لم أكن يوما من هواة مشاهدة ومتابعة المسلسلات التي يتم عرضها في شهر رمضان بسبب العدد الكبير والهائل من الأعمال الدرامية التي كانت تعرض خلال السنوات الماضية وسط غياب تام للمسلسلات التي لا تقدم رسالة ومعلومة للمشاهد العربي، وهو ما تسبب في حالة عزوف عدد كبير من المشاهدين عن متابعة الأعمال الدرامية خاصة بعد تعاظم دور وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن تمكن الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية من تقديم أعمال توثق تاريخ مصر بشكل واضح وصريح حرصت خلال العاميين الماضيين على متابعة مسلسل "الاختيار".
المتابعة هنا نابعة من حرصي الشديد على متابعة توثيق بالصوت والصورة لمرحلة تاريخية هامة من عمر هذا الوطن الذي عانى من تحديات وصعوبات عدة تمكنت خلالها المؤسسات الوطنية من الحفاظ على أمن واستقرار مصر، وإبعادها عن شبح الدمار والحرب الأهلية التي طالت عدد من الدول الشقيقة في المنطقة.
خلال الخمس حلقات التي تم عرضها من مسلسل "الاختيار – 3" تابعت ما حدث في مصر بشكل واضح وصريح خلال فترة حكم جماعة الإخوان الإرهابية التي حاولت أخونة كافة مؤسسات الدولة واختراقها بشكل كامل، تمهيدا لحكم يستمر لعقود قادمة دون النظر إلى لعبة الديمقراطية التي جاءت بالجماعة في انتخابات عام 2012، وهو ما يؤكد كذب وزيف الشعارات التي رفعتها الجماعة والتي نادت بالديمقراطية وحرية الرأي والتعبير والدعوة لفصل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية في البلاد.
الغريب واللافت للنظر ما وثقه "مسلسل الاختيار 3" خلال الحلقات الخمس الماضية والتي عرض في نهاية كل حلقة مقطع فيديو يثبت ويدلل على صواب وصحة التحركات الشعبية التي جرت في مصر والتي دعمتها المؤسسات الوطنية التي لم تتوانى أبدا عن تلبية نداء الشعب المصري سواء بدعم حراك الشعب في 25 يناير 2011 وإنقاذ الوطن من الاقتتال الداخلي مرورا بتسليم المجلس العسكري للسلطة عقب إجراء انتخابات في عام 2012 إلا أن اتخذ الشعب المصري قراره بالمطالبة بإسقاط حكم الإخوان الإرهابية في يونيو 2013 التي انحازت لها القوات المسلحة المصرية نزولا على رغبة المصريين.
حلقات مسلسل الاختيار كشفت مدى حرص مؤسسات الدولة المصرية على التعاون والدعم لمؤسسة الرئاسة التي لم تكن تنظر إلى هذه المؤسسات باعتبارها مؤسسات ملك للشعب المصري حصرا لكنها كانت تحاول اختراق المؤسستين الأمنية والعسكرية بعناصر تتبع جماعة الإخوان الإرهابية.
حلقات "مسلسل الاختيار 3" كشفت ما كان يجري في الكواليس خلال عام حكم جماعة الإخوان الإرهابية خاصة دور المؤسسة العسكرية ممثلة في الفريق أول عبد الفتاح السيسي – حينها – وزير الدفاع والإنتاج الحربي، والذي أشادت عناصر جماعة الإخوان بأخلاقه وصدقه وأمانته ما دفعهم لتعيينه وزيرا للدفاع لكن الرجل ظل متمسكا بالمبادئ التي تربي عليها داخل المؤسسة العسكرية ممثلة في الصدق والأمانة والشرف، وهو ما دفعه لتوجيه النصح إلى الرئيس الأسبق محمد مرسي في القرارات غير المدروسة التي كانت تتخذها مؤسسة الرئاسة خلال الفترة من 2012: 2013 والتأكيد على أهمية المصارحة والمكاشفة في التعاطي مع المشكلات التي تعاني منها مصر.
الحقيقة أن الأحداث التي عايشها الشعب المصري خلال فترة حكم جماعة الإخوان الإرهابية أثبتت مدى حنكة وقدرة المؤسسة العسكرية المصرية وقيادتها في الحفاظ على مصر التي كانت تدفع أطراف خارجية نحو إشعال الجبهة الداخلية فيها، لإحداث صدام بين المواطنين في الشارع عبر ترسيخ الانقسام إلا أن المؤسسة العسكرية ووزير الدفاع والإنتاج الحربي الفريق أول عبد الفتاح السيسي آنذاك لم يبخل بالنصائح الصادقة والأمينة إلى رئيس الجمهورية، وذلك خوفا من انزلاق مصر إلى دائرة العنف والاقتتال الداخلي بسبب القرارات الفردية التي كانت ترسخ لحكم الجماعة لسنوات طويلة وهو ما أغضب الشعب المصري الذي حاولت جماعة الإخوان الإرهابية اسكاته بعناصرها التي تحركت بشكل منظم لاستهداف أي فرد أو مكون سياسي أو حزبي ينتقد جماعة الإخوان الإرهابية أو يتظاهر ضدها.
وثق مسلسل الاختيار 3 في حلقاته التي عرضت حتى اللحظة موقف وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي منذ توليه مهام منصبه في 12 أغسطس 2012، حيث كان الرجل حريصا على تحذير الرئيس مرسي من حدوث انقسام بين المواطنين المصريين وصدام في الشارع نتيجة القرارات المتسرعة ومنها الإعلان الدستوري، وعدم مصارحة المواطنين بالقضايا الرئيسية التي كان يعاني منها الشارع وتحديدا أزمة الكهرباء، وعجز المواد البترولية، والأهم هو تحركه خلال هذه الفترة لرفع كفاءة وقدرة المقاتل المصري، وذلك نتيجة متابعته الدقيقة للصراعات المسلحة التي طالت عدد من الدول العربية والتي كانت بحاجة لاستعدادات مكثفة من الجيش المصري للتصدي لأي محاولات للعبث بأمن واستقرار هذا الوطن.
مشكلة جماعة الإخوان الإرهابية أنها خلال توليها السلطة نظرت إلى الشعب المصري ومؤسسات الدولة الوطنية باعتبارها العدو وهو ما أكده نائب مرشد الإخوان السابق خيرت الشاطر في مقطع فيديو تم عرضه في الحلقة الخامسة من مسلسل (الاختيار 3) بأن مكتب الإرشاد وعناصره لديهم "ثأر" من المؤسسة العسكرية المصرية والتي تتكون بالأساس من الشعب المصري، وهو ما يؤكد بشكل واضح وجلي أن جماعة الإخوان الإرهابية لم تتحرك لخدمة الوطن ولكن جاءت لخدمة أجندتها الضيقة التي لا تعترف بوطن.
جماعة الإخوان الإرهابية فشلت فشلا ذريعا في الوقيعة بين الشعب المصري والقوات المسلحة حيث رأت أن تكاتفهما يمثل قوة لا يستهان بها ويتصدى لمشروع أي فرد أو جماعة تسعى لإقصاء الجميع مقابل البقاء في الحكم، وحرصت الجماعة الإرهابية على الأخونة والتمكين لعناصرها في كافة مؤسسات الدولة دون الالتفات إلى تداعيات حدوث انقسام بين المصريين، لذا حرص الشعب المصري على دعم مؤسساته الوطنية لأنه واثق من صدقها وأمانتها وحرصها على الحفاظ على أمن واستقرار مصر.
لفت نظري في مسلسل (الاختيار 3 ) أدوار عدد من الفنانين الذين شاركوا في العمل وتحديدا الفنان كريم عبد العزيز (ضابط الأمن الوطني .. زكريا)، الفنان أحمد السقا (ضابط المخابرات الحربية.. مصطفى)، الفنان أحمد عز (ضابط المخابرات العامة.. مروان)، والرسالة التي نقلها المسلسل هنا بأن الأجهزة الأمنية والسيادية المصرية هما الأول والأخير هو الحفاظ على أمن وسيادة واستقرار الدولة المصرية وحماية إرادة شعبها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة