مما لا شك أن مسلسل الاختيار بأجزائه الثلاث ملحمة درامية كشفت حقائق ومفاهيم عن مرحلة من أهم وأخطر المراحل التاريخية التى مر بها الوطن فى العصر الحديث، وأعتقد أن أعظم ما فى هذه الملحمة أنها أجرت تنشيطا لذاكرة المصريين لكل حدث خلال هذه الفترة العصيبة، والأجمل أنها بالصوت والصورة من خلال توثيق للأحداث بتسجيلات تذاع لأول مرة.
وقيمة هذه التسجيلات والتوثيق، الذى اعتمد عليها المسلسل، أنها دحضت ما كانت تروجه الجماعات الإرهابية خلال السنوات الماضية من ادعاء المظلومية بشكل مستمر لجذب تعاطف الناس وتجنيد الشباب من خلال روايات كاذبة وادعاءات باطلة، لتأتى هذه التسجيلات لتضرب ما كان يروجونه تلك الجماعات في مقتل وتعرى كذبهم وتكشف تدليسهم.
أما الجانب الإيجابى لهذه التسجيلات، أنها تساعد على بناء رؤية واضحة حول ما جرى، رؤية موثقة لا جدال فيها ولا نقاش، لذلك ففور عرض حلقات المسلسل يحدث تفاعلا جماهيريا بروح وطنية عالية، أما كتائب الجماعات الإرهابية على السوشيال ميديا فتتبع خطة ممنهجة تكشف انزعاجا تاما من أن يعرف الناس التاريخ الحقيقى المدعم بالتسجيلات والمعلومات الموثقة فيوجهون سهام التشكيك والتضليل، لكن ماذا يجنى التشكيك مع ما يتم كشفه من معلومات تكون بالصوت والصورة!!.
وهناك من يقول، لماذا يتم عرض هذه الأحداث الآن والكل شاهدها، ولما لم يتم الانتظار عشرين سنة مثلا؟، أعتقد أن الرد يكون ببساطة، هو أن الدراما الوطنية من مهمتها الأساسية إعادة بث الروح الوطنية في نفوس الناس، وأيضا من مهامها تصحيح المفاهيم والصور الخاطئة، وما أكثر من المفاهيم المغلوطة التي روجت لها عناصر الجماعات الإرهابية خلال الفترة الماضية، وإحداثها حالة من الشتات والتشكيك لدى الأجيال الناشئة خاصة على مواقع التواصل الاجتماعى، وهو ما حرصت عليه الدراما الوطنية المصرية التي قدمت خلال السنوات الماضية وعلى رأسها مسلسل الاختيار، والذى قدمت بالفعل دورًا محوريًا في بناء وتشكيل الوعي المجتمعي، وتنشيط الهوية الوطنية، بل وتقديم للأجيال الناشئة شهادة تاريخية موثقة.
ونموذجا، ما عرضته الحلقة الثامنة من مسلسل الاختيار 3 من تسجيل خطير، يكشف لقاء مهم يجمع بين المشير طنطاوى ومرسى من أجل الترتيب للفترة ما بعد إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية، حيث يهدد مرسى المشير طنطاوى، قائلا"هنولع فى البلد"، وهو ما يؤكد أنهم كانوا يتعاملون مع مصر كفرصة للنفوذ والسيطرة لا كدولة ولا وطن.
وأخيرا، فإن المتتبع لمواقع التواصل الاجتماعى والمنصات الإلكترونية يجد حالة من الزخم والتفاعل الشديد مع هذا التسجيلات الخطيرة وما يكشفه مسلسل الاختيار، لتصبح كل حلقة ترندا كل يوم على كافة المنصات ومواقع التواصل بنسب مشاهد خالية، وأعتقد أن هذا يعكس الروح المعنوية والرغبة الحقيقية للناس فى معرفة ما جرى، لتتأكد الحقيقة، بأن هذه الأعمال الوطنية لها دور مهم وأصبحت مطلبا عاجل باعتبارها حائط صد للشائعات التي تستهدف ضرب الروح المعنوية للناس، وهدم المؤسسات الوطنية..