- الأوقاف الأردنية: الجماعات الإرهابية وظفت الفتاوى لخدمة أفكارها المتطرفة
- وزير الشئون الدينية بباكستان: العالم يعيش في أزمة أخلاقية وتربوية تحتاج ترابط وزارات الأوقاف
- وزير الشئون الدينية بجامبيا: نسعى لبناء القدرات والكفاءات لنشر الفكر الوسطي ومحاربة التطرف والإرهاب
خلال كلمته أكد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، أن اجتماع المجلس التنفيذى لوزراء شئون العالم الإسلامى يناقش فى كل اجتماع من اجتماعاته عددًا من القضايا الهامة التى تشغل عامة المسلمين، لافتا إلى أن الوزارة قدمت لهذا الاجتماع بحثين هامين: "الأول: صناعة الفتوى وضوابط الإفتاء، والثانى: ضوابط الحديث فى الشأن العام، وهو موضوع حديثى مع حضراتكم فى لقائنا هذا".
وأكد جمعة، أن الشأن العام هو ما يتجاوز شواغل الفرد واهتماماته الشخصية إلى شواغل المجتمع واهتماماته وقضاياه العامة، سواء أكانت سياسية أم اقتصادية، أم ثقافية، أم أخلاقية وقيمية، أم اجتماعية، أم رياضية، مما يتصل بقضايا الوطن الكبرى أو الأمة، والشأن العام الإسلامى يعنى القضايا ذات الاهتمام المشترك بين جملة المسلمين أو عمومهم أو غالبيتهم أو شريحة واسعة منهم، وكلما زاد الوعى بينهم بقيمة الشأن العام وخطورته زاد التعاون والتكاتف والترابط بينهم من أجل الحفاظ على أوطانهم وثوابت دينهم، فتتحققُ لهم قوة البنيان الواحد، وشعور الجسد الواحد الذى حثنا عليه نبينا الكريم (صلى الله عليه وسلم)، حيث قال : "المؤمن لِلْمؤْمن كالبُنْيان يَشُدُّ بَعْضُه بَعْضا، وشَبّك بين أَصابعه"، وقال (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : "مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِى تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى".
كما أكد جمعة، أن من يتصدى للحديث فى الشأن العام عالمًا كان، أو مفتيًا، أو سياسيًّا، أو اقتصاديًّا، أو إعلاميًّا، لابد أن يكون واسع الأفق ثقافيًّا ومعرفيًّا فيما يتعرض له أو يتحدث عنه، وأن أى إجراء فقهى أو إفتائى أو فكرى أو دعوى أو إعلامى لابد أن يضع فى اعتباره كل الملابسات المجتمعية والوطنية والإقليمية والدولية المتصلة بالأمر الذى يتحدث فيه أو عنه، حتى لا تصدرَ بعض الآراء الفردية المتسرعة فى الشأن العام دون دراسة وافية، أو دون دراسة أصلًا، بما يصادم الواقع أو يتصادم مع القوانين والمعاهدات والاتفاقيات الدولية، مما قد يسبب ضررًا بالغًا لوطنه ودولته وربما صورة دينه وأمته، سواء أكان ذلك عن قصد وسوء طوية أم عن تسرع وقِصَر نظر.
وتابع وزير الأوقاف:" الحديث فى الشأن العام دون وعى وإدراك تامّين يمكن أن يعرض أمن الوطن أو الأمة الفكرى أو العام للخطر، سواء أكان ذلك عن تعمد وقصد أم عن غفلة أم جهالة أم سبق لسان، لمن لا يملكون أنفسهم ولا ألسنتهم ولا سيما أمام الكاميرات وتحت الأضواء المبهرة، وهناك أمران فى غاية الخطورة أضرا بالخطاب الثقافى بصفة عامة والدينى بصفة خاصة، هما : الجهل والمغالطة، أما الأول فداء يجب مداواته بالعلم، وأما الثانى فداء خطير يحتاج إلى تعرية أصحابه، وكشف ما وراء مغالطتهم من عمالة، أو متاجرة بالدين".
واختتم وزير الأوقاف كلمته قائلا:" لا شك أن الحديث فى الشأن العام الدينى يتطلب بالضرورة إدراك المتحدث لمفهوم المصلحة العامة وتقدّمها على المصلحة الخاصة، بل تقدُّم المصلحة الأعم نفعًا على الأخص، وإدراك الموازنة والترجيح بين دفع المفاسد وجلب المصالح، وأن دفع المفسدة العامة مقدم على جلب المصلحة العامة، وأنه قد تُحتَمل المفسدة الأخف تحققًا للمصلحة الأهم والأعم، ونحو ذلك مما لا يدركه سوى أهل الخبرة والاختصاص فى كل علم وفن ومؤسسة ممن تتوافر لهم كامل المعلومات المعينة على اتخاذ القرار الصحيح فى الوقت المناسب".
فيما وجه الدكتور عبد اللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ، وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية، الشكر لمصر على استضافة الدورة الثالثة عشرة للمجلس التنفيذى لمؤتمر وزراء الأوقاف والشئون الإسلامية بدول العالم الإسلامي، تحت رعاية الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء.
وأضاف آل الشيخ، أن وزارات الأوقاف والشئون الإسلامية يجب عليها توجيه وتوحيد جهودها لنشر الإسلام الوسطى المعتدل ومواجهة الفكر المتطرف والتحديات التى تكيد لأوطانها فى استقرارها، مؤكدا أنها قادرة على محاربة هذه الأفكار الضالة التى تحاول الولوج إلى مجتماعاتنا ودفع أخطار عظيمة على مواطنينا والبشرية، والوقوف ضد كل من يقف أمام ثوابتنا.
وأكد وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية، أهمية تكامل وتضافر الجهود المشتركة لتحصين المنابر من الأفكار المتشددة والمتطرفة، واستمرار التعاون المثمر بين دول العالم الإسلامى .
وفى كلمته، أوضح الدكتور عبد الله سليمان عقيل الدعجة أمين عام وزارة الأوقاف الأردنية، أن الفتوى محور الخطاب الإسلامى وثمرته، ذلك أنها حكم الله (عز وجل) فى أفعال المكلفين، وقد تولى العلماء التصدى لهذا العمل الجليل ببيان الأحكام الشرعية للعباد، قال (صلى الله عليه وسلم): "يحمِلُ هذا العلمَ من كلِّ خلَفٍ عدولُه ينفونَ عنهُ تحريفَ الغالينَ وانتحالَ المبطلينَ وتأويلَ الجاهلينَ"، مؤكدًا أن الفتوى هى إخبار عن حكم الله تعالى فى الإلزام أو الإباحة وهى توقيع عن الله تعالى، ولما لها من أثر كبير فى حياة الناس وخاصة مع وقائع هذا الزمان التى لا عهد للسابقين بها كجائحة كورونا والاضطرابات والحروب والكوارث التى أنشأتها خلافات سياسية أو مذهبية أو طائفية.
وأضاف الدعجة: "فالفتوى فى كل ذلك حاضرة وشاهدة، تحرك وتوجه القضايا المركبة والمعقدة بفتوى جماعية من خلال هيئات الفتوى ومجالسها عبر فتاوى قائمة على دليل شرعى وربط بين الواقع والدليل، وبما أن المفتى موقع عن الله (عز وجل) فالقول على الله من أعظم الحرمات قال تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّى الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْى بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ)، كما أن الجماعات الإرهابية والمتطرفة اعتمدت على توظيف الفتاوى لخدمة أفكارها المنحرفة، وتوجهاتها المتطرفة، وإسقاط الآيات والأحاديث على الوقائع بشكل مخالف لضوابط الفتوى فى الفقه الإسلامى، ومراعاة لأهدافهم المختلة، فنشأ عنها الخراب والدمار وإراقة الدماء، وكل ذلك تم بدعوى دينية وتحت مظلة شرعية، ومن هنا كان لا بد أن تقتصر الفتاوى على مجالس الإفتاء والمجامع الفقهية المعتمدة، وترتيب عقوبة جزائية لكل من يتصدى للفتوى لإحداث فتنة فى المجتمع، وضبط وسائل الإعلام بعدم السماح بالفتوى لمن ليس أهلًا لها، لنشر الأمن والسلم المجتمعى، مع ضرورة الاهتمام بتحسين أحوال الأئمة والعاملين بالمساجد، وإعداد الدورات التدريبية لتأهيل الأئمة والدعاة، وضبط المنابر وتوحيد الخطبة، ولبان جوهر حقيقة الاسلام السمحة .
ومن جانبه، أكد الدكتور نور الحق قادرى الوزير الاتحادى للشئون الدينية والتحالف بين الأديان فى باكستان، أن العالم يعيش اليوم فى أزمة أمنية وأخلاقية وتربوية وتعليمية فمشاهد البغى والطغيان لا تكاد تنتهي، وتخريب الأخلاق وانتهاك الحرمات قد تجاوز جميع الحدود وآليات التعليم قد فشلت.
وأضاف القادري، أنه فى مثل هذه الظروف الراهنة لا يمكن أن نغفل دور وزارات الأوقاف فى جميع الدول الإسلامية ودور العلماء والدعاة فى إصلاح مجتمعاتنا وتوجيه الخطاب الدينى بأسلوب يوافق هذا الجيل، لافتا إلى أنه حينما كان فى الولايات المتحدة مع مجموعة من الباكستانيين وسأله أحدهم سؤال حول خطبة الجمعة وشكوته من أن الخطباء لا يتكلمون من أمر الواقع ومشاكل اليوم.
وتابع الوزير الاتحادى للشئون الدينية والتحالف بين الأديان فى باكستان، أنه لتحقيق سبل التسامح والتضامن يلزم على وزارات الأوقاف التواصل بين العلماء وأولى الأمر، لأن العلماء أداة التوجيه والضبط وصلاحهم صلاح المجتمع، ووصولهم لأولى الأمر يعظم من ذلك ويفيد المجتمع وهذا من فرائض وزارات الأوقاف والشئون الإسلامية.
كما أكد الشيخ الحاج موسى درامى وزير الحكومة المحلى والشئون الدينية بجامبيا، أن دولة جامبيا تستفيد استفادة بالغة من المشاركة فى هذه الاجتماعات لبناء القدرات والكفاءات لنشر الفكر الوسطى ومحاربة التطرف والإرهاب، متمنيًا أن يؤتى هذا الاجتماع ثمرته المرجوة وترسيخ العمل المشترك بين الدول الأعضاء.