صدر عن سلسلة كتاب اليوم، عدد ديسمبر 2022، كتاب "وجوه شهريار.. الحكاء والحكاء الآخر" لفتحى عبد السميع، ويبدأ بمقدمة نظرية تتناول مفهوم (الحكاء والحكاء الآخر) ويذهب فيها إلى أن الحكَّاء وهو مبدع الحكاية، أما الحكَّاء الآخر فهو:
1ـ الحكَّاء الأول (المجهول عادة) والذى أثَّر فى الحكاية الجديدة، فلا وجود لحكاية تبدأ من نقطة الصفر، لأن مؤلفها يعتبرها مولودا للحكايات التى استمع إليها أو قرأها.
2ـ الراوى الذى يلقى حكاية أبدعها غيره. (شهرزاد)
3ـ المروى له الذى يلعب دورا خارجيا فى الحكاية (شهريار)
4ـ المبدع الذى يعيد إنتاج حكاية قديمة (المبدع الجديد)
5ـ المروى له الذى يلعب دورا داخليا فى الحكاية باعتباره شخصية متخيلة، يخاطبها الراوي و لا يكتمل العمل إلا بها.
في الفصل الأول تناول الكاتب حكاية المسيح كما وردت في الأناجيل، وذلك في صياغتها التي قدمها نجيب محفوظ في رواية "اللص والكلاب"، دون أن يترك إشارة ظاهره على وجودها، بل ذابت في الرواية، ولم ينتبه إليها أحد منذ صدرت الرواية عام 1961، وهو ما يعد اكتشافا جديدا يحفز على مواصلة قراءة نجيب محفوظ بشكل عام، وفي ضوء المؤثرات الثقافية الخفية بشكل خاص.
في الفصل الثاني توقف أمام الحكَّاء "نجيب محفوظ" وهو يتحول إلى حكاية، وكيف يأتي حكاء آخر ليتفاعل مع حياته وقصصه، وقد أشار إلى عدد من الروايات التي تناولتها، ثم توقف أمام أسطورة العود الأبدي في مسرحية مسرحية "شقة عم نجيب" لرصد الكيفية التي تم بمقتضاها تحويل الحكاء إلى حكاية.
في الفصل الثالث توقف أمام الحكاء الآخر كما يتجلى داخل النصوص السردية، والذي يضيف إلى الحكاية بشكل مختلف، إنه شهريار الذي يستمع إلى شهر زاد فينقذها هي وحكاياتها من الموت، هكذا تناول المروي له كشخصية متخيلة تفرض حضورها دون أن تأخذ حقها من النقد، على المستوى العربي والإنساني، وتحتاج بالتالي إلى دراسات كثيرة كي تتكشف ملامح تلك الشخصية الفنية المُهمَّشة نقديا، وإيمانا بأن المغامرة مع النصوص من داخلها هي التي تمنحنا الأدوات الجيدة للتأسيس النظري، فقد اختار رواية "مواعيد الذهاب إلى آخر الزمان" للروائي عبده جبير، أحد أهم الروائيين في فترة السبعينيات، لأن الرواية نفسها تعتمد بشكل أساسي على المروي له.
في الفصل الرابع، توقف مع الحكي الشعري، وهو يتناول واحدة من أشهر الحكايات في التراث العربي، وهي حكاية الزير سالم، لكنه لم يتوقف مع المبدع الشعبي الذي أنتج النص سواء أكان شخصا واحدا أم عدة أشخاص تناولوا الحكاية بالتعديل والتقويم حتى اكتملت في نص شفاهي وتم تدوينه بعد ذلك، لكنه توقف مع الحكَّاء الآخر الذي جاء بعد تدوين النص وراح يعيد إنتاجه من جديد، وهذا الحكاء هو الشاعر أمل دنقل في ديوانه الشهير "أقوال جديدة عن حرب البسوس"، وقام بعمل مقارنة بين حدث مقتل كليب كما جاء في السيرة والقصيدة، وكشف عن مدى التآلف والتخالف بين الصياغتين، و كيف تفوق الحكَّاء الآخر (أمل دنقل) ـ فنيِّا ـ على الحكَّاء الأول (مبدع الحكاية الشعبية) في تناول ذلك الحدث.
يذكر أن فتحي عبد السميع، شاعر مصري من مواليد 1963، حصل عدد من الجوائز المصرية منها جائزة الدولة التشجيعية في العلوم الاجتماعية 2015، ووصل كتابه (القربان البديل) إلى القائمة القصيرة لجائزة الشيخ زايد 2016.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة