فازت مكتبة الإسكندرية بجائزة الشيخ زايد للكتاب فرع النشر والتقنيات الثقافية، وقد أعرب الدكتور مصطفى الفقى سعادته بالفوز، مؤكدًا أنه يهدى الفوز لشعب مصر، وقد التقاه "اليوم السابع" على هامش معرض أبوظبى الدولى للكتاب، وأجرى معه حوارًا
ما التغيرات التى طرأت على المكتبة وواقع العمل المكتبى برأيكم؟
لكل عصر رموزه ولكل زمان طقوسه ومن الصعب المقارنة فى هذه الحالة إلا فى الأهداف والغايات، فكلتا المكتبتين القديمة والجديدة تسعى إلى نشر المعرفة والاستنارة والعلم ونحاول دائمًا أن تكون بقعة مضيئة فى قلب العالم، سواء كان ذلك فى العصر البطلمى أو حاليًا.
وعندما أعيدت المكتبة واستأنفت نشاطها منذ حوالى 20 عامًا، كان ذلك تأكيدًا لهذا المعنى وهو أن الهدف والغاية واحدة، ولكن الوسائل تختلف بحكم التطوّر التكنولوجى والتقدم العلمي.
كيف يؤثّر تنظيم معارض الكتب على وتيرة عمل المكتبات وبماذا يخدمها؟
معارض الكتب تعتبر عرسًا ثقافيًا تبتهج له المكتبات وتهتم به وتنزل إليه، فمعارض الكتب تبدو كأنها سوق عكاظ بالنسبة للمكتبات المهتمة بتداول الكتب ووسائل النشر وقضايا التأليف ويلتقى فيها الجميع ولم تعد مكانًا لبيع الكتب أو استعراضها، ولكنها أيضًا أماكن للندوات والحلقات الثقافية، واللقاءات الفكرية، التى أصبحت شيئاً له قيمة فى كل المعارض الدولية الكبرى.
هل لك أن تحدّثنا عن واقع التغييرات والتحديثات التى وضعتموها خلال فترة استلامكم لإدارة هذا الصرح الثقافى العريق؟
خلال السنوات الخمس الماضية التى تشرفت فيها برئاسة هذا الصرح كمدير تنفيذي، سعيت دائمًا إلى أن تقترب المكتبة من أهدافها الأصيلة وهى الربط بين الخارج والداخل، وأن تكون لها مقوّمات إنسانية واضحة، وأن تكون لها علاقات وثيقة بالمؤسّسات الثقافية الكبرى فى العالم بدءاً باليونسكو مروراً بمعهد العالم العربى والمتحف البريطاني، إلى جانب التعاون الوثيق مع مكتبة الكونجرس أيضاً والمكتبات الكبرى فى عالمنا المعاصر.
وقد نجحنا فى ذلك نجاحًا كبيرًا وتبوأت المكتبة مكان الصدارة، حتى أنها حصلت فى سنة الجائحة على الجائزة الأولى فى القدرة على التعامل مع ظروف الجائحة بنجاح شديد وواصلت رسالتها وعملها بدون انقطاع.
ومن الدلالات الكبيرة على ذلك منحها هذا العام فى معرض أبو ظبى للكتاب جائزة الشيخ زايد رحمه الله، وهو حكيم العرب، وهذه الجائزة لا تمنح لمؤسسة إلا إذا كانت تتصدّر العمل الثقافى والفكرى فى المنطقة.
وهذا ما حدث بالنسبة لمكتبة الإسكندرية، وقد جئت إلى هنا إلى أبوظبى لأتسلم الجائزة باسم المكتبة وشعرت بأن التكريم لكل من يعملون فيها بل وللشعب المصري.
ندرك أهمية الكتاب كمنطلق رئيس لبناء الإنسان، ودوره كرافد لحراك التطوّر والازدهار الحضارى والمعرفى بأوجهه المختلفة، من وجهة نظرك إلى أى حدّ ما زالت الثقافة تؤدّى هذا الدور، لاسيما فى ظل التطوّرات التى تحيط بعصرنا الراهن؟
لعلك تشير فى ذلك إلى الكلمة المكتوبة والكلمة الالكترونية، وفى الحالتين فإن الثقافة واحدة لكن الأدوات تختلف بحكم التغيّر التكنولوجى والتطوّر الثقافى الذى يحدث فى العالم كله.
وأستطيع أن أؤكّد هنا أن الكتاب هو خير جليس فى الزمان وسوف يظل على عرشه مهما تقدّمت أسباب التكنولوجيا وطرق النشر، والسبب ببساطه أن الكتاب جزء لا يتجزأ من تكوين العقل الإنسانى خصوصاً منذ أن اخترع يوحنا جوتنبرج الطباعة فى العصور الوسطى.
وقد أدركنا فى ذلك الوقت أننا أمام آلية جديدة للاطلاع والمعرفة ونشر العلم، لذلك لن تتراجع أبداً أهمية الكتاب وسوف يظل على عرشه رغم تقدّم الوسائل الإلكترونية التى لا نعترض عليها ولا نتحفظ بل نراها جزءاً لا يتجزأ من حركة التاريخ.
ساهمت جائحة كورونا فى إيجاد واقع جديد لحياة الإنسان المعاصر، برأيكم ما مدى التأثير الذى الحقته بصناعة النشر، وهل يمكن التعافى من هذه المرحلة؟
بالتأكيد كانت جائحة كورونا محنة كبيرة للنشر والكتابة والترجمة لأنها عوّقت كل شيء تقريبًا فى حياة الأمم ومسيرة الشعوب، وعانى الجميع اقتصاديًا وسياسيًا وفكريًا وثقافيًا بشكل غير مسبوق، ولكن آن الأوان لكى تخرج هذه المكوّنات من شرنقة ذلك الوباء اللعين الذى نرجو ألا يتكرّر هو أو أمثاله لأن الإنسانية بحاجة إلى قفزات ووثبات قوية إلى الأمام وليست بحاجة إلى مزيد من التعويق والتعطيل عن طريقها الذى سلكته.
لهذا نحن نعتقد أن الجائحة درس قاسٍ للإنسانية كلها وتركت آثارًا كبيرة، ولكن أهم ما فيها التضامن البشرى على المستوى الإنسانى كله، بغض النظر عن الحدود والحواجز والجنسيات.
ويجب أن نخرج من الجائحة بتجربة كبيرة وهى أن الإنسان هو سيّد هذا الكون وهو المسيطر على هذا الكوكب، شريطة أن يحسن استخدام ما منحته الطبيعة، وألا يعبث بها على نحو يؤدى إلى كارثة تغيّر المناخ التى يشهدها العالم اليوم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة