محمود عبدالراضى

أخلاقنا الجميلة.. ترك الواجب خسارة

الخميس، 03 نوفمبر 2022 08:41 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

"ترك الواجب خسارة".. لطالما كنت أسمع هذه الجملة منذ نعومة أظافرى فى صعيدنا الطيب، تلك العباراة التى تنم على اهتمام أهالينا فى الأرياف ـ قبلى وبحرى ـ بمفهوم الواجب، الذى يتمثل فى دعم الناس فى الحزن، والوقوف بجوارهم فى الأفراح.

أحدثك هنا عن قصص عظيمة فى التمسك بأداء الواجب، والترسيخ لهذه القيم النبيلة، من قبل هؤلاء الأشخاص الذين لم يتلقوا أي قسط من التعليم، لكنهم كانوا يتمتعون بذكاء اجتماعي، ويرسخون لقيم المحبة والود والتراحم بشكل ملفت للانتباه.

قبل ثورة التكنولوجيا الحديثة، كان الـ"التليغراف" حاضرًا، فبمجرد وصوله من بحري "القاهرة"، يعلن وفاة قريب في القاهرة أو وجود حفل زفاف، يبدأ الأقارب والأهل في التجمع للسفر وقطع أكثر من 500 كيلو متر نحو القاهرة لأداء الواجب.

حتى داخل القرية نفسها بـ"شطورة" شمال محافظة سوهاج، مجرد الإعلان عن حالة وفاة، ترتسم ملامح الحزن على الجميع، فيترك الأهالي منازلهم ويلازمون أهل المتوفي لمدة 3 أيام وكانت قبل ذلك 7، حتى انتهاء مراسم العزاء.

ناهيك، عن أن حالة الحزن لا تقتصر على التواجد برفقة أهل المتوفي ومشاركتهم مشاعر الحزن، بل كانت تمتد لأكثر من ذلك، وصولا لعدم "حلق الذقن والشعر" للرجال، واتشاح السيدات بالملابس السوداء، وعدم تشغيل التليفزيون، وعدم تجهيز "مخبوزات العيد" لأول عيد قادم، حتى لو كان بعد نحو 10 أشهر.

نفس الأمر ينطبق على الأفراح، فتكاد لا تعرف ابن أو بنت من تتزوج، فالجميع يشارك ويفرح، والحضور فرض، لا مجال هنا لاعتذار، أو "رسالة واتس آب، أو ايموشن".

تلاقى الوجوه، والكتف بجوار الكتف، هو الأهم، في الحزن والفرح، وترسيخ هذه المبادئ لدى الصغار منذ نعومة أظافرهم، والتأكيد باستمرار على أن "ترك الواجب خسارة"، فلا يمكن بأي حال من الأحوال نتخلى عنه، سواء في دعم أسرة متوفي أو مشاركة أهل عريس وعروسة، وزيارة المريض، والوقوف بجوار شخص ألم به سوء، ودعم المحتاج، والعطف على الصغير والشيخ المسن، وحسن الضيافة.

هذه المبادئ الرائعة، والقيم الرصينة، بدأت تتبدد بعض الشيء، خاصة في الحضر، مع ظهور الثورة التكنولوجيا، حتى أصبحنا نعزى الآخرين بـ"ايموشن حزن"، ونبارك بـ"بوست"، فلم ترى الوجوه بعضها، فاختفت مشاهد الألفة والمحبة، وصار كل شىء مصطنعا، فلم يشعر البعض بطعم الفرح والسعادة.

أعيدوا لمجتمعنا قيمه القديمة وأخلاقه الجميلة، علموا أبناءكم أن منصات التواصل الاجتماعي لن تكون يوميا بديلة لدفء تجمع أسري، وأن بوستات الفيس بوك لن تكون بديلة لكتف صديق جنب كتف صديقه في وقت الشدة، وبسمة تخرج من قلب صافي فرحا بزفاف صديق أو جار أو قريب، حتى تعود لمجتمعنا أخلاقه الجميلة.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة