قال اللواء محمد إبراهيم الدويري نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن معارضة رئيس الوزراء الإسرائيلى نفتالى بينيت قيام دولة فلسطينية وعدم السماح بمفاوضات سياسية ورفضه عقد لقاءات مع أي من قيادات السلطة الفلسطينية، رسالة واضحة للغاية، وهي أن المرحلة القادمة خاصة عام 2022 لن تشهد أى تحرك إسرائيلى فى عملية السلام وعلى الأقل حتى يترك منصبه فى منتصف العام المقبل لوزير خارجيته يائير لابيد .
وأضاف الدويري في مقاله بصحيفة (الأهرام) الصادرة اليوم الأحد، بعنوان (رسالة إسرائيلية واضحة إلى الفلسطينيين والعرب)- أن هذه التصريحات- التي أرفضها شكلاً ومضموناً - تتواءم بشكل تام مع سياسة الحكومة الحالية التي أسقطت عملية السلام من أجندتها، كما تتماشى مع معتقدات رئيس الوزراء الذي يتولى رئاسة حزب دينى صهيونى وهو حزب "البيت اليهودى" ولديه ستة مقاعد فقط فى الكنيست، كما أنه شغل من قبل منصب رئيس مجلس المستوطنات الإسرائيلية فى الضفة الغربية .
وتابع أنه بالرغم من أن هذه التصريحات لا تتواءم مع مواقف بعض أحزاب الائتلاف الحكومى مثل حزب هناك مستقبل وحزب العمل وميرتس والقائمة العربية إلا أنه للأسف فإن جميع الأحزاب تقدم كل التنازلات حرصا منها على استمرار تلك الحكومة الهشة "61 عضو كنيست فقط".
وأردف: "لعل أهم ما استوقفنى ليست تصريحات بينيت فى حد ذاتها بل التوجهات الإسرائيلية الإقليمية التى استند إليها فى إطلاق هذه التصريحات وأهمها استمرار التطبيع الإسرائيلى مع بعض الدول العربية وتعميق هذا التطبيع بتوقيع العديد من الاتفاقات التى تدعم وضعية الموقف الإسرائيلى، عدم اتخاذ إسرائيل حتى الآن أى خطوات لاستئناف المفاوضات المتوقفة مع الجانب الفلسطينى منذ أبريل 2014، بل على العكس فإنها تتخذ جميع الإجراءات المتشددة، سواء بناء المستوطنات أو اعتقال الفلسطينيين، أو هدم بعض المنازل فى القدس الشرقية وتهجير سكانها، بالإضافة إلى تركيز إسرائيل على تهديدات إيران ووكلائها للأمن والاستقرار فى المنطقة واعتبار أن هذا الأمر يمثل مصلحة إسرائيلية/ عربية مشتركة وله أولوية على أى قضايا أخرى وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
وأوضح أن هناك سببين رئيسيين دفعا بينيت لإطلاق هذه التصريحات أولهما حرصه على توجيه رسالة واضحة للدول العربية والفلسطينيين أنه لن تكون هناك أى علاقة بين مسار التطبيع المتسارع وبين إحراز أى تقدم فى القضية الفلسطينية، أما السبب الثاني فيتمثل فى تأكيد بينيت أن اللقاءات التى تمت مؤخراً بين كلٍ من وزير الدفاع بينى جانتس ووزير الخارجية يائير لابيد مع القيادة الفلسطينية لن يكون لها أدنى تأثير على عملية السلام، ولا يمكن البناء عليها سواء تمت بتنسيق معه أو بمبادرات شخصية من الوزيرين الإسرائيليين.
وقال إنه من المؤكد أن هذا الموقف الإسرائيلى يضرب بعرض الحائط ليس فقط القرارات الدولية التى مازالت تؤكد الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى، وإنما يتصدى بصورة يعلوها التحدى لموقف الإدارة الأمريكية التى تتبنى مبدأ حل الدولتين، والتى حرص وزير الخارجية الأمريكى على تأكيده خلال الاتصال الذى تم بينه وبين الرئيس الفلسطينى أبو مازن يوم 31 يناير الماضى، وللأسف لايزال الموقف الأمريكى متراجعاً فى هذا الصدد.
وأشار إلى أن هذه الرسالة الإسرائيلية السلبية يجب أن نستثمرها ونحولها إلى قوة إيجابية لصالحنا، حيث لابد أن يكون هناك موقف عربى وفلسطينى يأخذ فى اعتباره إعادة تذكير بينيت بأن القضية الفلسطينية سوف تظل هى القضية العربية المحورية مهما تكن الظروف الإقليمية والدولية، وهنا أستعير وأؤيد تصريح أحد القيادات الفلسطينية رداً على هذه التصريحات بأن الدولة الفلسطينية هى حتمية تاريخية، وأن الأمن والاستقرار والسلام لن يتحقق فى المنطقة إلا من خلال إقامة الدولة الفلسطينية.
واقترح اللواء محمد إبراهيم الدويري ثلاث خطوات لهذه الوضع السياسي أولها أن يكون هناك تركيز عربى ودولى منذ الآن على أن يكون عام 2022 هو عام القضية الفلسطينية، وتنظيم بعض الفاعليات الداخلية والخارجية المتواصلة التى تدعم هذه الخطوة، ثانيا أن يتم بأى شكل من الأشكال المتفق عليها طرح رؤية عربية لحل القضية الفلسطينية، تخاطب وتقنع المجتمع الدولى تجمع بين الواقعية والثوابت حيث لا يكفى أن نردد امتلاكنا مبادرة سلام عربية مطروحة منذ عشرين عاماً دون أن ننجح حتى الآن فى تسويقها، وأخر هذه الخطوات أن تبدأ مفاوضات جادة لإنهاء الانقسام الفلسطينى بكل جوانبه حتى تكون المصالحة وتأكيد وحدة الموقف الفلسطينى خير رد على تصريحات بينيت، فخطورة الموقف الحالى أصبحت تعلو فوق مصالح فتح وحماس والجهاد وكل التنظيمات والفصائل والأشخاص.
ووجه رسالتين الأولى ومفادها إذا لم تكن هناك حركة عربية فعالة وضاغطة ونشيطة تجاه دفع حقيقى للقضية الفلسطينية فى ظل هذه الظروف فمتى نتحرك؟، والرسالة الثانية أوجهها إلى المسئولين الإسرائيليين ومفادها إذا كنتم بهذه التصريحات والمواقف تقتلون كل آمال الشعب الفلسطينى فى أن تكون له دولة مستقلة مثلكم تعيش بجواركم فى أمن وسلام، فماذا يمكن أن تتوقعوا من شعب محتل تتعاملون معه بسياسة الحديد والنار وإنكار أقل حقوقه المشروعة التى اعترف بها العالم أجمع؟.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة