مكالمات مستمرة تصلك أسبوعيا أو شهرياً من بعض البنوك، تعرض إمكانية تسهيل قروض شخصية، على فترات من 3 إلى 8 سنوات، بمعدلات فائدة إجمالية تصل إلى حوالي 25% على أصل المبلغ، بمعنى أن القرض الذى تبلغ قيمته 100 ألف جنيه بأجل 3 سنوات ستدفعه 125 ألف تقريبا، وبالطبع سيزيد هذا المبلغ كلما زاد عدد سنوات السداد.
أغلب من تتصل بهم البنوك عملاء لديها إما بتحويل مرتباتهم خلالها، أو لديهم حسابات شخصية تتمتع بحركة سحب وإيداع نشطة، لذلك تبدأ خدمة العملاء في الفروع اتصالات مستمرة معهم، من خطوط أرضية أغلبها مصنف "أرقام مزعجة" على خدمة "ترو كولر"، مع العلم أن أكثر من يقومون بهذه الاتصالات شباب في مقتبل العمر أو ربما تحت التمرين، ومطلوب منهم تارجيت يومي للاتصالات وحصيلة شهرية، ربما سنوية للقروض.
كل ما سبق لا مشكلة فيه، ما دام لا يوجد من يجبرك على شيء، وتمارس الحرية الكاملة في اتخاذ القرار بالحاجة إلى قرض شخصي أو أي صورة من صور التمويل من عدمه، لكن الأهم وما أود التنويه إليه عبر هذه السطور، هي القدرة على التعامل مع الأعباء المالية وخدمة الديون التي ستتحملها، قبل أن تنخدع بالكلمات البسيطة والجوانب الإيجابية التي يعرضها عليك موظف خدمة العملاء، دون معرفة السلبيات أو ما قد يلحق بك من أضرار حال اتخاذ القرار بصورة عشوائية.
موظف خدمة العملاء في البنك لن يخبرك بأن كل سيولة أو أموال " كاش" لا تحتاج إليها سوف تزيد من استهلاكك الترفى، خاصة في ذروة التضخم التي يعيشها العالم، وتآكل مدخرات الأفراد بصورة واضحة، قياساً على فترات سابقة، وهذا بدوره سوف ينعكس سلباً على حجم إنفاقك، لذلك لا تلجأ أبداً إلى تمويل أو اقتراض لا تحتاجه.
قد تتصور أن حجم ما يتم سداده شهرياً لصالح القرض معقول وغير مؤثر في حجم راتبك، خاصة إن كانت مدة القرض أكبر من 5 سنوات، لكن لا تنس أن هذا العبء مستمر معك لعشرات الأشهر المقبلة، التي بالطبع سيزيد فيها حجم إنفاقك بصورة أكبر، لا سيما إن كنت مقبلاً على الزواج أو تخطط للإنجاب وبناء أسرة، لذلك عليك أن تدرس احتياجاتك بصورة تحقق أفضل النتائج، دون أن تورط نفسك في ديون متراكمة وطويلة الأجل.
من واقع خبرة الحياة أستطيع التأكيد أن فاتورة الديون أكثر الأسباب التي تؤثر على استقرار الأسرة المصرية، وأظن أنها عامل مشترك في أغلب قضايا الطلاق في الآونة الأخيرة، نتيجة الضغوط التي تخلقها على الأسرة، وتحجيم الإنفاق بصورة تحد من القدرة على تلبية احتياجاتها الأساسية الهامة، خاصة في مجتمع استهلاكي بطبعه لا يخطط لحجم إنفاقه بصورة سليمة.
النصيحة الغالية من كل السطور السابقة هي الدعوة لدراسة احتياجاتك الحقيقية والتفكير فيها دون مغامرة، أو اتخاذ قرار يتعلق بديون وأعباء مالية لمجرد مكالمة هاتفية من موظف مبتدئ في أحد البنوك، فعليك أن تدرس الموضوع مرات ومرات وتراجع الأمر كاملاً مع أسرتك، وتدرس احتياجك الحالي والمستقبلي، ومدى استقرارك الوظيفي ومشروعاتك المستقبلية، وعدم المخاطرة أو التحرك في الاتجاه الخاطئ، فلن يتحمل فاتورة ديونك سواك..
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة