موجة عالمية من التضخم، وارتفاع لافت لأسعار السلع الأساسية، تزامنت مع الحرب التي تقودها روسيا داخل الأراضي الأوكرانية منذ 24 فبراير الماضي، وهو ما خلق حالة من التراشق الإعلامي بين موسكو وواشنطن، وتبادل مستمر للاتهامات بالتسبب في الأزمات الاقتصادية العالمية.
وفي مناسبات عدة ألقي الرئيس الامريكي جو بايدن باللوم على تحركات الكرملين في أوكرانيا وبالمثل صرح نظيره الروسي ان أخطاء الغرب بقيادة الولايات المتحدة هي السبب الرئيسي في الأزمة، وهي التهم المتبادلة التي تأتي بعد ما يقرب من شهرين علي انطلاق الحرب التي نتج عنها وقف سلاسل التوريد ونقص بعض السلع والبضائع وارتفاع أسعار النفط خاصة في الولايات المتحدة بعد ان كشفت أحدث البيانات عن وصول معدلات التضخم لمستوى قياسي جديد، في الوقت الذي صرح فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن تاثير العقوبات الاقتصادية على بلاده.
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن العقوبات الغربية "حققت نتائج معينة" في التأثير على الاقتصاد الروسي، لكنه أكد في الوقت نفسه أن الإجراءات ضد بلاده تقابل برد قوي من الكرملين.
وأضاف بوتين خلال مؤتمر صحفي إن حملة العقوبات العالمية التي تقودها الولايات المتحدة هي "حرب خاطفة" "حققت نتائج محدودة" ، وقال إن موسكو "كان عليها أن ترفع سعر الفائدة للبنك المركزي إلى 20 في المائة" لكنها نزلت في الأيام الأخيرة.
وبحسب صحيفة ذا هيل، اعترف الرئيس الروسي الذي أدلى بتصريحاته خلال مؤتمر صحفي إلى جانب الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو ، بأن الحكومة الروسية بحاجة إلى "تخصيص المزيد من الموارد ... في الوضع الحالي" لدعم الاقتصاد ، لكنه دعا إلى العمل مع الدول التي لم تنضم إلى الولايات المتحدة ضد نظام العقوبات.
وتحدي بوتين العقوبات المفروضة على موسكو، موكدا ان بلاده على استعداد للتعاون مع جميع الشركاء، الذين يرغبون في ذلك، وقال:" لن نعزل أنفسنا، ومن المستحيل عموما فرض عزلة محكمة على أي طرف في العالم الحديث، أما عزل بلد ضخم بحجم روسيا فهو مستحيل بالتأكيد، لذلك سنعمل مع شركائنا الذين يريدون التعاون".
وأكمل الرئيس الروسي: "الاقتصاد سوف يتكيف مع البيئة الجديدة ، لا نخطئ. إذا لم تتمكن من التصدير إلى بلد ما ، فهناك دائمًا بلد ثالث. إذا كان بإمكانك شراء شيء ما في بلد ما ، فهناك أيضًا بلد رابع حيث يمكنك الحصول على هذا ، وهذا أمر لا مفر منه ... لا يمكن لدولة واحدة أن تهيمن على العالم بعد الآن "، في إشارة الى الولايات المتحدة.
كما هدد بوتين الإمدادات الغذائية العالمية، منتقدًا الدول الغربية قائلاً: "إذا لم يتمكنوا من العمل معنا بشكل فعال ، فلن يكون هناك ما يكفي من الغذاء في الأسواق العالمية".
وألقى بوتين باللوم في ارتفاع الأسعار على "أخطاء الدول الغربية"، قائلا: "إذا زاد شركاؤنا الغربيون الوضع سوءًا من الناحية المالية ، من حيث التأمين والشحنات البحرية ، فسوف يزداد الوضع سوءًا ، بما في ذلك بالنسبة لهم. ارتفاع أسعار المواد الغذائية وستؤدي هذه المشاكل إلى الجوع في العديد من المناطق حول العالم وسيؤدي ذلك إلى مزيد من تدفقات الهجرة بما في ذلك نحو أوروبا ".
كما أكد بوتين أن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا ستحقق مهامها وأهدافها، وأن صدام روسيا مع القوى المناهضة لها في أوكرانيا كان حتميًا، مشيرا الى استحالة عزل بلاده.
وقال بوتين: :" إن أهداف العملية الخاصة في أوكرانيا نبيلة ومفهومة تمامًا.. أن الهدف الرئيسي هو مساعدة سكان دونباس وشعب دونباس، الذي اعترفنا به واضطررنا إلى القيام بذلك، لأن سلطات كييف بتشجيع من الغرب رفضت الامتثال لاتفاقات مينسك الهادفة إلى حل سلمي لهذه القضية".
وتابع الرئيس الروسي: "أوكرانيا بدأت تتحول إلى موطئ قدم مناهض لروسيا وبدأت براعم القومية والنازية الجديدة، التي كانت موجودة منذ فترة طويلة، في النمو هناك"، مشددا على أنه تمت تغذية نمو النازية الجديدة في أوكرانيا بشكل متعمد، حيث كان صدام روسيا مع هذه القوى أمرا حتميا.
جائت تصريحات الرئيس الروسي بالتزامن مع اعلان السلطات الامريكية وصول معدل التضخم في البلاد لاعلى مستوى له منذ 40 عام ليسجل 8.5% وهو الامر الذي حاولات الإدارة الامريكية ارجاع سببه للحرب الأوكرانية.
وفي كلمه له، هاجم الرئيس الأمريكي جو بايدن نظيره الروسي ووصفه بالديكتاتور، والقي باللوم على الكرملين في تدهور الأوضاع الاقتصادية فيما اطلق عليه "زيادة بوتين في الأسعار".
قال بايدن: "ميزانية أسرتك ، لا ينبغي أن تتوقف على ما إذا كان الدكتاتور يعلن الحرب ويرتكب إبادة جماعية في النصف الثاني من الكرة الارضية".
وأضاف: "غزو بوتين لأوكرانيا أدى إلى ارتفاع أسعار الغاز والمواد الغذائية في جميع أنحاء العالم.. لقد رأينا ذلك في بيانات التضخم اليوم سبعون في المائة من الزيادة في الأسعار في مارس جاءت من ارتفاع أسعار البنزين بسبب بوتين."
وأثارت الأمم المتحدة وجماعات حقوق الإنسان مخاوف من أن القتال الروسي في أوكرانيا ، إلى جانب العقوبات ، أدى إلى توقف عمليات التسليم العالمية وزيادة أسعار القمح والأسمدة مما يؤثر على 1.2 مليار شخص.