كان الاحتفال بيوم الشهيد مناسبة لتذكر سلسال الأبطال من القوات المسلحة، على مدى التاريخ الحديث، ويتخذ رمزيته مع استشهاد الفريق أول عبدالمنعم رياض رئيس أركان القوات المسلحة الأسبق، على الجبهة وسط الجنود والضباط أثناء عملية بناء القوات المسلحة وحرب الاستنزاف. وحسب ما ذكره الكاتب الراحل الكبير محمود عوض فى كتابه «اليوم السابع الحرب المستحيلة، حرب الاستنزاف»: «لم يكن عبدالمنعم رياض ضابطا عاديا منذ بدايته، كان عاشقا للعسكرية المصرية، مؤمنا بأنه لا حياة لمصر بغير جيش قوى يحميها، والجيش القوى الذى يستعد لحرب قادمة وليس لحرب سابقة، يعنى التبحر فى العلم العسكرى، يعنى أن يصبح القائد قدوة بسلوكه وليس بكلماته، لا يقول لجنوده تقدموا وإنما يقول لهم اتبعونى».
وفى ذكرى الجنرال الذهبى فى يوم الشهيد، فإن الفريق أول عبدالمنعم رياض، تجسيد لعقيدة يتصدر فيها القائد الصفوف، وفى الخطوط الأمامية، وعلى مدى سنوات سابقة استمرت عقيدة الجيش المصرى، وواصل أبطال القوات المسلحة مهامهم، وقدم بعضهم حياته فداء للوطن، فى مواجهة الإرهاب الخسيس، وهو أمر يختلف عن الحروب النظامية، لكونه يتم بخسة وغدر، ومع هذا فقد نجحت القوات المسلحة على مدى 8 سنوات فى هزيمة الإرهاب الذى أسقط دولا وهدد أخرى، ونشر الفوضى فى المنطقة، لكن الإرهاب انكسر فى مصر.
وفى الندوة التثقيفية الـ35 للقوات المسلحة بمناسبة يوم الشهيد، بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى، كانت هناك مشاهد توثيقية لبطولات الشهداء الأسطورية، الذين سقطوا فى ميدان الشرف دون أن يتركوا سلاحهم، وأيضا قصص أبطال فقدوا قطعة من جسدهم أو أصابتهم جروح، وواصلوا البطولة فى الخدمة وخارجها.
وتحدث النقيب أحمد نجيب من سلاح المشاة عن خدمته فى القوات المسلحة وتفاصيل إصابته خلال العمليات العسكرية ضد العناصر الإرهابية والتكفيرية فى شمال سيناء، حيث أصيب ببتر فوق الركبة، وقطع فى الأربطة.. ويقول: «ده خلى جوايا إصرار كبير، اقتحمت مجال الرياضة، وحصلت على المركز الرابع على العالم، وبدعوة أمى ودعمها ليا ودعم كل المصريين أقدر أجيب المركز الأول، ولو مش هتلف فى علم مصر شهيد.. هقدر أرفع علم مصر فى جميع المحافل الدولية»، ووجه كلمة للإرهابيين: «مش هتقدروا علينا».
وقال المقدم حسن مجدى من قوات الصاعقة، والذى تلقى طلقة فى صدره: «أصبت بطلقة فى الصدر، وحسيت بنزيف شديد، ولم أستسلم، ومسكت سلاحى، وغيرت الخزنة، واستمررت فى القتال.. وكان عندى إصرار أقابل ربى مقبل غير مدبر، بفضل ربنا واحترافية الزملاء الذى قدروا يقدموا الإسعافات الأولية.. وبعد الشفاء يقول: قررت الاستمرار بالخدمة فى قوات الصاعقة، وطلبت العودة إلى سيناء.. لأن جوانا عقيدة ثابتة.. وعندنا استعداد لتلبية نداء الوطن.. لأننا رجال من طراز فريد، رجالة بتخدم وطنها بشرف داخل وخارج ميدان المعركة، أرواحهم فداء للوطن، التاريخ والفخر والمجد، للشهداء، لن نخذلهم أبدا».
وحرص الرئيس فى كلمته على الإشارة إلى معاناة أهالى الشهداء، بقوله: «فراق الابن أو الزوج أو الأب صعب.. تمن كبير أوى اندفع علشان كلنا نعيش.. فأقل تمن ندفعه إننا نحافظ على اللى هما ضحوا من أجله.. شبابنا زينة شباب مصر من كل حتة.. من جيش وشرطة وقضاء.. والمواطنين العاديين».
ومن بين العروض التى جسدت بطولات الأسر، العمل المسرحى «رسالة نور» والذى تم عرضه ضمن فعاليات الندوة، ويتناول قصة أسرة تتلقى خبر استشهاد ابنها الضابط، فى تجسيد لقصص معروفة وبعضها واقعى، كيف تنتظر الأسرة عودة الابن أو الزوج، أو الأخ، ثم تتلقى فى لحظة خبر استشهاده فى ميدان الواجب، حيث جسد العمل الحقيقة التى تعيشها أسر تقدم ابنها شهيدا أو مصابا.. وهو عرض درامى أثر فى مشاعر كل الحضور، لأنه قدم تجسيدا لحالات نعرفها ويعرفها كل بيت وكل شارع.
وتم تكريم عدد من شهداء القوات المسلحة الذين استشهدوا خلال السنوات الماضية، وفى لفتة عظيمة تم تكريم والد شهيد استشهد فى عام 1999، وأم مثالية لشهيد استشهد يوم 7 أكتوبر 1973، فى لفتة تؤكد أن سلسال الشهداء والأبطال من القوات المسلحة والشرطة، يتواصل فى كل عصر، وكل بيت.