عندما أطلق الرئيس السيسى مبادرة «حياة كريمة» كان الهدف منها منح الأقاليم والريف حق التنمية العادلة، بعد عقود ظل فيها الريف مهمشا، بينما تتركز خطط التنمية فى القاهرة والمدن الكبرى، وحتى هذا لم يكن قائما على العدالة، وظلت الأقاليم بعيدة عن الاهتمام، لكن خطط التنمية الآن تقوم على منح الأقاليم - وفى القلب منها الريف - كامل الحق فى التنمية، بعد عقود ظل فيها الريف مهملا ومحروما من خدمات مثل «الطرق، والصحة، والتعليم، والاتصالات»، بالرغم من أنه يضم أكثر من نصف التعداد السكانى لمصر.
مبادرة «حياة كريمة» تتضمن النهوض بمكونات البنية التحتية من مياه وكهرباء وغاز وصرف صحى وتبطين الترع ورصف الطرق وخدمات الصحة والتعليم، وتشمل أكثر من 4500 قرية وتوابعها، خلال 3 سنوات، وتم رصد 700 مليار جنيه تضاعفت مع الوقت، وكما قال الرئيس: «تغيير حقيقى لأكثر من نصف سكان مصر.. بين 50 و60 مليون إنسان فى الريف نغير حياتهم».
ومن الواضح أن هناك إصرارا على التحرك فى المبادرة، لاستكمال ما تم البدء فيه، وظهر هذا فى حجم وشكل التغيير الذى تم فى قرى وتوابع بمحافظات المرحلتين الأولى والثانية.
وأثناء افتتاح مدينة المنصورة الجديدة، حرص الرئيس على تفقد عدد من قرى «حياة كريمة»، وعدد من المشروعات المتعلقة بالبناء فى مجالات الإسكان والرياضة، والتقى بشباب برنامج «كابيتانو مصر» لاكتشاف المواهب الكروية، والتى أطلقتها الشركة المتحدة مع وزارة الشباب، واستمع لفلاحين ومواطنين فى عدة جهات ومشروعات، وقال الرئيس إنه لن يكتفى بافتتاح مشروعات بالفيديوكونفرانس، وأنه سوف يوجد فى محافظات وقرى، ليستمع إلى أهل المحافظة سواء الدقهلية أو محافظات أخرى خلال الفترة المقبلة، واعتبر أن مبادرة «ابدأ»، لدعم الصناعة، والذى استمع لتجارب عدد من المشاركين فيها، وهدفها تقليل حجم الاستيراد من خلال إنشاء صناعات، تنتج للسوق المحلى والتصدير.
ومن بين النقاط التى لفت الرئيس النظر إليها، كان مشروع تغيير نمط إنتاج الألبان للفلاحين، من خلال استبدال الماشية التى تنتج من 4 إلى 5 كيلوجرامات يوميا، بغيرها تنتج ما يتراوح بين 25 و30 كيلو لبن، وهو مشروع سبق ووجه به الرئيس وزارة الزراعة، والجمعيات الأهلية، وأعلن بدء برنامج مدة 5 سنوات بهدف تحسين دخل مربى الماشية، لمضاعفة الدخل، وهناك فرصة للمربى ليضاعف دخله من خلال هذا البرنامج.
ووجه الرئيس الوزارة والجمعيات الأهلية لبدء هذا البرنامج، بحيث يتم تغيير ما هو موجود خلال 10 سنوات، وقال: «هناك أكثر من مليونى رأس ماشية نريد تطويرها، وذلك من خلال برنامج قد يأخذ 10 سنوات، بمعدل كل سنة 100 ألف رأس».
ولم تكن هذه هى المرة الأولى التى يتحدث فيها الرئيس عن هذا المشروع، الذى يدخل ضمن توفير حياة كريمة، ويفترض أن تبدأ وزارة الزراعة مع الجمعيات الأهلية، والدولة فى التوسع فيه، بناء على استعادة «التعاونيات» وتنشيطها، ويمكن أن تكون هناك أدوار فى هذا المشروع وغيره، للبنوك أو الجهات المختلفة، بناء على دراسات مراكز البحوث الزراعية والحيوانية، ليكون أحد المشروعات المهمة داخل مبادرة «حياة كريمة».
ويتوقع أن يحظى هذا المشروع وغيره من مشروعات «حياة كريمة» باهتمام من قبل جهات مختلفة، ليمثل خطوة فى استعادة تعاونيات الزراعة، والتى يمكن أن تقوم بدور مهم فى التواصل والتفاعل مع خطوات ضرورية لمنح الريف حقه فى تنمية عادلة.
وفى النهاية فإن مضاعفة إنتاج الألبان بقدر ما يوفر دخلا فرديا للمربى والفلاح، فهو يمثل إضافة للدخل القومى، وفرص عمل، فضلا عن خفض فاتورة استيراد الألبان.
وبالتالى، نحن أمام خطوة تدعم التنمية العادلة، وتنصف الفلاح بعد عقود من التهميش.