أرسلت «لجنة نوبل» بالبرلمان السويدى، خطابا رسميا إلى وزارة الخارجية المصرية، تطلب منها ترشيح أحد المفكرين المصريين البارزين لجائزتها للسلام لعام 1972، حسبما تذكر «الأهرام» فى صفحتها الأولى يوم 4 أكتوبر 1971، مضيفة أن «وزارة الخارجية قامت بتحويل الخطاب إلى المجمع اللغوى لترشيح من يراه».
تضيف «الأهرام»، أن مجمع اللغة عقد اجتماعا يوم 3 أكتوبر، مثل هذا اليوم، 1971 فى بداية دورته الثالثة والثلاثين، رأسها الدكتور زكى المهندس، نائب رئيس المجمع، ناقش فيه طلب لجنة نوبل، وبعدها رشحت رئيس المجمع الدكتور طه حسين للفوز بالجائزة، وأكدت «الأهرام»، أن الموافقة على الترشيح كانت بالإجماع، نظر لمكانة طه حسين الأدبية والفكرية التى جاوزت حدود مصر إلى المجتمع الدولى كله ولجهوده من أجل السلام، وتذكر «الأهرام»، أن المجمع سوف يرسل اليوم (4 أكتوبر 1971) خطابا بالترشيح إلى وزارة الخارجية لتخطر لجنة نوبل فى السويد، كما سيرسل إلى لجنة نوبل ملخصا وافيا بتاريخ حياة الدكتور طه حسين وأعماله.
اللافت والجديد فى هذا الترشيح أنه لفرع «جائزة السلام» وليس «جائزة الآداب»، والذى سبق وأن تم ترشيح طه حسين لها 21 مرة وليس 14 مرة كما يشاع، حسب قراءة الكاتب الصحفى «بلال رمضان لقاعدة بيانات الجائزة، وتوصل إلى هذه النتيجة فى تقريره، «هؤلاء رشحوا طه حسين لجائزة نوبل» المنشور فى «اليوم السابع» 1 أكتوبر، 2022، يذكر رمضان، أن مرات الترشيح بدأت من عام 1949 واستمرت حتى عام 1969، مشيرا إلى أن الترشيح فى عام 1949 كان من المفكر أحمد لطفى السيد، الذى يعتبره طه حسين أستاذه، وكان «لطفى» وقتها رئيسا للمجمع اللغوى، وفى العام التالى رشحه شخص يدعى برنارد جويون، وعام 1951 رشحه أعضاء أكاديمية فؤاد الأول، وفى عام 1952، رشحه كارل فلهلم زترستين، هو مستشرق سويدى، أسهم فى دائرة المعارف الإسلامية، وترجم القرآن الكريم إلى اللغة السويدية سنة 1917، وكان عضوا فى المجمع العلمى العربى حتى وفاته عام 1953.
توالت الترشيحات بعد ذلك فى أعوام 1961 و1962 و 1963 و 1965و 1968، وجميعها من هيئات أكاديمية، أو أشخاص يحق لهم الترشيح، وبالرغم من كل ذلك لم يفز عميد الأدب العربى بها، وظلت «جائزة الأدب» بعيدة عن المحيط العربى حتى منحتها لنجيب محفوظ عام 1988، وهو ما يطرح سؤال: لماذا لم تذهب إلى طه حسين؟
يجيب الكاتب محمد سلماوى، فى مقاله «جائزة نوبل، لماذا خيبت الآمال» المنشور فى «الأهرام»، 16 أكتوبر 2016، مشيرا إلى أصابع صهيونية فى هذا الأمر، وقائلا: «إنه من واقع السجلات الرسمية لنوبل، فإن أول أديب عربى ترشح بالفعل للجائزة هو عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين عام 1949، وكان لذلك قصة لا يعرفها الكثيرون لكنها تستحق أن تروى، فقد جاء ترشيحه بعد عام واحد من حرب 1948 بين العرب وإسرائيل التى استولت - خلال الحرب وبطريق غير شرعى - على أراض لم يمنحها لها قرار التقسيم الذى أصدرته الأمم المتحدة عام 1947 وفى ذلك الوقت انشغلت آلة الدعاية الصهيونية بالترويج للدولة الوليدة وبمحاولة طمس كل ما يذكر بالعرب وحقوقهم التى انتهكت عام 1948، ولم تجد فى أجهزة الإعلام الدولية من يدافع عنها أو يذكر بها».
يضيف «سلماوى»: «الحقيقة كما تثبت محاضر المناقشات التى اطلعت عليها فى أرشيف الجائزة، أن الدكتور طه حسين كان متقدما على كل منافسيه، حتى أنه بدا من المؤكد أنه عند إجراء التصويت سيتفوق على منافسه الأكبر الروائى الأمريكى الكبير وليام فوكنر، وهنا تفتق ذهن البعض إلى بند فى لائحة الجائزة يسمح بعدم تقديم الجائزة إذا لم تنطبق الشروط على المرشحين، فكان ما حدث أغرب من الخيال، حيث أعلن رسميا أن فوكنر هو الفائز وأن الجائزة ستقدم له فى العام التالى، لأن المرشحين فى ذلك العام لا تنطبق عليهم الشروط».
يؤكد «سلماوى»: «من يراجع اليوم سجلات نوبل يجدها تقول بأن الفائز بجائزة نوبل فى الأدب عام 1949 كان وليام فوكنر، ويجدها تقول أيضا إنه تسلم جائزته عام 1950»، ويكشف: «تحدثت أثناء وجودى فى ستوكهولم مع السكرتير الدائم السابق للجنة نوبل ستورى آلين محاولا استجلاء الأمر، لكنه لم يملك جوابا شافيا، وستظل هذه من الوقائع الغامضة فى تاريخ الجائزة الذى لم يشهد لها مثيل منذ بداية إنشاء الجائزة عام 1901».