بعد ذلك تبادل الملك وضيفه الكريم قداسة بابا الفاتيكان هداية تذكارية .
ثم جرت لقداسة البابا مراسم الاستقبال الرسمية ، حيث عزفت الفرقة الموسيقية النشيد الوطني للكرسي الرسولي والسلام الملكي البحريني ، وأطلقت المدفعية إحدى وعشرين طلقة تحية لمقدم ضيف البلاد الكريم.
بعدها تفضل حضرة صاحب الجلالة حفظه الله ورعاه بإلقاء كلمة سامية بهذه المناسبة ، فيما يلي نصها :
باسمنا وباسم جميع أهل البحرين الكرام، يسعدنا أن نرحب بقداستكم في مملكة البحرين ضيفاً كريماً عزيزاً، وأن نعرب لكم عن اعتزازنا بزيارتكم المباركة والتاريخية لأرض الحضارات العريقة الممتدة عبر التاريخ، في بلد التسامح والتعايش والسلام، متمنين لكم وللوفد المرافق طيب الإقامة.
وإننا على ثقة بأن زيارتكم هذه، التي تعني لنا الكثير، لما لكم من مكانة رفيعة وتقدير عظيم في العالم أجمع ومساع مباركة ومقدرة تحظى بالقبول والرضا على الدوام، ستترك أثراً معنوياً وروحياً كبيراً على نفوس محبيكم في منطقتنا الخليجية والعربية، فقداستكم تتمتعون بخصال شخصية كريمة وفريدة، وسمات قيادية رفيعة، وإيمان جلي، نشارككم إياه، بدور الحوار والتواصل بين أهل الأديان السماوية الذين تجمعهم رسالة التوحيد وإعلاء كلمة الحق والعزم على الإصلاح.
ويطيب لنا بهذه المناسبة أن نسجل تقديرنا الكبير لدوركم المؤثر والمشهود له على صعيد تقريب الشعوب لإحياء حضارتنا الإنسانية التي نتحمل جميعاً مسئولية حمايتها وتنميتها، عبر ترسيخ قيم العدالة والمحبة والسماحة والاحترام المتبادل من أجل هدف نشر السلام في أرجاء العالم. ونضم صوتنا إلى صوت قداستكم، بأن "السلام" هو طريقنا الوحيد نحو الأمل بمستقبل آمن يسوده الوئام والاستقرار.
ويهمنا – قداستكم - بأن تتعرفوا خلال زيارتكم على أهم ما تتميز به بلادنا، بحسب ما توضحه شواهد اليوم، كأرض حاضنة للتعايش المشترك بين أتباع الديانات المختلفة، حيث يتمتع الجميع، وتحت حمايتنا، من بعد الله سبحانه، بحرية إقامة شعائرهم وبتأسيس دور عبادتهم، في أجواء تسودها الألفة والانسجام والاعتراف المتبادل، وهذا أمر تحافظ عليه البحرين دوماً من أجل استقرارها المجتمعي وتحضرها الإنساني، كحفاظها على إيمانها الثابت وعلى عاداتها وتقاليدها المورثة، وزيارتكم الميمونة لهي خير دليل على ما تمتاز به مملكتنا الحبيبة، ونشكر الله على نعمه الكثيرة كما نشكركم على كريم زيارتكم.
ولا يفوتنا أن نشير هنا، إلى أحد مبادرات بلادنا دعماً لجهود السلام العالمية، والمتمثلة في ((إعلان مملكة البحرين)) الذي دعمنا صدوره قبل عدة سنوات، كوثيقة تدعو لرفض التمييز الديني وتدين العنف والتحريض، لينضم هذا الإعلان إلى غيره من الوثائق الهامة التي تسعى لذات الهدف، من أجل تثبيت مواقفنا المشتركة نحو عالم يسوده التسامح ويناضل من أجل السلام، وينبذ ما يفرق وحدته ويهدد نهوضه الحضاري الذي يجب أن يبقى العنوان الأبرز والامتحان الأكبر لوحدتنا الإنسانية.
إن مملكة البحرين تفعيلاً لدورها في الإسهام الفاعل نحو هذه الأهداف النبيلة لخير البشرية والإخاء الإنساني، تؤكد دوماً على أهمية الشراكة الدولية التي تعتمد الحوار الدبلوماسي والسبل السلمية كمدخل لإنهاء الحروب والنزاعات، وتنتهج سبل التآخي والتفاهم واحترام سيادة الدول وحسن الجوار وعدم التدخل في شئونها الداخلية. وفي هذا السياق ندعو الدول الكبرى الى العمل على حفظ الأمن والسلم الدوليين، كما وندعو على وجه الخصوص، إلى وقف الحرب الروسية الأوكرانية وبدء المفاوضات الجادة بين الطرفين، ولن تتأخر مملكة البحرين عن القيام بأي دور في هذا المجال.
ونجد، أيها الأشقاء والأصدقاء، بأن مثل هذه الشراكات الدولية الفاعلة ستسهم، دون شك، في قيام الدول العظمى بمراجعة وتجديد التزاماتها تجاه حفظ الأمن والسلم الدوليين وتفادي التصعيد وتجنب المواجهات، وبإعادة توجيه الجهود العالمية للتصدي لموجات الفكر المتطرف، وبالعمل المشترك والمنسجم على معالجة أي مشكلات سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية من منظور إنساني جامع يضع في اعتباره حفظ المصالح العالمية وخير الإنسان واستقرار البشرية، وهو ما يتطلب تحديث وتطوير النظام الدولي ليكون أكثر عدالة ومساواة وإنصافا لجميع الأمم والشعوب.
صاحب القداسة، وفي ختام كلمتنا هذه، نسأل الله أن يبارك في مساعيكم المخلصة وأنتم تؤدون مهامكم الجليلة في خدمة البشرية من أجل تنوير العقول، وتقوية إيمان القلوب، وبث الأمل في النفوس لتحقيق المصالحة والتقارب بين الشعوب في عالم ينعم بالأمن والسلام، ونستشهد هنا بقول الله تعالى: ((يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير))، صدق الله العظيم.
ضيفنا الكريم، كلنا أمل بأن تقضوا بيننا أوقاتاً سعيدة، على قدر سعادتنا بمقدمكم وامتناننا بقبول دعوتنا، فمرحباً وسهلاً بكم مرة أخرى في مملكة البحرين.