ربما أكون أنا شخصيًا، كتبت مئات الأخبار والقصص عن جرائم "توظيف الأموال"، أو ما يطلق عليهم "المستريحون"، الذين يستولون على أموال المواطنين، ويداعبون مشاعرهم بحصولهم على فوائد ضخمة من الأموال، وسرعان ما يتبارى المواطنين على المتهمين لوضع "تحويشة العمر" بين أيديهم، يحصلون في بداية الأمر على فوائد كبيرة، وما أن يستولي المستريح على أكبر قدر من الأموال يهرب، وتنطلق الصرخات.
التقيت عشرات المواطنين، لا أقول عليهم ضحايا، من هؤلاء الأشخاص الذين تعرضوا للنصب على يد مستريحين، فقد وضعوا أموالهم بمحض ارادتهم بين يدي المستريحين، وكان "الطمع" حاضرًا وقاسم مشترك بين الطرفين "المستريح" و"المواطنين"، لينتهي الأمر بكارثة.
شاهدت دموع البعض تتساقط، وآخرين سكن المرض أجسادهم، وزوجات انفصلن عن الأزواج، ومشروعات زواج تعطلت، وأحلام تبددت، كل ذلك بسبب "الطمع" والسير في الطريق الخطأ، والعزوف عن وضع الأموال في البنوك بشكل سليم ورسمي، واللجوء لـ"المستريحين" أملا في الحصول على فوائد أكبر، لتكن المصيبة والكارثة كلمة النهاية.
"مستريح أسوان" أو "مصطفى البنك" كما يطلق عليه الأهالي في مدينة ادفو، أحد هؤلاء الأشخاص الذين تلاعبوا بمشاعر المواطنين، ورغم أنه في العقد الرابع من العمر، لكنه يجيد فنون الكلام، ويقنع المواطنين بمعسول الكلام، فسرعان ما تبارى عليه الجميع، بعدما أوهمهم بقدرته على توظيف أموالهم في تجارة المواشي، ليحصل منهم على نحو ربع مليار جنيه.
"سائق التوك توك"، الذي كانت أحلامه تتوقف عند حد "الخمس جنيهات" التي يحصل عليها نهاية كل "توصلية" بات في ليلة وضحاها " ملياردير"، لديه أموال طائلة، هرب بها لحضن الجبل، ظنا منه أنه في مأمن، لكن هيهات له، فقد لاحقته الشرطة وضبطته.
السؤال الذي يتبادر في ذهن الجميع الآن، هل سيكون مستريح أسوان آخر فصول جرائم توظيف الأموال، أم أن الأمر سيتكرر؟، ظني أنني سأعود لأكتب مجددًا عن مستريحين آخرين، فطالما توجد ثقافة الطمع لدى البعض، فلن تموت فكرة "المستريح".