يحفل تاريخنا العربى والإسلامى بشخصيات تاريخية صادقة مع نفسها ومع الله، هذه الشخصيات حملت الأمانة التى أوكلت إليها وأدت رسالة التى وجبت عليها، وقد فعلت ذلك بإيمان محفوف بالأخلاق الكريمة والقيم، ومن هؤلاء نور الدين محمود.
إنه أبو القاسم نور الدين محمود بن عماد الدين زنكى، الذى عاش فى الفترة بين عامى (1118- 1174 ميلادية) وقد لقبه الناس بالشهيد هذا مع أنه مات بسبب المرض فى التاسعة والخمسين من عمره، لكنهم لقبوه بذلك لأنه قضى عمره كله يدافع عن الأوطان وعن الدين، وحتى النهاية ظل جنديا يسعى لتوحيد الجميع من أجل الوقوف فى وجه الصليبين.
كان نور الدين محمود من الصادقين الراغبين فى التقرب إلى الله بطرق شتى منها القيم والأخلاق، ومنها محاربة الأعداء، حيث تصدى للحملة الصليبية الثانية، وفى سبيل ذلك قام بضم مصر إلى حلب والشام وأسقط الدولة الفاطمية، ومهد الطريق أمام صلاح الدين الأيوبى لمحاربة الصليبين.
كان نور الدين محمود إنسانا تقيا حتى وصفه البعض بأنه سادس الخلفاء الراشدين، وقال عنه ابن كثير "كان يقوم فى أعماله بالمعاملة الحسنة، واتباع الشرع المطهر" ومما يذكر فى رحمته بالناس أن أحد قادته حلم يوما بأنه يغسل ثياب نور الدين محمود، فلما سمع نور الدين بذلك أمر بإلغاء الضرائب والمكوس عن الناس وقال "هذا تأويل الرؤيا".
وقال عنه ابن الأثير "كان يتحرى العدل وينصف المظلوم من الظالم كائنا من كان، القوى والضعيف عنده فى الحق سواء" وكان نور الدين محمود كثير الصلاة ليلا وقيل كان يصلى فيطيل الصلاة، وكانت له أوراد فى النهار، وكان زاهدا كثير التشبه بالفقراء.
كان صدقه هو الذي يقوده في كل شيء حققه، وهو الذى حفظ سيرته في التاريخ حتى اليوم، إنه امتدد لأبناء آدم الطيبين في الأرض، هؤلاء الذين يمن الله عليهم فلا يفترون بما آتاهم الله، بل يحمدون الله ويصلحون في الأرض، ويعلون القيم الكبرى والسلوك القويم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة