سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 8 مارس 1833.. محمد على باشا يرفض اقتراحات حل أزمته مع تركيا ويكتب للسفير الفرنسى: «أنا سيد كل هذه البلاد ومنتصر فى كل النقاط»

الثلاثاء، 08 مارس 2022 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 8 مارس 1833.. محمد على باشا يرفض اقتراحات حل أزمته مع تركيا ويكتب للسفير الفرنسى: «أنا سيد كل هذه البلاد ومنتصر فى كل النقاط» محمد على باشا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
انتصر الجيش المصرى، بقيادة إبراهيم باشا، على نظيره التركى فى معركة «قونيه» يوم 21 ديسمبر 1832، وأصبح على مسيرة ستة أيام من«البوسفور»، فارتعدت فرائض السلطان محمود، وفقا لعبدالرحمن الرافعى فى كتابه «عصر محمد على»، كانت انتصارات إبراهيم تتوالى على الجيش العثمانى منذ أن بدأ ضم الشام إلى مصر، فأخضع عكا فى أكتوبر 1831، واستولى على دمشق فى يونيو 1832، وحمص، وتوغل فى الأناضول حتى انتصاره فى «قونيه»، حسبما يذكر الدكتور محمد عبدالستار البدرى فى كتابه «المواجهة المصرية الأوروبية فى عهد محمد على»، مضيفا: «جاءت معركة قونيه لتضع كل الدول الأوروبية أمام خيارات صعبة، لكفالة التوازن الأمنى الأوروبى وحسابات القوة فيه، فقد أبرزت عبقرية الجندى المصرى، والقيادة الرشيدة لإبراهيم باشا».
 
يؤكد الرافعى: «نظرت روسيا بعين الخوف إلى تقدم الجيش المصرى واقترابه من عاصمة تركيا، وخشيت أن يستولى محمد على باشا على عرش السلطنة، ويمد نفوذ الدولة المصرية إلى ضفاف البوسفور والدردنيل والبحر الأسود، فعرضت على السلطان محمود استعدادها للدفاع بقواتها عن السلطنة العثمانية»، ويضيف: «هال فرنسا وإنجلترا هذا الأمر خشية أن تبسط روسيا نفوذها فى تركيا، ولمصالحهما الخاصة وليس مصالح مصر، فبذلتا جهودا لوقف تقدم الجيش المصرى حتى لا تجد روسيا مسوغا للتدخل، واستخدمت فرنسا علاقتها الودية مع مصر لإقناع محمد على بتسوية خلافه مع السلطان، وأوفدت إلى الآستانة الأميرال روسان سفيرا لها ليسعى إلى فض الخلاف المصرى التركى ويمنع التدخل الروسى».
 
يذكر«الرافعى»، أن فرنسا أرسلت أيضا الجنرال مورافييف إلى الإسكندرية، وقابل محمد على الذى أكرمه وأحسن لقاءه، كما أرسل السلطان العثمانى بإيعاز من فرنسا مندوبا عنه هو خليل باشا، وتقدما لمحمد على بعرض لحل الخلاف وديا، وهو أن يكتفى بولاية صيدا«عكا» وطرابلس والقدس ونابلس، لكن محمد على رفض وأصر على الاحتفاظ بإقليم «أدنة»، وهو من صميم الأناضول لكثرة مناجمه ووفرة أخشابه، ولأنه ينتهى بجبال «طوروس» التى أراد محمد على جعلها الحد الفاصل بين مصر وتركيا، وأمام هذه الشروط ازدادت تركيا خضوعا لروسيا، ورضيت أن تحميها بقواتها البحرية والبرية فجاء أسطول روسى، ورسا فى مياه البوسفور، ونزلت قوة من الجنود الروس إلى الشواطئ التركية الآسيوية.
 
أحدثت الخطوة الروسية غضبا فرنسيا من محمد على، كما تشير رسالتان بينه وبين «روسان» سفيرها فى تركيا، ووفقا لـ«جيلبرت سينويه» فى كتابه «الفرعون الأخير»، محمد على «ترجمة عبدالسلام المودنى، فإن رسالة «روسان» التى كتبها فى 22 فبراير 1833، حملت غطرسة، ومما جاء فيها: «لقد أضحى الاعتدال بالنسبة إلى سموكم حاجة، أما الاستمرار فى المطامع التى أظهرتموها سيجلب عليكم عواقب كارثية، والتى لا أشك أنها ستثير الخوف لديكم»..يؤكد «سينويه»، أن الباشا شعر بالمرارة، وأعلن مجروحا إلى قنصل إسبانيا «أنه لن يتزحزح ولو بمقدار رأس إبرة عن المقترحات التى سبق أن قدمها، وسيستدعى كل آلهة مصر، وسيضع كل شىء رهينا بالسلاح».. وهكذا رده فى رسالته إلى «روسان» فى 8 مارس، مثل هذا اليوم، 1833، فماذا قال فيها:
«السيد السفير: توصلت برسالتكم بتاريخ 22 من شهر فبراير، وسلمت لى من مساعدكم، وتعترضون فى هذه الرسالة على أنه ليس لى الحق فى طلب أراض أخرى غير عكا والقدس ونابلس وطرابلس، وبالتالى على سحب جيشى مباشرة، وتعلنون لى أنه فى حال رفضى، على بانتظار عواقب جادة، وأضاف مساعدكم ووفقا للتعليمات التى زودتموها بها شفاهة، بأنى إذا ما استمررت فى مطامعى أمام الشواطئ المصرية، أسطول مختلط فرنسى إنجليزى.. رجاء سيدى السفير، بأى حق تطلبون منى مثل هذه التضحية؟ لدى أمتى بأكملها، ولن يتعلق الأمر بى وحدى فى إثارة الأناضول، وبمساعدة أمتى يمكننى القيام بأكثر من هذا، فأنا سيد على كل هذه البلاد، ومنتصر فى كل النقاط، وعندما كان يعدنى الرأى العام بالاستيلاء على سورية، أخرت سير قواتى فقط من أجل حقن الدماء، ولأمنح لنفسى الوقت لأستشير مواقف السياسة الأوروبية، وكثمن لهذا الاعتدال، وللتضحيات العديدة المقدمة من طرف أمتى، والتى مكننى دعمها الكريم من تحقيق انتصارات مشهودة، يطلب منى الآن ترك البلد الذى احتله فى هذا الوقت، وسحب جيشى إلى مقاطعة صغير تسمونها باشوية، أوليس هذا إصدار حكم على بالإعدام السياسى؟
 
ومع هذا، أثق بأن فرنسا وإنجلترا لن ترفضا إنصافى والاعتراف بحقوقى، فشرفهما يعود لهذا، ولكن إذا ما كنت مخطئا فى هذا الرجاء للأسف، فإنى سأوكل أمرى بإذن الله، وسأفضل موتا مجيدا على الاحتضار، وسأخلص بكل سرور إلى قضية أمتى، وسأكون سعيدا بأن أبقى كذلك حتى آخر نفس، هذا هو قرارى الذى وصلت له، ويعطى التاريخ أكثر من مثال على إخلاص مماثل».









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة