حرب ممتدة، وتداعيات اقتصادية عابرة للخرائط والمحيطات .. بهذه الوتيرة خرج الصراع الذي بدأ في الشرق الأوكراني بين موسكو وكييف عن السيطرة وتحول إلى حرب طويلة كسرت حاجز العشرة أشهر ، وفى طريقها إلى إتمام عامها الأول بحلول 24 فبراير من العام 2023.
وما بين أزمة اقتصادية عالمية وشلل شبه كامل لإمدادات الطاقة وسلاسل الغذاء ما خلق بدوره موجة تضخم عنيفة طالت الدول الغنية والنامية علي حد سواء ، حاولت مجلة نيوزويك استشراف مستقبل الصراع ، ورصد المطالب المحددة لطرفي الحرب الروسية الأوكرانية .
وبحسب مصادر تحدثت للمجلة الأمريكية، ناقش البلدين في الآونة الأخيرة وعبر مستويات تمثيل مختلفة ، كيفية الدخول في مفاوضات سلام بشأن الصراع المحتدم بينهما.
وأبدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأحد الماضي -في مقابلة مع محطة تلفزيونية روسية حكومية- استعداده للتفاوض "بشأن بعض النتائج المقبولة مع جميع المشاركين في هذه العملية". وأضاف "لسنا نحن من نرفض المحادثات، إنهم هم" من يرفضون ذلك.
في المقابل، تحدث وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا الاثنين الماضي مع وكالة أسوشيتد برس عن الآمال في عقد "قمة سلام" في فبراير القادم، بهدف إنهاء الهجمات الروسية المستمرة على بلاده.
وقال "كل حرب تنتهي بطريقة دبلوماسية، وكل الحروب تنتهي نتيجة الإجراءات المتخذة في ساحة المعركة وعلى طاولة المفاوضات".
غير أن المجلة الأمريكية ترى أن احتمال انتهاء الحرب لا يبدو قريبا على أية حال، بالنظر إلى تصريحات بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بشأن الشروط اللازمة لقبول اتفاق سلام.
ماذا تريد روسيا لوقف الحرب ؟
واستعرضت المجلة في تقريرها مطالب كلا البلدين ، حيث رصدت موقف الكرملين علي لسان وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الذي تحدث الثلاثاء بمزيد من التفصيل عن الشروط التي تراها بلاده ضرورية للسلام، قائلا إن أوكرانيا يجب أن تستسلم وإلا فإن الحرب ستستمر.
وكرر لافروف في حديثه مع وكالة الأنباء الحكومية (تاس) الادعاء الذي ظلت روسيا تردده منذ بداية غزوها أوكرانيا بأن أحد الأسباب الجوهرية لحربها هو التصدي لانتشار النازية الجديدة في أوكرانيا.
وتطرق مرة أخرى إلى ما وصفته نيوزويك بالشروط الغامضة المتمثلة في "اجتثاث النازية ونزع السلاح".
لعل شرط روسيا الرئيسي لإقرار السلام هو الاحتفاظ بسيطرتها على 4 مناطق في شرق أوكرانيا، هي: خيرسون وزاباروجيا ودونيتسك ولوجانسك، التي كان بوتين ضمها رسميا في سبتمبر الماضي.
ماذا تريد أوكرانيا لإزالة أثار العدوان ؟
في حديثه مع وكالة أسوشيتد برس حول احتمال عقد قمة سلام، اقترح وزير الخارجية الأوكراني أن يتوسط الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش في الإجراءات المتعلقة بانعقادها
لكنه اشترط لدعوة روسيا لحضور قمة السلام أن تخضع للمحاكمة على جرائم الحرب التي يزعم أن موسكو ارتكبتها في بلاده، وذلك في محكمة دولية، وهو شرط يجعل من الصعوبة بمكان مشاركة الكرملين في أي قمة من هذا القبيل.
ودعا الرئيس الأوكراني نظيره الروسي لسحب قوات بلاده من أوكرانيا كشرط أساسي للسلام، وقال مخاطبا قادة مجموعة الدول السبع في وقت سابق من هذا الشهر إن السلام سيبدأ عندما يسحب بوتين قواته من أوكرانيا.
ورد المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف على ذلك بالقول إن شروط زيلينسكي لن تؤدي إلا إلى "استمرار العمليات القتالية".
وقال لورنس ريردون أستاذ العلوم السياسية بجامعة نيو هامبشاير -في تصريح لمجلة نيوزويك- إن زيلينسكي ظل يسعى للحصول على مزيد من الدعم المادي والمعنوي من حلف الناتو "لتحقيق هدف أوكرانيا المتمثل في طرد جميع المحتلين الروس من الأراضي الأوكرانية".
لطالما دعا الرئيس الأوكراني في العديد من المناسبات إلى ضرورة أن تتعرض روسيا إلى شكل من أشكال الجزاءات بسبب الحرب، عبر فرض مزيد من العقوبات مع تجريد الأمم المتحدة موسكو من العضوية الدائمة في مجلس الأمن.
وتحدث زيلينسكي أيضا عن توفير ضمانات أمنية لأوكرانيا كشرط للسلام، وضرورة أن تتضافر الجهود الدولية لمنع روسيا من شن عدوان مسلح على بلاده في المستقبل.
قد تكون مطالب الرئيس الأوكراني المتكررة لاستعادة وحدة أراضي بلاده أكبر نقطة شائكة في أي مفاوضات. وبينما يريد بوتين الاحتفاظ بالمناطق التي ضمها، يصر زيلينسكي على أن تظل تلك الأراضي جزءا من أوكرانيا.
وقال مارك كاتز أستاذ الحكومة والسياسة في جامعة جورج ميسون -لمجلة نيوزويك- إنه من غير المرجح أن يوافق بوتين على شروط زيلينسكي.
وأعرب عن اعتقاده أن بوتين غير مستعد لسحب قواته أو التخلي عن ضم الأراضي الأوكرانية "حتى لو خسرها أو لم يكسبها أبدا". وزعم كاتز أن هدف بوتين الرئيسي في قوله إنه مستعد للتفاوض هو حمل الولايات المتحدة وحلف الناتو على تقليص أو وقف مساعداتهما لأوكرانيا، "وفي هذه المرحلة يأمل الحفاظ على الأراضي التي طالب بها بالفعل على الأقل".
وأوردت نيوزويك -نقلا عن صحيفة "كييف بوست" الأوكرانية- أن زيلينسكي تخلى على ما يبدو عن مطلب واحد على الأقل وهو "عزل بوتين من منصبه قبل عقد مفاوضات سلام".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة