دائمًا نتحدث عن أخطاء البدايات، وأن الخبرة والتراكم يؤديان لتجاوز الأخطاء، هذا ما تسعى إليه إدارة مهرجان البحر الأحمر السينمائي فى دورته الثانية، التى انطلقت أول أمس الخميس، وتتواصل حتى الـ10 من ديسمبر الجاري، لكن كانت هناك بعض التفاصيل تحتاج إلى إعادة الرؤية، ومنها أنه تم نقل فعاليات المهرجان من جدة القديمة، إلى أحد الفنادق الفاخرة، ما أفقد المهرجان الكثير من روحه التي بدت تتشكل مع دورته الأولى، وأظن أنه كان من المنطقي أكثر أن يظل المهرجان قريبًا من هذه المنطقة، أو يتم تخصيص مقر لفعالياته في وسط جدة ليشعر الجمهور العادي بما يدور، وأن هناك مهرجان يستضيف العديد من النجوم، وعدد أكبر من إنتاجات السينما العالمية الحديثة.
ولفت انتباهنا في حفل افتتاح المهرجان ذلك التنظيم المميز، ووجود عدد كبير من أبرز نجوم السينما المصرية والعربية والعالمية ورأينا نجوما لهم إسهاماتهم الواضحة فى السينما من هوليوود أو بوليوود، لكن رد الفعل من الجمهور الحاضر لم يعكس ذلك الزخم، ولو نظرنا بشكل تفصيلي على عدد النجوم الأجانب الحاضرين في أيام المهرجان ومنهم على سبيل المثال وليس الحصر، شارون ستون، آندى جارسيا، بريانكا تشوبرا، شاروخان، ميشيل موروني، جاى ريتشي، أوليفر ستون رئيس لجنة التحكيم، ميشيل رودريجيز، الموسيقار إى آر رحمان، مريم أوزرلي، روسى دى بالما، هنرى جولدينج، وبارك هاى بطلة مسلسل لعبة الحبار، إضافة إلى الكثير والكثير من نجوم السينما المصرية والعربية.
وهو ما يجعلنا نطرح العديد من التساؤلات حول عدم توظيف كل هذه الأسماء الحاضرة من نجوم السينما، وكيف لم يترجم هذا في الليلة الافتتاحية من المهرجان، ولماذا لم ينعكس في رد فعل الحضور، فقط المصورين وبعض الزملاء من الصحفيين على الريد كاربت هم من كانوا يدركون أهمية هذه الأسماء، ويبدو لي أن مقدمة الحفل ريا أبو راشد وزميلها هما أيضًا لم يكن لهما وجهة نظر في إدارة هذا الأمر مع مخرج الحفل، حيث تعاملا على أنهما في برنامج حوارى مع بعضهما البعض، يتحدثان بالإنجليزية، وفجأة تأخذ ريا الميكروفون وتذهب إلى حيث تجلس شارون ستون، وشاروخان، والنجمة المصرية يسرا وهى أيضًا تواصل حديثها بالإنجليزية، وأحيانًا تنطق جملاً بالإيطالية لبعض الضيوف المهمين والحاضرين من إيطاليا.
ولا أعرف كيف تكون الإنجليزية، اللغة الرئيسية فى مهرجان عربى يقام فى المملكة العربية السعودية، من المفترض أنه يعلن عن هويته وشخصيته، حتى لو بفرض أن هناك رغبة حقيقية فى تقديم حجم التغير الملموس الذى تسعى إليه المملكة ذلك لا يعنى التخلي عن اللغة العربية، فهل يتحدث الفرنسيون فى مهرجان كان السينمائى باللغة الإنجليزية مثلاً، هل يتحدث الايطاليون فى مهرجان فينسيا بلغة غير لغتهم ونفس الحال فى مهرجان برلين السينمائى الدولي؟ نعرف أن هذا لا يحدث أبدا، لذلك كان من الطبيعى والمنطقى أن يتحدث مقدمى الحفل بالعربية، وتكون هناك ترجمة بأى لغة أخرى وهو ما فعله النجم الهندى العالمى "شاروخان" عندما صعد لاستلام تكريمه من رئيس المهرجان محمد التركى حيث فضل أن يلقى جملاً باللغة العربية تقديرًا للبلد المضيف وهويته ولغته، وهو ما قامت به النجمة الأمريكية شارون ستون فى جلستها الحوارية -خلت من العربية أيضًا حيث قدمتها رايا أبو راشد دون وجود مترجم من جانب المهرجان- حيث حرصت ستون على تحية الحضور بكلمات عربية واضحة ثم قالت مازحة هذا ما أعرفه فقط، وهو ما حدث فى كل الجلسات الحوارية التى أقيمت فى السينما الراعية للمهرجان وتكرر مع آندى جارسيا، وجاى ريتشي، قد يرى البعض أن الأمر يحمل تزيدًا من جانب الحاضرين من المتابعين والمتمين بتغطية كل أحداث وفعاليات المهرجان ولكننا نذكرها كملاحظات مهمة قد تأخذها إدارة المهرجان فى الاعتبار بالدورات المقبلة.
كذلك اللقطات التى تم تقديمها من أفلام كلاسيكية مصرية مع عرض تعبيرى راقص، لتُبرز تاريخ السينما، خلت من التناغم بين الحركة التى تحدث على المسرح لتعكس لنا النظرة المستقبلية ، وأيضا ألفيديو المصاحب لتكريم النجمة المصرية يسرا لم يكن على قدر عإلى من الجودة ولا يليق بحجم تاريخها السينمائى المتنوع والممتد، ولا أفهم كيف يتم الاعتماد على لقطات من جلسات تصويرية لنجمة يتم تكريمها عن مشوارها السينمائى بالتأكيد هناك أفلام لها تضم العديد من اللقطات والمشاهد التى تعكس قدراتها كممثلة تماما مثلما حدث فى ألفيديو الخاص بالنجم شاروخان .
دائما نقول إن التفاصيل الصغيرة هى ما تصنع ألفارق.. التفاصيل هنا تعنى التناغم بين فريق العمل داخل إدارة المهرجان بكل أقسامه، حيث يبدو فى بعض الأحيان أن هناك جزر منعزلة رغم كل الجهود المبذولة لتقديم حدث مهم كما سبق وذكرنا على مستوى الشخصيات المشاركة والحاضرة، أو على مستوى اختيار الأفلام فى كافة التظاهرات وألفعاليات التى يقدمها المهرجان، حيث يُشارك فى الدورة الثانية من المهرجان131 فيلماً ما بين أعمال روائية قصيرة وطويلة من 61 دولة، بينما ينافس خلال المسابقة الأساسية "مسابقة البحر الأحمر"، 15 فيلماً، لمخرجين مخضرمين ومواهب جديدة ،ودعم العديد من المشروعات السينمائية فى المنطقة العربية، إضافة إلى القيام بدور مهم فى ترميم عدد من كلاسيكيات السينما المصرية والعربية.
السينما كل شيء
هذا هو الشعار الذى أطلقه مهرجان البحر الأحمر السينمائى على دورته الثانية، بالفعل السينما وسحرها هما كل شيء لأنه رغم التفاصيل التى ذكرناها إلا أن اليوم الأول من عروض المهرجان شهد العديد من الأفلام المميزة سواء التى عرضت ضمن المسابقة الرسمية، أو فى إطار العروض المتوازية والأقسام الأخرى.
ومنها الفيلم الكينى "الحفرة" للمخرجة أنجيلا واماى الذى عرض سابق فى مهرجان تورنتو السينمائى الدولي، الفيلم تجربة لافتة لأننا المخرجة تحكى عن الوجع والهم الذكورى من خلال وجهة نظر المرأة، وهناك أيضًا الفيلم الكازاخستانى "بصل جبلي" وهو أول فيلم للمخرج والكاتب الدار شيبانوف وهى الأفلام التى سنتوقف عندها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة