مما لا شك أن منطقتنا مُعرَّضة لتداعيات حرب روسيا وأوكرانيا سياسيا واقتصاديا، ومن المؤكد هناك تبعات سلبية مُضاعفة على مستويات الأمن الغذائي ولا سيماء القمح والحبوب، وكذلك على أسعار النفط والغاز، وقطاعات السياحة، أما تداعياتها على مستوى السياسة فحدث ولا حرج في ظل تعقد وتشابك عدد كبير من الملفات السياسية في المنطقة في ظل الهيمنة الأمريكية وتمتع موسكو بنفوذ كبير بعدد من دول المنطقة.
لذلك فإن المنطقة قولا واحدا تتعرض لتداعيات خطيرة ومتسارعة جراء هذه الحرب، ونتحدث هنا عن أهم وأخطر هذه الملفات ألا وهو ملف القضية الفلسطينية، باعتباره الملف الأهم للعرب تاريخيا وحاضرا ومستقبلا، خاصة أن هناك تخوفا من تتراجع القضية عالميا في ظل اهتمام المجتمع الدولى بصراع روسيا وأوكرانيا، الأمر الذى يتطلب من الأشقاء الفلسطينيين بالعمل الجاد والمخلص لتوظيف ما يجرى في العالم الآن لإنهاء الانقسام والعمل على برنامج وطني موحد يخدم القضية الفلسطينية.
لأن توافق الأشقاء الفلسطينيين قطعا يعمل على تصويب البوصلة نحو الحقوق الفلسطينية من خلال خلق رأي عام دولي مساند للقضية خاصة في ضوء ما كشفته حرب روسيا وأوكرانيا من ازدواجية في المعايير الدولية وفى تطبيق القانون الدولى، فرأى العالم أجمع العقوبات المشددة والغير مسبوقة التي فرضتها أمريكا والغرب على موسكو، ليتساءل الجميع، أين هذه العقوبات والتحركات الدولية من تهديد الشعب الفلسطيني الوجودى من قبل إسرائيل وانتهاكها لكافة معايير القانون الدولى على مرمى ومسمع المجتمع الدولى.
لذا، فإن التوافق الفلسطيني الآن أصبح ضرورة حتمية وفرصة تاريخية، خاصة أننا نرى أن إسرائيل تسعى بكل قوة لتوظيف حرب روسيا وأوكرانيا لصالحها في أكثر من ملف، أهمها حرصها على تشجيع هجرة يهود أوكرانيا وروسيا لزيادة عدد سكانها من اليهود، وكذلك سعيها الدؤوب من أجل إعادة تموضعها دوليًا في إطار مساعيها لتوظيف الفرص الممكنة من الصراع الدائر في أوكرانيا من خلال محاولة لعب دور الوسيط.
وختاما، أصبح أمام العرب والفلسطينيين على أوجه الخصوص فرص وحلول علمية تمكنهم من توظيف ما يحدث في روسيا وأوكرانيا إلى تداعيات إيجابية لا سلبية، وهذا ما ستكشفه الأيام أو الأسابيع المقبلة، إما التحرك لخدمة القضية أو الانتظار إلى ما ستؤول إليه الأمور وتداعيات هذه الحرب على بنية النظام الدولى الجديد.