جلسة استثنائية عقدها مجلس الأمن الدولى، اليوم الأربعاء، بهدف تعزيز التعاون مع جامعة الدول العربية، في ظل العديد من التطورات الكبيرة، التي يشهدها العالم، سواء بسبب الأزمات الكبيرة، على غرار الأزمة الروسية الأوكرانية، أو حالة الصراع مع الطبيعة، إثر تصاعد مخاطر التغيرات المناخية، وانتشار الأوبئة، على رأسها وباء كورونا، وهو ما يتطلب تفعيلا للدور الذى تلعبه المنظمات الإقليمية، لحماية مناطقها في المرحلة الحالية، وخاصة الفاعلة منها على المستويين الدولي، والإقليمي، وفي القلب منها "بيت العرب"، والذى تضعه ظروفه الجغرافية، في منطقة من أكثر مناطق العالم التهابا.
الأوضاع الدولية كانت أحد أهم النقاط التي تناولها الأمين العام لجامعة الدول العربية، في كلمته أمام مجلس الأمن الدولي، حيث اعتبر أن التطورات الأخيرة، هي بمثابة منعطف تاريخى في النظام العالمي، ربما يكون الأخطر منذ انتهاء الحرب الباردة حيث يتصاعد الصراع بين القوى العالمية على نحوٍ ينذر بمخاطر عديدة، أمنية وسياسية واقتصادية وغيرها، محذرا من نسيان أو تجاهل أزمات المنطقة العربية في وسط هذا الوضع الدولي المتوتر، والذى من شأنه المساهمة في تأجيج هذه الأزمات الإقليمية.
وأضاف أن المنطقة العربية لا زالت تُعاني من تبعات الهزة الكبرى التي تعرضت لها في عام 2011، وثمة صراعات ما زالت مشتعلة في داخل الدول، مثل سوريا وليبيا واليمن مع كل ما يفرضه ذلك من كلفة إنسانية، واستنزاف اقتصادي، وتهديد للأمن الإقليمي في منطقتنا.
مشاركة أبو الغيط في هذا الاجتماع تأتي في سياق التشاور والتنسيق الذي يجريه مجلس الأمن مع المنظمات الإقليمية ودون الإقليمية بهدف تعزيز الشراكة بين المجلس وتلك المنظمات، حيث يأتي الاجتماع بناءً على مبادرة دولة الإمارات العربية المتحدة، بصفتها العضو العربي الحالي في مجلس الأمن، والتي تتولى الرئاسة الدورية للمجلس لشهر مارس الجاري.
ولعل التقارب الكبير بين الجامعة العربية والأمم المتحدة، قد تجلى بوضوح في العديد من المناسبات السابقة، ومنها الحوار التفاعلى "غير الرسمي" الذى أجراه "بيت العرب" مع الأمم المتحدة في سبتمبر الماضي، على هامش انعقاد الجمعية العامة، حيث لم يقتصر التعاون بينهما على القضايا السياسية، وإنما امتد إلى العديد من المسائل الأخرى، التوسع الكبير في نطاق التعاون بين المنظمتين، تزامنا مع اندلاع أزمة تفشي فيروس كورونا، والتي فتحت الباب أمام تعاون واسع النطاق لا يقتصر على الجانب الصحي، والذى يمثل لب الأزمة التى ضربت العالم، وإنما امتدت ليشمل مجالات أخرى أبرزها التحول الرقمي والاقتصاد وقضايا السكان، وهي جميعا ترتبط في الأساس بخطة التنمية المستدامة، والتي تمثل أولوية قصوى للعمل داخل "بيت العرب" في المرحلة الراهنة.
من جانبه، قال السكرتير العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، في كلمته أمام الاجتماع، إن التعاون مع جامعة الدول العربية، وغيرها من المنظمات الإقليمية، يبقى ضرورة ملحة في إطار التعددية التي يتطلع إليها العالم في المرحلة الراهنة، مشددا على ضرورة أن يكون التعاون ذات أبعاد متعددة بين الشأن المحلي للدول أعضاء المنظمتين، مرورا بالمستوى الإقليمي، وصولا إلى العالمي، مشددا على التوافق الكبير بينه وبين الأمين العام أحمد أبو الغيط، حول ضرورة مراعاة الجانب الإنساني عبر الحلول الدبلوماسية.
وأوضح أن الأزمات التي تمر بها المنطقة العربية تبقى مرتبطة بصورة مباشرة بالوضع العالمي، مشيرا إلى الأوضاع في العديد من الدول العربية، كاليمن ولبنان وسوريا والصومال وغيرها، وتأثير التطورات التي تشهدها على المجتمع الدولي بأسره.
وهنا أعرب عن تطلع الجامعة العربية للمزيد من التعاون المتبادل مع مجلس الأمن في المجالات العديدة المنصوص عليها في البيانات الرئاسية رقم 5 لعام 2019 المعتمد تحت رئاسة دولة الكويت، ورقم 2 لعام 2021 المعتمد تحت رئاسة الجمهورية التونسية، مشيرا إلى الزخم الإيجابي الذي خلقه تقرير السكرتير العام جوتيريش "أجندتنا المشتركة" هو السبيل الأوفق للانتقال بالمجتمع الدولي إلى آفاق أرحب من العمل المشترك إذا ما صدقت النية وتوافرت الإرادة السياسية، وإذا تخلينا عن التمسك بالماضي ونظرنا إلى مصالحنا المشتركة في المستقبل.
وارتكزت كلمة الأمين العام على العديد من القضايا العربية، أبرزها القضية الفلسطينية، داعيا إلى تفعيل مبدأ "الأرض مقابل السلام" وصيغة الدولتين كأساس لحل الصراع التاريخي في فلسطين، وإنهاء الاحتلال الاسرائيلي، وإقامة وطن مستقل للفلسطينيين يعيشون فيه بسلام جنب إلى جنب مع دولة إسرائيل على حدود الرابع من يونيو 1967، بينما يعتمد الاحتلال نهجا متعنتا رافضا على حدود الرابع من يونيو 1967... ولكن ما زال الطرف القائم بالاحتلال يراوغ ويرفض الدخول في مفاوضات مباشرة مع الجانب الفلسطيني على أساس المحددات المُقررة دولياً وأممياً.
بينما لم تغب سوريا عن كلمة الأمين العام، حيث شدد أن الوضع يمر بحالة من التجميد مع تعطل المسار السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة وتدهور حاد للوضع الاقتصادي والمعيشي للسوريين في كافة أنحاء البلد سواء في المناطق التي يُسيطر عليها النظام، أو تلك التي تتحكم فيها قوى أخرى إن هذا الوضع ليس قابلاً للاستمرار، لأنه ينطوي على معاناة غير محدودة للملايين من السوريين، موضحا أن هناك تخوف حقيقي من احتمالات تأثير الصدام الدولي الحالي وارتداداته السلبية على الساحة السورية.
وحذر كذلك من تصاعد الأوضاع في اليمن وليبيا، معربا عن تطلع الجامعة العربية للمزيد من التعاون المتبادل مع مجلس الأمن في المجالات العديدة المنصوص عليها في البيانات الرئاسية رقم 5 لعام 2019 المعتمد تحت رئاسة دولة الكويت، ورقم 2 لعام 2021 المعتمد تحت رئاسة الجمهورية التونسية.