وسط ما يشهده العالم من تحولات كبرى فى السياسة والاقتصاد، وتداعيات الحرب فى أوكرانيا، تتحرك الدولة المصرية بشكل مستمر وعلى خطوط متقاطعة، ولم تتوقف عن العمل فى القضايا الإقليمية، والدفع نحو المسارات السياسية فى نقاط التوتر، ومنها قضية المسار السياسى فى ليبيا، وظلت الدولة المصرية هى الطرف الذى يتمسك بوجهة نظر واحدة، على مدى سنوات، وهو ضرورة إبعاد التدخلات الخارجية، وأن يكون الليبيون وحدهم هم الطرف صاحب المصلحة والقرار فيما يتعلق ببناء المستقبل، وبدايته المسار السياسى.
ظلت مصر الطرف الأكثر حرصا على وحدة واستقرار ليبيا، والذى يراهن على قدرة الليبيين على انتزاع قرارهم وإدارة بلادهم وإخراج الميليشيات والتدخلات الخارجية، وساهمت خطوط مصر الحمراء التى أعلنها الرئيس السيسى فى تأكيد صحة الرؤية التى تدفع نحو إخراج كل الأطراف الخارجية الأجنبية، وأن تكون ليبيا لشعبها وأهلها.
بالطبع هناك أطراف خارج ليبيا لا تريد اكتمال حل سياسى يذهب إلى الاستقرار، لأن هذه الجهات لها مصالح من استمرار الفوضى، من خلال دعم المرتزقة والميليشيات المسلحة، وهؤلاء يمثلون العقبة والأزمة الأساسية، سواء قبل أو بعد المسار السياسى، ولهذا تصر مصر على إنهاء التدخلات وخروج المرتزقة، والسير نحو مسار سياسى، يحدده الليبيون، حتى يمكنهم استعادة الاستقرار، الذى هو أساس أى تنمية أو بناء.
وتتمسك الدولة المصرية بالتحرك فى كل الملفات الإقليمية، ولا تتعامل مع ملف دون آخر، حيث تمثل هذه الملفات سياقا للأمن القومى والسياسة الخارجية المصرية، ومن هنا يمكن النظر إلى استقبال الرئيس عبدالفتاح السيسى لرئيس المجلس الرئاسى الليبى محمد المنفى، حيث أكد الرئيس دعم مصر لتحقيق المصلحة العليا لليبيا والحفاظ على وحدة أراضيها وتفعيل الإرادة الحرة لشعبها، وخلال المباحثات تم التوافق على تكثيف التشاور والتنسيق بين الجانبين خلال الفترة المقبلة لمتابعة مستجدات العملية السياسية والإجراءات الخاصة بإدارة المرحلة الانتقالية والتأكيد على خروج المرتزقة والقوات الأجنبية، وإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية بشكل متزامن.
وتأتى التحركات المصرية فى إطار المبدأ المصرى الثابت الداعم لقيام مؤسسات الدولة الليبية بمسؤولياتها ودورها وصولا إلى عقد الانتخابات، وإنهاء المرحلة الانتقالية، وبما يتيح للشعب الليبى الشقيق المجال لتقرير مصيره واختيار قياداته وممثليه.
وقد حرصت مصر على أن تبقى على تواصل مع جميع الأطراف الفاعلة، انطلاقا من أن استقرار ليبيا هو الطريق إلى أمن مصر، ولهذا ثمن رئيس المجلس الرئاسى الليبى الدور المصرى وجهودها الحثيثة والصادقة لاستعادة الأمن والاستقرار فى ليبيا من خلال دعم جهود المصالحة الوطنية الشاملة بين الليبيين، وإعادة توحيد مؤسسات الدولة، ودعم تنفيذ مختلف المخرجات الأممية والدولية بشأن خروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا، بما يحفظ لليبيا وحدتها وأمنها وسيادتها.
واستعرض الرئيس والمنفى، المشهد السياسى الداخلى الحالى فى ليبيا، مع التوافق على تكثيف التشاور والتنسيق خلال الفترة المقبلة لمتابعة مستجدات العملية السياسية وإدارة المرحلة الانتقالية، وتمكين الشعب الليبى من السيطرة الكاملة على مقدراته وسيادته، وتراهن مصر على أن القرار الأول والأخير فى إنجاح أى مسارات هم الليبيون أنفسهم، والشعب الليبى من جهته لم يعد مستعدا لتقبل المزيد من الصراعات التى تستنزف جهده وأمنه وثرواته.
الزيارة التى قام بها رئيس المجلس الرئاسى الليبى، هى تأكيد لالتزام مصر، بدعم استقرار ليبيا ومصالح شعبها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة