أكد الدكتور امحمد صافى المستغانمي، الأمين العام لمجمع اللغة العربية بالشارقة، أن نشر اللغات يعتبر أهم أدوات القوة الناعمة، التى تمثل جسراً للتواصل بين الشعوب، ووسيلة للتلاحم الحضارى بين الأمم والدول والمؤسسات الثقافية والعلمية، مشيراً إلى أن الكلمات المهاجرة بين اللغات، والتى أصبحت مصطلحات تتحدث بها شعوب العالم، تمثل دليلاً على التلاقح بين الثقافات، والعوامل المشتركة التى تجمع الأمم فيما بينها.
جاء ذلك فى جلسة بعنوان "المعجم التاريخي: تشابك اللغات والثقافات"، شارك من خلالها مجمع اللغة العربية بالشارقة فى فعاليات الدورة الخامسة من "المهرجان الدولى للغة والثقافة العربية"، الذى نظمته "جامعة القلب المقدس الكاثوليكية" فى مدينة ميلان الإيطالية،وترعاه "هيئة الشارقة للكتاب"، ويحتفى فى دورة هذا العام بالمعجم التاريخى للغة العربية.
وشارك فى الجلسة إلى جانب الدكتور امحمد صافى المستغانمى كل من الدكتور جوفانى جوبر، من الجامعة الكاثولوكية بميلان، والدكتور صلاح فضل، رئيس مجمع اللغة العربية بالقاهرة، والدكتور بيرنار سيركيليني، المتحدث عن الوكالة الجامعية للدول الناطقة بالفرنسية بوزارة الثقافة الفرنسية، وأدارتها الدكتورة إيزابيلا كاميرا دافليتو.
وأوضح المستغانمى خلال الجلسة أن المعجم التاريخى يعد همزة الوصل التى ربطت العالم باللغة العربية، ليكون معلماً حضارياً يسهم فى تفاعل الفكر الإنساني،واستعرض جهود الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، فى تبنى ورعاية المعجم التاريخى للغة العربية بكافة المراحل التى مر عليها المشروع الثقافى الأضخم الذى يؤرخ لألفاظ اللغة العربية ويتتبع تاريخ تطور استعمالاتها.
وأشار أن المنهج الذى عمل عليه "المعجم التاريخى للغة العربية" يسعى إلى إثبات الترابط والتلاحم بين لغات العالم كافة، حيث يتتبع اللفظ منذ ظهوره والتحولات والتطورات ومراحل الشيوع والانحسار التى طرأت عليه، إلى أن يصل إلى العصر الحديث، وفى الوقت نفسه يؤرخ المعجم للألفاظ التى أخذتها العربية من لغات أخرى، ويتتبع تلك الألفاظ، والتواريخ التى دخلت فيها على العربية حتى أصبحت جزءاً من كلمات لغة الضاد، والتى استخدم العديد منها فى القرآن الكريم.
وأوضح الأمين العام للمجمع أن المعجم التاريخى للغة العربية سيفتح الباب واسعاً لدراسة الحضارات القديمة التى استفاد منها العرب، والحضارات المتوالية التى تفاعلت معها اللغة العربية فى مسيرتها التطورية حتى وقتنا الحاضر، وهو فضاء واسع للتعرف على تاريخ العرب والمسلمين، إذ تمثل اللغة سجل الحضارات التى من خلالها تتعارف أمم العالم.
وفى جلسة أخرى بعنوان "المعجم التاريخي: نماذج ومناهج"، تحدث الدكتور مأمون وجيه، المدير العلمى للمعجم التاريخى للغة العربية، حول مشروع المعجم واصفاً إياه بأنه إنجاز العصر للغة العربية، وهو مشروع علمى كبير يصدر لأول مرة فى تاريخ اللغة العربية، مشيراً إلى أن فكرة المعجم كانت قديمة، وقامت محاولات عديدة لإنجازه، ولكنها سكنت للعديد من الأسباب، حتى اتحدت جهود مجامع العربية تحت راية مجمع اللغة العربية بالشارقة، ليتم إنجاز 17 جزءاً من المشروع، وستتوالى المجلدات الأخرى حتى يكتمل مشروع التأريخ العلمى المبنى على أسس بحثية عالية الدقة لألفاظ العربية ودلالاتها وتاريخ ميلادها وتطورها.
وفى تعليقه حول الاحتفاء بالمعجم التاريخى للغة العربية فى "المهرجان الدولى للغة والثقافة العربية"، قال الدكتور الخليل النحوي، رئيس مجلس اللسان العربى فى موريتانيا: "الاحتفاء بالمعجم التاريخى للغة العربية فى هذا المحفل العالمى يعد شهادة عرفان وإكبار بالجهود التى بذلها الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، لإخراج هذا المشروع الحضارى إلى النور، واجتماعنا تحت سقف هذه الجامعة الإيطالية العريقة يمثل اعترافاً عالمياً بمكانة اللغة العربية ودورها الحضارى على مر العصور، ومنجزها الثقافى والمعرفى الذى رفدت به حضارات العالم".
وشهد المهرجان تنظيم عدة جلسات ناقشت مواضيع متعلقة بخطوات إنجاز المعجم التاريخى للغة العربية ومنهجيته، إضافة لمعرض الكتاب العربى ومعرض للخط العربى فى ساحة الجامعة الكاثوليكية.
الدكتور امحمد صافي المستغانمي خلال الجلسة
المعجم التاريخى
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة