كنا قد كتبنا مقالا جاء تحت عنوان "الملافظ سعد"، حول أهمية التلفظ الحسن ومراعاة الشعور من مكارم الأخلاق ، وتساءلنا كيف ندعى الرحمة والرقى وألفاظنا جافة ثقيلة؟.. وكيف نربى أبنائنا على الرقة، ونحن نخاطبهم بأبشع الألفاظ بداعى التأديب أو التهذيب؟.. وكيف يسمح الوالدان أن ينطق أبناءهم ألفاظا جافة دون توقيف وتحذير من الاستمرار بحجة أنهم أطفال والأمر يمر مرور الكرام..
لذلك، فمن المحزن أن نجد أطفالا فى الشوارع يستخدمون لغة مليئة بالبذاءة والعنف أثناء لعبهم أو تعاملهم بعضهم البعض غير عابئين بما يقولون أو يفعلون، فلا حياء صغار ولا براءة أطفال إنما انحرافات وبذاءات، والخطر كل الخطر أن هناك من يعتبر ذلك طبيعيا وحجته أن هذه هى لغة العصر، ومفردات الجيل الجديد، وإذا أكثرت الجدال مع هؤلاء المدافعين اتُهمت بالرجعية والتخلف، ولو طلبت الدليل فتحاصر بتقديم أسماء ونماذج للأسف ينتمون للفن أو الإعلام يتلفظون مثلما يتلفظ تلك الأطفال، فها هو بطل الفيلم الفلاني يفعل كذا فى أفلامه وتلك المذيع العلانى يقول كذا في برنامجه، وهذه تصرفات يوتيوبر شهير يتابعه الملايين.
وهنا وجب علينا جميعا دق ناقوس خطر، حتى لا تتسع تلك الظاهرة، خاصة أن الأطفال أمل المستقبل، ولا سبيل أمامنا إلا العودة إلى أخلاقنا الجميلة التى تستهتدف التأكيد على القيم الإنسانية والدينية والأخلاقية، باعتبارها ركيزة أساسية فى تماسك المجتمع ووحدته فى ظل حروب الجيل الرابع ضد هوية المجتمعات وثوابتها القيمية والوطنية.
نعم لا سبيل إلا العودة لأخلاقنا الجميلة، لأنه ما يحدث وما نراه ما هو إلا انحراف سلوكي يؤكد السقوط فى فخ مستهدفات حروب الجيل الرابع، وهى ضرب منظومة القيم والأخلاق في مقتل باعتبارها الحارس الأمين لأى مجتمع يريد أن ينظر إلى الأمام، ولأنهم يعلمون جيدا أنه لا يمكن أن يعيش الإنسان سوياً إلاّ بامتلاكه غايات وأخلاق وقيم تنير حياته وتحفزه ليكون مواطنًا ناجحاً وفاعلاً وصالحا في مجتمعه وأسرته.
فلك أن تتخيل أن تصبح قيمنا محل سخرية وانتقاد، ولا مكان لها الآن بداعى حرية الرأى، وأن الزمن تغيّر، فنجد مثلا هناك من يحاول فرض رأيه وحقوقه دون مراعاة لأسلوبه في الحوار القائم على الفهم والمستمد من قيمنا وعاداتنا بداعى التحضر، وأصبحنا نجد من يتحدث في خصوصية العائلة والأسرة دون ضابط أو أخلاق بل وينشرها على وسائل التواصل الاجتماعى بداعى الفخر والتمدن والحرية، فهل ينكر أحد أن كثيرا من قيمنا الجميلة بدأت تندثر، كاحترام الكبير وتوقير الصغير وإعلاء الحوار، وتعزيز الهوية الوطنية والأخلاقية وغير ذلك من أخلاقنا الجميلة.
لذا يجب أن يُدرك الجميع خاصة مؤسسات المجتمع المدني وعلى رأسها الأسرة التي تعمل على ترابط المجتمع ووحدته حجم الخطر الذى تتعرض إليه، وفى اعتقادى أن للإعلام دورا مهما وحيويا في تعزيز القيم والحفاظ عليها، لأنه ببساطة إن لم يقم بدوره فسيكون بمثابة سلاح فتاك للهدم من خلال التشجع على قطع صلة الرحم وعدم احترام الكبير من باب الحرية الشخصية، وإرباك المشاهدين في المعتقدات والموروثات السليمة وتشكيكهم في ثوابتهم وهويتهم وعاداتهم وأخلاقهم.
وأخيرا.. علينا أن نعى تماما أن مخططات هدم الأوطان تبدأ دائما بنشر الشائعات وتزييف الوعى وضرب منظومة القيم والثوابت المجتمعية والاخلاقية .. حفظ الله مصر وحفظ شعبها وأخلاقها..
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة