فى العصر الحالى غالباً ما تأخذ المسارح إجازة خلال شهر رمضان وتوقف المسرحيات عروضها لحين انتهاء شهر الصيام لتستأنف بعده نشاطها الفنى، وهو ما يختلف كثيراً عما كان يحدث قديماً، حيث كان شارع عماد الدين يعج بالفنون ويشهد نشاطاً كبيرًا خلال شهر رمضان.
وكانت الفرق المسرحية تتنافس فى ابتكار طرق وأساليب لجذب الجمهور خلال شهر رمضان، وفى هذا التقرير نصطحبك عزيزى القارئ فى جولة بشارع عماد الدين قبل حوالى 90 عاماً لترى كيف كانت المسارح تبتكر طرقاً عديدة لجذب الجمهور خلال شهر رمضان.
كانت بوفيهات مسارح شارع عماد الدين أحد أهم وسائل جذب الجمهور وتنافست الفرق المسرحية فى تقديم ألوان من الحلويات التى يشتهر بها الشهر الكريم، واشتهر كل مسرح وفرقة مسرحية بتقديم نوعا معينا من الحلوى تميز به خلال هذا الشهر.
مهلبية رمسيس وقطايف الريحانى
فمثلاً كان بوفيه مسرح رمسيس يقدم نوعاً من المهلبية المطهية بالمكسرات، وحاولت باقى الفرق أن تقلد هذا النوع من المهلبية ولكنها لم تستطع، فى حين كان مسرح برينتانيا الذى كانت تعرض فيه فرقة الريحانى مسرحياتها مشهوراً بعمل نوع من القطايف الفاخرة التى كان يتولى صناعتها أحد الطهاة السوريين المهرة واسمه عم صبحى ، وبلغ من مهارته وبراعته وتميزه فى صنع القطايف أن كان نجيب الريحانى يشير فى إعلانات الفرقة التى ينشرها فى الصحف إلى أن مسرحه يقدم قطايف الحاج صبحى طوال شهر رمضان.
سحور الكسار
وكانت المنافسة بين الفرق المسرحية تشتد خلال شهر رمضان، حتى أن على الكسار الذى كانت فرقته تنافس فرقة الريحانى أعلن أنه سيقدم وجبة سحورا لجمهور مسرحه بعد انتهاء العرض اليومى لفرقته ، وبالفعل لاقى مسرحه إقبالاً كبيراً، لكن اكتشف الكسار وهو يحصى الأرباح والخسائر أنه خسر مبلغاً كبيراً زاد عن الألف جنيه وهو مبلغ هائل وقتها فتوقف عن تقديم السحور لجمهور مسرحه.
كنافة فاطمة رشدى
وكانت الفنانة الكبيرة فاطمة رشدى مشهورة بصوانى الكنافة حيث كانت تدعو أفراد فرقتها والكتاب والصحفيين لتناول كنافتها الشهية بعد انتهاء حفلات فرقتها .
وذات مرة كان الموسيقار كامل الخلعى ضمن المدعوين لتناول سحور فاطمة رشدى، ولكنه وصل متأخراً وانتظر نصيبه من الكنافة ولكن طال انتظاره، وعندما سأل الفنانة الكبيرة عن الكنافة اعتذرت بان المدعوين تناولوا كل الصوانى التى صنعتها، ولم يتبق له شيئاً ، وهو ما أغضب الخلعى ، وقرر أن يدبر مقلباً لضرب سمعة كنافة فاطمة رشدى.
وفى اليوم التالى كان الخلعى يسير فى شارع عماد الدين بعد الإفطار ومعه خادمه يحمل صوانى من الكنافة ويوزعها على المارة قائلاً: " دوقوا كنافة فاطمة رشدى"، وكان قد أضاف إلى الكنافة كميات من الشطة والفلفل، فكان كل من يأخذ منها قطعة يلعن فاطمة رشدى وكنافتها، وسرى الخبر بين كل معارف فاطمة رشدى والوسط الفنى الذين تندروا على طريقة انتقام الخلعى والتى شوهت سمعة كنافة فاطمة.
مائدة بديعة
واعتادت الفنانة الكبيرة بديعة مصابنى أن تقيم سرادقاً خلف مسرحها بشارع عماد الدين تقدم فيه وجبات سحور وإفطار للصائمين طوال شهر رمضان رغم أنها مسيحية، كما كانت تعطى الصائمات من الفنانات العاملات بفرقتها إجازة مدفوعة طوال شهر رمضان ومن بينهن جميلة التركية وخيرية صدقى وسعاد عبده وجمالات حسن ، وجميعهن كن من راقصات شارع عماد الدين الشهيرات.
مقالب بالمكسرات
وكانت الفنانة الكبيرة زينب صدقى تقيم موائد لأصدقائها طوال شهر رمضان ، وكثيرا ما تبادل الفنانون والفنانات المقالب التى كانوا يدبرونها لبعضهم البعض طوال شهر رمضان، ومنها عندما اتصل أحدهم بالفنانة الكبيرة أمينة رزق وقال لها أنه وعدد من الأصدقاء والصديقات حددوا يوما للإفطار على مائدتها، وتفاجئت أمينة رزق بهذه العزومة واستعدت لها ، ولكن كانت مفاجأتها أكبر عندما أعدت المائدة بالكثير من الأصناف ولم يحضر أحد من الأصدقاء الذين ادعى هذا الفنان أنهم اتفقوا على الإفطار فى بيتها، واكتشفت فى النهاية أن هذه العزومة الوهمية مجرد مقلب من زميلها كلفها مبلغاً كبيراً لإعداد هذه الأصناف الكثيرة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة