أكرم القصاص

أكرم القصاص يكتب: أوكرانيا.. حرب بلا حسم وصراع حول النفوذ بالنقاط

الجمعة، 08 أبريل 2022 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بفضل أدوات الاتصال والإعلام والفضائيات و«السوشيال ميديا»، يفترض أن تكون معرفة العالم بالتفاصيل أكثر دقة، لكن الحرب الروسية فى أوكرانيا والمواجهة مع أوروبا وأمريكا، تشيران إلى العكس، حيث تبدو الحقائق أقل، والصراع أقل إتاحة للمعلومات، وأكثر إثارة للتشويش. 
 
نحن أمام حرب لا تجرى بالسلاح فقط، وبجانب الدبابات والطائرات التقليدية والمسيرة، فإن العالم أمام آلات إعلامية لا يقل ضجيجها عن جلبة الجنازير الدبابات وطلعات الطيران، وصراع تبدو القدرة على توقع نتائجه بعيدة حتى الآن، فى ظل إعلام أقرب الى ستديوهات تحليلية لمباريات كرة القدم،ينقسم المحللون لفريقين، ينخرطون فى تحليل المباريات بعد نهايتها، من دون أن يحسموا التوقعات، ويغلب الانحياز على الأغلبية من هؤلاء المحللين. 
 
فريق غربى يجزم أن روسيا خسرت الحرب، وأن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين أصابه اليأس، وغزوه يفشل بينما أوكرانيا أقوى من أى وقت مضى»، حسب وصف رئيس الوزراء البريطانى بوريس جونسون، فى المقابل تعلن روسيا ارتفاع سعر الروبل وتضاعف الاحتياطى المالى الروسى، بفضل ارتفاع أسعار النفط والغاز، وأن الشركات الصينية عوضت السوق الروسى انسحاب الشركات الغربية والأمريكية، وحتى الانسحاب الروسى يخضع لتحليلات متضادة، الغرب يراه هزيمة، وعجزا، وموسكو تعتبره انسحابا تكتيكيا، وأن الهدف هو تحقيق أهداف موسكو الأمنية وليس احتلال أوكرانيا، أو حتى تدمير مدنها مثلما فعلت الولايات المتحدة فى العراق وأفغانستان.
 
وبالرغم من تأكيدات زعماء أمريكا وأوروبا بأن العقوبات على موسكو تأتى بنتائجها، فإن الظاهر حتى الآن أن الحرب تلقى بظلالها على الجميع، وأن العقوبات لا تزال غير فاعلة تماما، الرئيس الأمريكى جو بايدن أكد أن: «عقوباتنا خلال سنة واحدة قادرة على القضاء على منجزات الاقتصاد الروسى خلال الـ15 سنة الأخيرة»، فى الوقت الذى تواصل الأسعار ارتفاعاتها فى أوروبا والولايات المتحدة، بشكل يؤثر على شعبية الرئيس الأمريكى، بينما ارتفعت العملة الروسية أمس الخميس، أمام الدولار واليورو، وجرى تداول الدولار تحت 75 روبل، للمرة الأولى منذ بدء الحرب، وفقا لـ«روسيا اليوم»، و«اليورو» تحت 81 روبل للمرة الأولى منذ 27 أكتوبر 2021. وهو ما يخالف 5 تحليلات وتوقعات لمحللين أوروبيين.
 
الرئيس الأمريكى يتمسك بأن روسيا ارتكبت جرائم حرب فى أوكرانيا، ودعا إلى إنشاء محكمة لمقاضاة الرئيس الروسى فلاديمير بوتين باعتباره «مجرم حرب»، وعلقت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، بالقول على حسابها بتيلجرام: «يا لها من فكرة رائعة، لكن دعوهم يبدأون من الغارات على يوغوسلافيا واحتلال العراق، والإتجار بالأعضاء البشرية فى كوسوفو تحت حماية المسؤولين الأمريكيين». 
 
وتتمسك الولايات المتحدة ودول أوروبية بإدانة روسيا فى مذبحة قتل المدنيين فى بوتشا، فإن روسيا تؤكد تورط النازيين الجدد بأوكرانيا فى قتل الضحايا الذين تم اكتشافهم فى المقابر الجماعية، ورد المندوب الروسى فى الأمم المتحدة: «نحن لا نتصرف مثل الأمريكيين وحلفائهم فى العراق الذين كانوا يدمرون مدنا بأكملها». 
 
وفيما يتعلق بالحصار والعقوبات، هناك تقارير تشير إلى صعوبة تطبيق الحظر فورا، وأن الأمر قد يستغرق شهورا أو سنوات، ففى حين صرح نائب مستشار الأمن القومى للبيت الأبيض داليب سينج بأن واشنطن وحلفاءها سيسعون لقطع روسيا عن جميع مداخيلها من النفط والغاز، وقال لـ«سى إن إن»، نعتقد أنه بعد فترة سنتمكن من حرمان روسيا من صفتها المورد الرئيسى للمحروقات»، وفى الوقت ذاته قالت وزيرة الخزانة الأمريكية، جانيت يلين، أمام مجلس النواب، إن الحظر الكامل على صادرات النفط الروسى، من المرجح أن يثير «زيادة مفرطة» فى الأسعار العالمية من شأنه أن يضر بالولايات المتحدة وحلفائها، وأن مزيدا من العقوبات فى النفط يتطلب زيادة الإنتاج ونقص الاحتياطى الاستراتيجى. 
 
وكل هذا، فى الوقت الذى تتعثر فيه المفاوضات، بين روسيا وأوكرانيا، بينما الرئيس الأوكرانى زيلينسكى يدعو الأمم المتحدة لانتزاع الفيتو من روسيا، وتحجيم وجودها، بينما تتمسك موسكو بالدفع نحو المفاوضات من دون أن تبدو فى الأفق أضواء تبشر بنهاية قريبة للصراع، ويقف كل فريق عند نقطة لا يريد مغادرتها، فى حرب سوف تظهر نتائجها بعد سنوات وربما عقود، فهى حرب باردة تدور حول النفوذ، وتحدد مصائر رؤساء، وربما أنظمة اقتصادية وسياسية وعسكرية، والأهم هو إعادة تشكيل النفوذ بالنقاط، فى عملية شديدة التعقيد. 
 

 

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة