فكرة الحوار وفتح آفاق التفاهم بين الأطياف المختلفة، طريق بدأته الدولة على مدار شهور، وميزة الحوار أنه ينقل الحديث والرأى من الغرف المغلقة وحسابات التواصل الاجتماعى إلى الواقع، ويقيم جسرا بين الآراء المتنوعة بالشكل الذى يصب لصالح المجتمع والدولة والشعب، خاصة أننا نعيش أزمة تمثل انعكاسا للحرب فى أوكرانيا، والتى امتدت آثارها إلى دول أوروبا والدول السبع الكبرى فى العالم، وهو ما وصفه الخبير الاقتصادى العالمى الدكتور محمد العريان أنه عالم «محفوف بالتحديات».
يضاف إلى ذلك أهمية أن تكون هناك مناقشات حول المستقبل، انطلاقا من الحاضر، وهو ما يطرحه المؤتمر الاقتصادى الذى ينعقد ضمن حوار مستمر على مدار شهور، يشمل السياسة والاقتصاد والمجتمع. المؤتمر الاقتصادى شهد مشاركة من مختلف القوى السياسية والتيارات الاقتصادية وخبراء الاقتصاد يسارا ويمينا، واستعرض رئيس الوزراء الأوضاع الاقتصادية وشرح مسارات الإصلاح ومحطاته، وكيف تراكمت المشكلات بسبب تأجيل الحل الشامل.
الرئيس عبدالفتاح السيسى أكد أن مشاكل الاقتصاد تمتد من 50 سنة أو أكثر بسبب العجز عن مواجهة تداعيات اتخاذ القرار، وكان صاحب القرار يضطر إلى سياسة الإرضاء، ويقدم دعما لا يصل إلى مستحقيه، أو وظائف تسبب تكدسا وبطالة مقنعة، من دون أن تمثل فائدة وليس لها مردود وتكلف الموازنة العامة، ورواتب ضعيفة، والنتيجة ترهل فى الجهاز الإدارى وتعطيل فرص الاستثمار وخلق فرص عمل حقيقية.
الرئيس تحدث عن المشكلات التى واجهت الدولة مثل العشوائيات والأمراض وفيروس سى، وأن الزيادة السكانية تحتاج إلى إنشاء 60 ألف فصل دراسى سنويا ومرافقها ومدرسيها، حتى يمكن الحديث عن تعليم جيد، وضعف عدد المستشفيات الموجودة لتكون الخدمة الصحية على مستوى يليق، الإصلاح الاقتصادى كان ضروريا منذ السبعينيات، حيث يتم توجيه الدعم إلى طرق ومواصلات عامة وإسكان اجتماعى ومتوسط.
وإذا كان لدينا تشخيص وعلاج، فالأمر يتعلق بتوقيت اتخاذ القرار، ومراعاة المجتمع عند إصداره، لأن تنفيذ الحل يجب أن يتم من دون الاصطدام بالتركيبة الاجتماعية، وأن يكون هناك إقناع للشعب.
الرئيس قال إن الشعب المصرى هو بطل الإصلاح، وهو الذى ساند الإصلاح، وأنه شخصيا اكتشف الشعب المصرى، وقدرته على التحمل ولهذا استغل رصيده لدى الناس، لأن الخوف على الشعبية أحيانا يؤدى إلى التراجع أمام الحلول الصحيحة، رغم أن مواجهة المشكلات ومعالجة الأزمات تتطلب مصارحة وشجاعة، لأن بعض الأمراض تكون بحاجة لتدخل جراحى، وعلاج إضافى، وعلاجها بالمسكنات يصنع أملا كاذبا، وتأخير القرارات يؤدى إلى تراكم مشكلات أكبر ويضاعف من فاتورة الإصلاح.
الإصلاح الاقتصادى مكن المصريين من مواجهة أزمة كورونا، لمدة عامين، بينما ارتبكت واهتزت أنظمة متقدمة ودول ذات قدرات أكبر، ونفس الأمر أمام تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، ولو لم يكن لدينا إصلاح اقتصادى فى ظل الأزمات المتلاحقة كان يمكن أن تكون الفاتورة أكبر وربما تعجز الدولة عن المواجهة.
وبالطبع هناك تأثيرات على الأسعار والمجتمع، وهى تأثيرات تحدث فى كل العالم ونشاهد آثارها فى الدول المتقدمة والغنية، وبالتالى فإن هذه التحولات تنعكس علينا مثلما يحدث مع غيرنا، مع ملاحظة أنه تم إنفاق مليارات لنقل العشوائيات وعلاج فيروس سى، ومبادرة 100 مليون صحة والسير باتجاه تنفيذ التأمين الصحى الشامل.
المؤتمر الاقتصادى، والحوار الوطنى، فرصة لإدارة التنوع، وفتح المجال لطرح آراء حول الحاضر والمستقبل، وهناك اتجاه لتوسيع مشاركة القطاع الخاص فى الاقتصاد، وأن تنفذ الحكومة التوصيات الخاصة بإنهاء عراقيل الاستثمار، وتطبيق سياسة الشباك الواحد لمنح التراخيص، وقد أكد الرئيس أن يكون هناك تعجيل فى تطبيق هذه الخطوات، وأن يتم إصلاح الجهاز الإدارى بالشكل الذى يناسب التحرك من قبل الدولة.
القطاع الخاص يسهم بدور كبير فى الاقتصاد، وعليه أن يوازن بين حقوقه وواجباته، فيما يتعلق بالعمالة وفرص العمل، مقابل حصوله على الفرص، وهناك الكثير من النقاط تم طرحها، وهناك جدية من الدولة تجاه الحوار، ليكون خطوة فى طريق المزيد من التنوع السياسى والاقتصادى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة