كأنه جاء من كتب الأساطير، أو كأنه حكاية تحكيها الجدات عن نبل الإنسان وعن معنى البشرية وعن وجاهة الهدف، إنه الدكتور مجدى يعقوب الصادق مع نفسه ووطنه وعلمه.
فى ظنى أن مجدى يعقوب أكثر إنسان فى تاريخنا المعاصر صدَّق رسالته وآمن بدوره، يتحرك فى أداء هذه الرسالة بسهولة ويسر دون تكلف، بفطرته التى خلقه الله عليها، كأنه يفى بنذر قديم نذره على نفسه بأنه سيساعد الناس لأن الله ساعده، وبأنه سيمد إليهم يده بالرحمة لأن رحمة الله كانت به واسعة، أراه فى شبابه وقد رفع يديه ذات يوم الى الله سبحانه وتعالى وقال يا رب إن أكرمتنى أكرمت عبادك، وإن أعطيتنى اعطيتهم، وإن منحتنى الخير منحتهم منه.
كان من الممكن لرجل قضى حياته ناجحا فى بريطانيا منذ ستينيات القرن العشرين وحتى بدايات القرن الحادى والعشرين وحصل على لقب سير، أن يعتزل ويقضى وقته فى بلاد الله الواسعة مستمتعا، لكن هذا الرجل الطيب رأى متعته أن يخدم أبناء وطنه فجاء إلى مصر وأنشأ معهد القلب وقدم خدماته الجديدة إلى الفقراء الحالمين المتعبة قلوبهم.
نعم لم تنته رحلة مجدى يعقوب الطويلة إلى الراحة والاسترخاء والاستمتاع بالماضى الطيب، لا بل عاد ليبدأ رحله جديدة فى مصر رحلة طويله قضاها فى خدمة أصحاب القلوب المتعبة حتى صار رمزا نفخر به ونسعد بما يقدمه، إن طبيعته هى طبيعة الإنسان المصرى الأصيل الذى يدفع دائما زكاة علمه وصحته ورزقه، يدفعها عن طيبه خاطر إلى من يحتاجها.
إنها رحلة طويلة قضاها فى طلب العلم، ثم فى تقديم العلم، وبالطبع فإن قيمته العظمى تكمن فى قدرته الكبيرة على العطاء، وعندما عاد باحثا عن تحقيق حلمه، لم تبهره العاصمة بلافتاتها المضيئة، لأنه لم يسعى إلى شهرة هو يملكها بالفعل، بل يسعى إلى خدمة الناس، بالتالى ذهب إلى أسوان فى جنوب مصر وأقام مشفاه العظيم المهم وقدَّم رسالته الكبرى.
وقد كان الله كريما مع مجدى يعقوب فقد شعر الناس بما يقدمه لهم فقدروه ومنحوه احترامهم وشكروا له صنيعه فعله، لذا لنا أن نفخر به وبإنسانيته التى هى التحقيق التام لمعنى أن يكون الإنسان رجل خير كما أراده الله سبحانه وتعالى وأن ينفع الناس وأن يمكث علمه فى الأرض.