون مقابل 5 يورو، واستمر العرض فى المطالبة بارتفاع الأسعار، فى حين أن شركات التعبئة والتغليف غير قادرة على تحمل صدمات الأسعار الجديدة.
فى مواجهة مثل هذا الوضع المعقد، وفقًا لـ Assitol، "يبدو أن زيادة الاستهلاك من خلال الأنشطة الترويجية المكثفة، مثل المبيعات بأقل من التكلفة، قد تؤدى إلى استنفاد كميات زيت الزيتون المتوفرة النادرة بالفعل، مما يؤدى إلى نتائج عكسية.
وتواجه هولندا انهيار الصناعات الغذائية بسبب الارتفاع المستمر فى أسعار الطاقة، والذى لا تستطيع الشركات مجاراته والتكيف معه، الأمر الذى سيفاقم من الأزمة الاقتصادية وارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل أكبر مما هو عليه الآن.
اما المانيا، فقد أدى ارتفاع معدلات الفقر فى ألمانيا إلى زيادة الضغط على بنوك الطعام وحاجاتها للتبرعات مع تزايد عدد الأشخاص الذين يقصدونها وباتت الوضع يتجه من سيئ إلى أسوأ مع ارتفاع الأسعار ومعدل التضخم إلى أكثر من 10 % ولجوء الحكومة الألمانية إلى اتخاذ إجراءات صارمة لمواجهة أزمة الطاقة.
وتزايد عدد الفقراء فى ألمانيا حتى وصلوا إلى 13.8 مليون شخص، يعيشون على أو تحت خط الفقر، لكن خبراء يشعرون بالقلق إزاء تزايد هذا الرقم فى ضوء تضاعف عدد الاسر الفقيرة فى البلاد بين عامى 2021 و2022 مع تآكل الموارد المالية لأسر الطبقة الوسطى بسبب ارتفاع فواتير الطاقة وانخفاض المستوى المعيشي.
التضخم يصل لمستويات قياسية 9.9%
أما عن التضخم فقد شهدت أوروبا ارتفاع جديد حتى وصل إلى 9.9% فى سبتمبر الماضى، وهو رقم قياسى جديد ويمثل تسارعا بمقدار ثمانية أعشار مقارنة بما تم تسجيله فى أغسطس، وفقا لمكتب الإحصاءات الأوروبية يوروستات.
وأشارت قناة انتينا الإسبانية إلى أنه فى حالة الاتحاد الأوروبى ككل، تسارع معدل التضخم السنوى لشهر سبتمبر إلى 10.9% من 10.1 المقابل لشهر أغسطس، كما أنه فى سبتمبر كان هناك ارتفاع عام فى الأسعار فى منطقة اليورو، وبالتالى فإن الزيادة لا تُعزى إلى رقم واحد.
وأشار التقرير الذى أصدره يوروستات إلى أن أسعار الطاقة، التى لا تزال المحرك الرئيسى للسعر، ارتفعت بنسبة 40.7٪ فى الشهر التاسع من العام، مقارنة بارتفاع 38.6٪ الذى لوحظ فى أغسطس.
كما ارتفعت أسعار المواد الغذائية الطازجة بنسبة 12.7٪، وهو ما يمثل تسارعًا قدره 1.7 نقطة مقارنة بزيادة قدرها 11٪ فى الشهر السابق، وسجلت الخدمات تضخما بنسبة 4.3٪، بزيادة خمسة أعشار ؛ بينما تسارعت أسعار السلع الصناعية غير المولدة للطاقة بنسبة أربعة أعشار لتصل إلى 5.6٪.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة