تنطلق اليوم من شرم الشيخ قمة المناخ «COP 27»، والتى تنظمها وتنفق عليها الأمم المتحدة، وتستضيفها مصر وتتسلم رئاستها لمدة عام، والقمة تتخذ أهميتها حاليا بعد أن ظهرت انعكاسات تغير المناخ خلال السنوات الأخيرة بشكل حاد، وأصبحت تهدد سكان الأرض فى حال استمرت الاستهانة بتأثيرات أصبحت واضحة فى فيضانات وجفاف وحرائق، وجوع وفقر، ورغم أن الدول الغنية والمتقدمة تقف وراء 80% من الانبعاثات والتلوث، فإن الثمن يدفعه فقراء العالم والدول التى ليست لديها أنشطة ملوثة.
لمواجهة تغير المناخ وآثاره السلبية، تبنت 197 دولة اتفاق باريس فى مؤتمر الأطراف 21 فى باريس، فى 12 ديسمبر 2015، ويهدف إلى الحد من الانبعاثات ومواجهة زيادة درجة الحرارة وحتى اليوم انضمت 193 دولة «192 دولة والاتحاد الأوروبى» إلى اتفاق باريس، الذى يوفر طريقا للدول المتقدمة لمساعدة الدول النامية فى جهود التخفيف من حدة المناخ والتكيف معها مع إنشاء إطار للرصد والإبلاغ عن الأهداف المناخية للدول.
تمثل نتيجة الدورة السادسة والعشرين «COP26» ميثاق جلاسجو للمناخ، ثمرة مفاوضات استمرت أسابيع، وكانت مناسبة لرفع صوت أفريقيا والعالم الثالث، وطرحت مصر مطالب الإقليم وأفريقيا أمام القمة، وقدم الرئيس عبدالفتاح السيسى، رؤية أفريقيا ودول العالم الثالث تجاه أزمة المناخ، حتى تستطيع مواكبة المتغيرات والتهديدات التى تواجه الكوكب وتهدد البشر، ويسدد فقراء العالم فاتورة أنشطة ومنافسات وطموحات الدول الصناعية، التى تعهدت سابقا بتقديم 100 مليار دولار لمساعدة الدول النامية والفقيرة فى تخطى تأثيرات التغيرات المناخية والتلوث والانبعاث الحرارى، والتى تسببت فيها الدول الصناعية، ولم تلتزم بتعهداتها السابقة.
هذه التعهدات لم تعد كافية الآن، وربما أضعافها، وبالتالى أصبحت هناك ضرورة لبدائل تمويلية بجانب ما هو مقرر، فى القمة الماضية تم منح جنوب أفريقيا تمويلا لمواجهة تغير المناخ بنحو 8.5 مليار دولار، والمفارقة أن الدول السبع الكبرى ومؤسسات تمويل تغير المناخ تقدم التمويل للدول التى تستخدم الفحم وتمارس أنشطة ملوثة، وبالتالى يتجه التمويل إلى دول من أجل أن تتكيف مع التغيرات المناخية، بينما تجد دول أخرى متأثرة بالتغيرات نفسها خارج إطار التمويل، ومن هنا تأتى أهمية البرامج والخطوات التى اتخذتها مصر من خلال التفاوض بحيث تكون هناك عدالة فى توزيع التمويلات الدولية لتغير المناخ.
وتعد قمة المناخ «COP 27»، التى تنطلق اليوم شرم الشيخ، فرصة لطرح البدائل التى تحقق وفاء الدول المسؤولة بتعهداتها تجاه إصلاح ما تسببت فيه، والتوصل إلى توصيات قابلة للتنفيذ، باعتبار أن قضية التغيرات المناخية لا تخص الدول الفقيرة أو أفريقيا، بل تتعلق بمستقبل العالم، ويفترض أن تكون هناك دراية بأهمية هذا الملف، خاصة أن هناك مفاوضين من الدول المشاركة، فضلا عن حضور جهات التمويل ضمن أكثر من 40000 مشارك مسجل، و100 رئيس على الأقل، ورؤساء حكومات ووزراء، فى «مؤتمر الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة للمناخ»، تنظمه الأمم المتحدة وتنفق على تكاليف تنظيمه.
وفى سياق المبادرات التى تنظم التمويل فإن مصر من خلال الحكومة ووزارة التعاون الدولى، قدمت تصورا يوسع من القدرة على الاستفادة العالمية من تمويلات المناخ، التى تتجه أكثر إلى التكيف بالنسبة للدول التى تمارس أنشطة ملوثة، بينما يفترض أن تتجه إلى أنشطة التخفيف، وهى الدول التى تنتهج طرقا بديلة للتخفيف من تأثيرات التغير المناخى، ومنها مصر التى تستثمر منذ سنوات فى الأنشطة الصديقة للبيئة فى مجالات النقل والطاقة المتجددة وتنقية المياه.
فقد أعلنت مصر فى يونيو الماضى استراتيجية المناخ 2050، التى تنقسم إلى قطاعات النقل النظيف وتحلية المياه وتوليد الكهرباء من الرياح والشمس، وهى مشروعات تتطلب تمويلا، وتدخل ضمن أنشطة التخفيف من التغيرات المناخية والطاقة الخضراء، المشروعات لديها فجوة تمويلية يفترض توفيرها، وتأتى منصة «نُوَفِّى» التى تتضمن طرق توفير منح وتمويلات ميسرة ودعما فنيا للمشروعات، وهى متاحة للقطاع الخاص، وتتضمن مبادلة ديون من بين دورها.
وحسب ما أعلنته وزيرة التعاون الدولى رانيا المشاط، خلال جلسة نقاشية فى المجلس الأعلى للإعلام، أمس، فإن مؤتمر المناخ فى مصر «COP 27» رفع شعار «من التعهدات للتنفيذ»، ومن أجل تنفيذ هذه التعهدات نحتاج إلى وجود مشروع له دراسة جدوى وتكون له مساهمات وطنية، لهذا تم إطلاق منصة «نُوَفِّى» كبديل لمنصة مجموعة السبع، باعتبار أن المشروعات التى تم تنفيذها فى مصر مثل بحر البقر والمحسمة وبنبان ومحطة الرياح فى السويس، تدخل ضمن مشروعات التخفيف وتنطبق عليها كل المعايير الدولية مثل الحوكمة والمناقصات والمعايير البيئية كلها موجودة، وكانت جنوب أفريقيا قد حصلت على تمويل 8.5 مليار دولار لأنها تستخدم الفحم، بينما لا ينطبق ذلك على الدول التى لا تستخدم الفحم، بينما كل المشروعات الكبرى التى تم تدشينها فى مصر منذ عام 2014 تنموية وينطبق عليها كونها تدخل ضمن تخفيف التغيرات المناخية.
وبناء عليه يتوقع الإعلان عن حزم تمويلات لهذه المشروعات، ضمن تعهدات الدول الكبرى، وهو أمر ينطبق على دول أخرى ومنها مصر.
بالطبع فإن هناك مفاوضات ومناقشات تثمر عن تعهدات من الدول الكبرى ومنظمات التمويل لتوفى بتعهداتها تجاه التغير المناخى. وقد بذلت مصر جهودا كبيرة طوال الشهور الماضية، للتوصل إلى التزامات من الدول الصناعية الكبرى، بأن توفى بتعهداتها تجاه أفريقيا ودول العالم التى تعانى من تأثيرات الانبعاثات التى تطلقها أنشطة الدول الكبرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة