تحدثنا في مقال أمس عن ضرورة تعزيز العمل العربى المشترك، وأكدنا أن توقيت انعقاد القمة العربية أمر مهم ومناسب للغاية، وذلك لأنها تأتى وسط تحديات كبيرة وظروف معقدة تشهدها المنطقة العربية، فضلاً عن الوضع العالمى المضطرب بسبب الحرب الروسية الأوكرانية وأزمة الطاقة والغذاء، وحالة تمدد الصراع التي تشهدها عدد من الدول العربية، وتفاقم تدخل قوى إقليمية غير عربية وأخرى دولية فى شؤونها.
ورغم هذه التحديات والظروف العالمية القاسية، اعتقادى أن الجزائر تبذل جهودا مضنية لإنجاح هذه القمة، وذلك من خلال تحركات كثيفة بدأتها بمبادرة للمصالحة بين الفصائل الفلسطينية، والاتفاق على إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في غضون عام، ثم السعي الدؤوب لحضور أكبر عدد من القادة والزعماء والملوك العرب بتوجيه الدعوة إليهم جميعا ومنهم دعوة العاهل المغربي رغم الخلافات بينهما، وكذلك العمل على أن تكون القضية الفلسطينية الملف الأكبر وذلك من خلال إحياء مبادرة السلام العربية 2002 ، وكذلك سعى الجزائر إلى معالجة القضايا العربية الكثيرة والمعقدة كالنزاعات المسلحة في ليبيا واليمن، والأوضاع المضطربة في سوريا والسودان والصومال، والعراق ولبنان، بل سعت الجزائر على كسب ثقة القوى العظمى، حيث نجحت في كسب ثقة ثقة روسيا وأمريكا لما لهما من تأثير ونفوذ في المنطقة.
وبصرف النظر عن هذه المساعى المقدرة من الجزائر، فإن النجاح مرهون بالقادة العرب، حيث لا يخفى على أحد أن الدول العربية تتعرض في هذه المرحلة لضغوط كبيرة غير مسبوقة سواء كانت ضغوط على أمنها القومي، نتيجة وجود ميليشيات ونزاعات مسلحة وتدخلات خارجية للقوى الأجنبية، أو ضغوط اقتصادية جراء تداعيات الأزمة المالية العالمية، خلاف تراجع اهتمام المجتمع الدولى بقضايا المنطقة بعد احتلال القضية الأوكرانية على اهتمامات المجتمع الدولى، فيرى الجميع تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية وكذلك تركه للمحنة اللبنانية والأزمة السورية والليبية والسودانية.
وختاما، نستطيع القول، إن نجاح القمة العربية مرتبط ارتباطا أصيلا بإرادة القادة العرب فى القدرة على اتخاذ مواقف موحدة نحو وحدة الصف العربى حتى لا يخترق من القوى الإقليمية التى تطمح في نفوذ أو يخترق من قبل الكيان الإسرائيلى الذى يطلب التعايش من دون تقديم مؤهلات لهذا التعايش، أو الوقوع فريسة للقوى العظمى التى تسعى إلى السيطرة والنفوذ لتحقيق المصالح والتمكن من قيادة العالم، كل هذا لا يتأتى إلا من التوحد لمنع التدخل الأجنبى في الشؤون الداخلية، وتحريم السلاح على غير الجيوش الوطنية، والسعى إلى لم الشمل لمنع الانقسام والاستقطاب والخلاف فلو حدث هذا فقط سيُكتب النجاح وإلا ستكون قمة كأى قمة سابقة لم تحقق شيئا..