يحمل كل منا العديد من الذكريات للاحتفالات والأعياد، وتظل دائمًا عالقة فى ذهنه كلما مرت عليه المناسبة، وكان نجوم الزمن الجميل يحملون العديد من الذكريات لعيد شم النسيم ووقعت لهم فيها أحداث طريفة أو غريبة.
وكان من بين النجوم الذين يحملون العديد من الذكريات لعيد شم النسيم الفنانة الكبيرة أمينة رزق التى تحدثت فى حوار نادر عن أول مرة احتفلت فيها بعيد شم النسيم بعد انضمامها لفرقة رمسيس التى التحقت بها وهى فى سن مبكرة.
وقالت الفنانة الكبيرة إن أول عيد شم نسيم شعرت ببهجته واحتفلت به بطريقة مختلفة كان عام 1926، وقبله كانت تحتفل بطرق الاحتفال العادية باللعب مع الأطفال وأكل الفسيخ والبصل.
وأوضحت أمينة رزق أنه فى هذا العام كانت قد حظيت ببعض الشهرة الفنية وذهبت فيه لأول مرة مع زملائها فى فرقة رمسيس لرحلة ينظمونها كل عام.
وذهبوا جميعًا إلى جزيرة تمتلئ بالحدائق وعربات الحنطور الخاصة التى كانت تحمل بنات العائلات الكبرى ويحرسها عدد من الحراس فى أيديهم سياط حتى يمنعوا أى شخص يحاول الاقتراب من الهوانم أو أن يضايقهن.
وأشارت أمينة رزق إلى أن بعض هؤلاء الفتيات من بنات الأسر العريقة كن ينتهزن فرصة الخروج للتنزه فى شم النسيم لإعطاء مواعيد غرامية يحاول فيها الحبيب أن يختلس نظرة من حبيبته الهانم أو أن يسرب إليها إحدى رسائله.
وقالت الفنانة الكبرى إنها وزملاؤها كانوا يتنزهون فى الحدائق إذا بهم يسمعون صوت صراخ أحد زملائهم الذى اشتبك فى معركة عنيفة مع حراس الهوانم، وذهبوا لفض المشاجرة، فعرفوا أن زميلهم هذا سبق وذهب لخطبة إحدى هؤلاء الفتيات ورفضته أسرتها لأنه مشخصاتى ولا يليق أن ترتبط به إحدى بناتهم، وطردوه شر طردة، ولكن هذا الزميل لم ينس حبه لفتاته واختلس موعد فى شم النسيم، وحاول أن يتحدث إليها ولكن الحراس اكتشفوا أمره فانهالوا عليه بالسياط، وبالكاد استطاع زملاؤه أن يخلصوه منهم، وظل هذا الشاب يبكى حتى عاد مع أعضاء الفرقة إلى القاهرة.
وتابعت أمينة رزق مستكملة أحداث هذا اليوم، مشيرة إلى أنها عادت مع زملائها إلى حى الحلمية وهم يركبون عربات الحنطور، وتصادف أنه كان زميل آخر يرتبط بعلاقة حب مع إحدى بنات الحى، وما كاد يقترب من منزلها حتى أخذ يغنى بصوت مرتفع العديد من الأغانى العاطفية، وعندم سمعته الفتاة خرجت وابتسمت له من شباكها.
وأضافت الفنانة الكبيرة أنه من سوء الحظ أن عددا من شباب الحى لاحظوا ما حدث وشعروا بالغيرة على ابنة منطقتهم، فاشتبكوا مع زميلهم الولهان، وتدخل باقى زملائه وتحول النقاش إلى معركة بين أعضاء الفرقة وشباب الحى، انتهت ببعض الإصابات للطرفين، وبعدها انطلقت أمينة رزق إلى منزلها بعد أن نجت من المعركة، وظلت ذكرى هذا اليوم لا تفارق خيالها كلما مر عليها عيد شم النسيم.
أما الفنانة برلنتى عبد الحميد فعاشت حياتها وهى لا تنسى أنها كادت تحاكم بتهمة القتل فى شم النسيم.
وقالت برلنتى فى حوار نادر إنها اعتادت أن تقضى يوم شم النسيم فى مكان بعيد عن القاهرة، ولكن تصادف أن جاء يوم شم النسيم فى أحد الأعوام وهى تمر بظروف خاصة جعلتها تغير عادتها وتبقى فى القاهرة.
وأوضحت أنها ركبت سيارتها مبكرًا وانطلقت إلى كورنيش النيل، لكنها فوجئت برجل ملقى فى الطريق، فأوقفت سيارتها وأسرعت إليه فوجدته جثة هامدة لا يتحرك، وفوجئت بتجمع الناس حولها واتهموها بأنها صدمته بسيارتها.
وحاولت الفنانة الكبيرة أن تنفى عن نفسها التهمة ولكن الناس استدعوا البوليس والإسعاف، واقتادوها إلى قسم الشرطة، وبعد أن كادت تفقد وعيها من الصدمة، أفاق الرجل واكتشف البوليس أنه تناول كمية كبيرة من الخمور حتى فقد وعيه، واعتقد الناس أن الفنانة صدمته بسارتها.
واعتادت الفنانة الكبيرة هدى سلطان فى صباها وقبل شم النسيم أن تذهب للحقول المجاورة لمنزلها وتشترى كميات كبيرة من الخس والملانة، وفى يوم شم النسيم يجتمع الأهل والجيران ليأكلوا مختلف الأطعمة الشهيرة بهذه المناسبة ومعها الخس والملانة ويستمعون إلى هدى سلطان وهى تغنى أغانى الفلاحين فى الحقول وهم يستقبلون عيد الربيع.
وفى أحد الأعوام هبط محصول الملانة هبوطًا كبيرًا لأسباب زراعية، وتشاءمت هدى سلطان من هذا الهبوط وقالت لبعض قريباتها إن هذا نذير شوم ويبشر بوقوع حدث سيئ ومحزن للناس.
وبعد شهور أعلنت الحرب العالمية الثانية طالت نيرانها العالم كله، وتسببت فى العديد من الخسائر، وتذكر أقارب هدى سلطان نبوأتها واعتادوا بعدها مراقبة محصول الملانة كل عام، حتى أنهم كانوا يتوقعون الأحداث العالمية من خلاله، ويؤمنون بأن كل توقعات وتنبؤات هدى سلطان تتحقق فى المستقبل.
وحكى الفنان الكبير محمود المليجى عن ذكرى لا ينساها فى شم النسيم عندما ركب سيارته مبكرا وانطلق إلى مدخل شبرا والذى كان وقتها عبارة عن مساحة مسطحة من الخضرة والمناظر الطبيعية، وبينما يمضى فى طريقه سمع صوت فلاح ينادى على بضاعته من الخس والملانة والبصل الأخضر بصوت جميل، فاقترب بسيارته من البائع.
وأشار الفنان الكبير إلى أنه وبشكل مفاجئ توقف صوت الرجل العذب وسمع بدلا منه مناقشة بينه وبين رجل ضخم الجثة، يستعطفه فيها الفلاح البسيط حتى يتركه يبيع بضاعته، لكن الرجل مفتول العضلات أراد أن يحصل على إتاوة من البائع البسيط ومعها جزء من بضاعته دون أن يدفع شيئًا.
وقال محمود المليجى إنه اقترب من البائع والفتوة ففوجئ بيد الفتوة الثقيلة تهوى على وجه البائع المسكين الذى لم يتمالك دموعه.
وأوضح الشرير الطيب أنه لم يتحمل هذا المشهد الذى تعامل فيه الفتوة مع البائع منتهى العنف ولافتراء ونزل من سيارته، ليجد الناس وقد التفوا حول البائع والفتوة فى وجوم واستسلام دون أن يتحرك أى منهم لنجدة الفلاح المسكين خوفاً من "فتوة الحتة".
وأضاف المليجى أن الفتوة بمجرد أن رآه ارتجف وهرب بسرعة تاركا البائع خوفا من شر وحش الشاشة، وفوجئ بعد هروب الفتوة المفترى بتصفيق الناس وهتافهم له فرحًا بأنه أفزع الرجل ضخم الجثة مفتول العضلات واضطره للهرب، وهتف الجميع للمليجى قائلين: "يعيش فتوة السينما"